لا أنظر إلي مشروع قناة السويس الجديدة علي أنه مشروع اقتصادي فقط.. ولا نقلة كبيرة لمصر التي استعادت ثقة العالم وأصبحت قبلة للزعماء للمرة الثانية خلال عام.. يحضرون إليها ويحتفلون معها.. ويعيشون انتصاراتها.. المرة الأولي في المؤتمر الاقتصادي.. والثانية في حفل افتتاح القناة الذي أعادنا إلي الزمن الجميل والفن الراقي..

قناة السويس ليست مجرد مشروع، ولكنها صحوة أيقظت المصريين.. وأثبتت أنهم يستطيعون تحقيق المعجزات.. والقفز علي حبال الأمل لصنع المستحيل.. فشق القناة تم خلال عام واحد.. وهو مجرد بداية لمشروعات عملاقة.. يجري التحضير لها.. وعلينا أن نستعد لها ونجهز أنفسنا.. ليس بالحماس والتغني بالإنجاز فقط.. لكن بأن نستغل هذه الصحوة، لنبدأ مشروعا جديدا.. يكون هو مشروعنا الأوحد.. مشروع لبناء الإنسان.. علينا أن نبدأ خطوة جريئة، وثورة حقيقية لإصلاح التعليم في مصر.. بأن نجعل مشروعنا القادم هو تطويرالتعليم.. فلا يصح أن نعاني كل هذا التخبط.. كفانا تجارب.. ولننظر لأبنائنا في أي دولة عربية أو أجنبية.. وكيف تتعامل هذه الدول مع أبحاثهم وتجاربهم.. فهم يحققون المعجزات طالما وجدوا المناخ المناسب والقواعد الراسخة.
أما نحن فكل يوم نغير نظاما ونبحث عن آخر.. يخرج الطلبة محتجين وأولياء الأمور صارخين ولا حياة لمن تنادي.. تحولت بلدنا إلي سوق مفتوح للشهادات الأجنبية والتي ربطت جودة التعليم بمن يدفع أكثر لكن حتي الشهادات الأجنبية أصبحت للتباهي فقط.. بعد أن فقدت معناها في ظل التخبط والقواعد المتغيرة والتي لا يستطيع حتي المتخصصون اللحاق بها أو حصرها..
لقد بدأنا طريقا كنا نحلم به، طريق البناء والتنمية الحقيقي.. لكنها لن تتم إلا ببناء البشر وهو طريق صعب، لكنه ليس بمستحيل علينا فقط أن ننظر إلي ما انتهت إليه دول العالم ونبني عليه.. نغلق علي أنفسنا عشر سنوات مثلا كما فعلت ماليزيا التي استعانت بعلمائنا المصريين ليطوروا لها تعليمها وأصبحت في مصاف كبار الدول تعليميا.. وعلماؤنا موجودون ووطنيون ويتمنون لو يقدمون خدماتهم لبلدهم، وخير شاهد علي ذلك دكتور مجدي يعقوب.. الذي ترك العالم كله ليبني صرحه الطبي في أسوان، والدكتور أحمد زويل الذي أحلم وأتمني أن تكون مدينته العلمية بداية لعصر جديد للتعليم في مصر، وأعتقد مما أراه أنها مؤهلة لذلك.. والدكتور فاروق الباز الذي لا يتواني عن تلبية أي نداء لمصر وللمصريين.
فهل تكون القناة التي افتتحناها مجرد خطوة صحيحة علي الطريق؟.