رجائى عطية
رجائى عطية


مدارات

الاختيارات الشخصية وأثر المحيط !

رجائي عطية

الجمعة، 29 أكتوبر 2021 - 07:55 م

لا يمارس الآدمى اختياراته الشخصية إلاّ من خلال ما عرفه من اختيارات الناس .. سواء المعاصرين له أو الذين سبقوا.


فعقلى أو عقلك منذ بداية البداية يعمل فى محيط من اختيارات لعقول بشرية معاصرة أو ماضية..

فلزوم هذا المحيط البشرى وملازمته لحياة كل آدمى من ساعة مولده إلى لحظة وفاته ، كملازمة وملازمة المحيط الطبيعى الذى لا يفارقه إلاّ بمفارقة الحياة نفسها.


ويبدو أن هذا ملحوظ فى تركيب وسعة المخ البشرى ، وملحوظ فى تشابه العقول الذى يسمح للزنجى أن يفهم مراد الصينى والأوروبى والتعلم منه ، ويتيح لكافة أهل الأرض سماع الإذاعات بمختلف اللغات واللهجات وفهمها ..

وهذا ملحوظ أيضًا فى زيادة استجابة عالم الطبيعة لحسابات الآدميين الرياضية وقواعدهم الفزيائية والكيماوية والفلكية وقياساتهم حسب اصطلاحاتهم ورموزهم ..

وهو ما يعطى لمخ الآدمى وعقله  بقدر ما طابعًا كونيًّا يتجاوز موضع الإنسان على هذه الأرض وانتسابه إلى أشقائه فى عالم الحيوان..

وفردية اختيار الآدمى دائمًا فردية اقتطاف من حقل أو حقول أعم داخله وخارجه ، وقد تجرى مع الاقتطاف إضافات تضيفها اجتهـادات واستعدادات ومواهب خاصـة فى الفرد.


وإذن فكل إنتاج لفرد أيًّا كان وكانت موهبته هو ، أو عبقريته هـو ، أو نعمة الله عليه هو معظمه من ذلك الاقتطاف أى من ذلك الحقل الأعم الماضى والمعاصر.. فالبشرية لها قادة بلا شك ..

نعرف بعضهم ونجهل معظمهم ، لكن ليس لها صناع أو صانعون معينون يصنعون اختياراتها ..

فهذه غير قابلة لتحديد المصدر . وهو أمر يشهد به بشدة اختلاف التاريخ والنظم والعقائد والحضارات.


هذا وقد لفتت قوة تأثير ذلك المحيط البشرى فى تقدم المعرفة أنظار الآدميين من قديم ، ودعتهم إلى إنشاء المدارس والمعاهد والمكتبات والمراصد ، ثم دعتهم فى العصر الحديث إلى استخدامها بطريقة منظمة دائمة فى حل المشاكل المعينة التى تبدو أكبر من أن تترك للاختيارات الفردية.


وقد نتساءل كيف إذن يظهر النوابغ وكل من يخرج من بحر العاديين ليشكل قيمة متفردة بنبوغها! 


ظنى أنه لابد لذلك مما أسميه « فائض إحساس » غير عادى بالصدق والاستقامة لكل صاحب رسالة روحية ..

نبيًّا كان أو وليًّا أو قديسًا أو إمامًا أو شهيدًا..

ولابد من «فائض إحساس» غير عادى بالحقيقة لمن كان عالماً بعلم أو أكثر من العلوم.  


ولابد من « فائض إحساس » غير عادى بالجمال للفنان. 


هذا « الفائض » غير العادى فى الإحساس ، هو القاسم المشترك بين الإمام والعالم والفنان والأديب والشاعر.


هذا وإذا توارت المواهب أو أزيحت ، جفت حياة الناس وتزايدت مشاقهم فى مجتمع يستغرقهم بعاديات الأمور ويشغلهم بطعامهم وسكنهم وصحتهم وعملهـم وأمنهـم ..مهددين فى ذلك بمغامرات ومجازفات المستغلين حملة المراتب أو « المواهب الرسمية » الزائفة !..

الذين بيدهم مرافق الدولة يديرونهـا بمـا شــاءوا بلا فائـض إحساس بل بلا إحسـاس وبلا شعور بالمسئولية وبلا محاسبة .. لا يردهم عما اعتادوا إلاّ الخوف إن كان له سبيل !!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة