الطعام.. أقصر طـــريق لجذب الأجانب
الطعام.. أقصر طـــريق لجذب الأجانب


الأكل المصري

الطعام.. أقصر طـــريق لجذب الأجانب

آخر ساعة

الأحد، 31 أكتوبر 2021 - 10:33 ص

علا نافع

الملوخية بالطشة، والمسقعة الحـــارة، والفــــتة الدســمة.. أكـــلات اشـــتهر بهــا المطــبخ المصــرى، ووقــع فـــى هــواها الكثير من السائحين، وأغلبهم يأتى لمصر لتذوق ما لذ وطاب من أكـلات الشارع، فسياحة الأكل واحدة من عناصر جذب السياحة على مستوى العالم للتعرف على ثقافة البلد والاندماج مع أهلها.

ورغم ثراء المطبخ المصرى بأكلات تراثية وأخرى من وجه بحرى والصعيد، فإن سياحة الأكل لم تنل بعد حقها من الاهتمام والترويج بالمحافل الدولية، فأغلب مهرجانات الطهى تقام بجهود فردية، فضلاً عن قلة أعدادها، وأشهرها مهرجان الطعام المصرى الذى تنظمه رابطة طهاة شرم الشيخ وجمعية الطهاة المصريين بالتعاون مع الاتحاد العالمى للحلويات والشوكولاتة، ودخلت مصر التاريخ مرة ثانية بتصنيعها أكبر طبق فول فى العالم ضمن فعاليات مهرجان الفول المصرى، الذى يعد الوجبة الشعبية الأولى فى بلدنا، وبلغت مساحة الطبق 100 متر مربع، وحاز إعجاب المحكمين الإنجليز.

ومؤخراً، روّجت وزارة السياحة والآثار لسياحة الطعام من خلال عدد من الأكلات المصرية التراثية الشهيرة لتقوم منظمة السياحة العالمية بتبنى توزيعها، واعتمد الحساب الرسمى لتنشيط السياحة على موقع "تويتر" هاشتاج "هى دى مصر"، مستخدماً أكلات ومشروبات متميزة، منها البطيخ مع الجبنة، والعسل والطحينة، وأطباق سمك الدنيس.

مانجو وكباب

للأكل المصرى سحر خاص ونكهة مميزة جعلت السفير الإنجليزى السابق فى القاهرة جون كاسن، يتذوق معظم الأطباق حتى الغريب منها بالنسبة إليه، فتناول الفسيخ والرنجة فى أعياد الربيع وشم النسيم والتى تعد من الأطباق المميزة فى ذلك اليوم، ولم يكتفِ بتجربته تلك، بل عزم زملاءه فى السفارة على تناول الإفطار من عربة فول بالسيدة زينب وظهر تلذذه بمذاق الطعام، أما فى حب المانجو الإسماعيلاوى فله قصة شهيرة، إذ قطع أميالاً ليصل إلى محافظة الإسماعيلية حتى يتذوق المانجو التى تشتهر بها، مؤكداً أن مذاقها هو الأفضل بين كافة الفواكه، كما نشر صوراً له وهو يشترى "غزل البنات" وعصير قصب من أحد شوارع القاهرة.

ولم يكن كاسن وحده الذى سُحِر بأكل المصريين، فزعيم الأغلبية الإيطالي، لوتشو باراني، عمد إلى زيارة أحد مطاعم اللحوم المشوية بشارع شبرا الشعبى لتناول الكباب وأطباق الموزة، وظهر وهو يتناول طبقه بنهم واستمتاع، مؤكداً أن الطعام المصرى لا يمكن الصمود أمامه.

أما الفنان العالمى فان دام، فأعلن ولعه بالكباب وحمص الشام، وأشار إلى أنه تناول كميات كبيرة منهما فى أثناء زيارته الأخيرة إلى مصر.

مبادرات

فى موازاة ذلك، ظهرت مبادرات شبابية عديدة أيقن مطلقوها أن السياحة الغذائية هى حجر الأساس فى منظومة تنشيط السياحة، فاستقطبوا سائحين عشقوا فن الطهى المصرى من كافة المحافظات، بل إنهم أقاموا صداقات معهم ودفعوهم لتجربة كافة الأطباق فى أجواء مصرية خالصة.

أحمد هلال، مرشد سياحى ينتمى لأسرة ريفية بسيطة من قرية "أبهنس" بمحافظة المنوفية، أطلق مبادرة "جيسى فارم" لإحياء التراث الريفى وتنشيط السياحة الريفية التى أصبحت فى طريقها للاندثار ولا يعلم السائحون عنها شيئاً، واحتل الطعام الريفى مكانة خاصة ضمن مبادرته، حيث يجرى تقديم الطعام المطهو على "الكانون"، وكذلك الفطير المشلتت من الفرن البلدى، وحققت مبادرته نجاحاً فائقاً وجعلت بلدته الصغيرة محط أنظار العالم بعد زيارة عدة أفواج سياحية لها منها إسبانيا والولايات المتحدة والهند وغيرها.

يقول أحمد لـ"آخرساعة": لا يوجد اهتمام فى مصر بسياحة الأكل رغم ثراء مطبخنا بأطعمة مختلفة، وتعد الأكلات الريفية من الأطعمة التى يجهلها السائح، وكذلك التراث الريفى مثل الفرن البلدى والكانون، ومعدات الحصاد القديمة مثل النورج، ما دفعنى لإطلاق مبادرتى داخل الحقول الخضراء، وتتضمن جولة على الحمير فى الحقول والحدائق للاستمتاع بالطبيعة الساحرة.

يتابع: تشمل المبادرة أيضاً تقديم أطعمة تشتهر بها البيئة الريفية، مثل طواجن البطاطس والدجاج المطهو داخل الفرن البلدى، وكذلك الفطير المشلتت وأطباق الجبنة القديمة المخزنة فى البلاص أو الزلعة، مع شرب المياه من الطلمبة أو الزير.

وعن نجاح مبادرته يقول: منذ اليوم الأول لقدوم أصدقائى الإنجليز إلى القرية حتى عشقوها وعقدوا صداقات مع أهلها رغم اختلاف اللغة، ناهيك بالطقس الساحر الذى يختلف عن جو الريف الإنجليزى، وشاركت بعض الأجنبيات سيدات القرية فى شواء البطاطا داخل الفرن البلدى وطهو الطواجن المختلفة، بل إنهن قررن إعدادها فى بيوتهن بلندن لحلاوتها وطعمها المميز، مؤكداً أن سياحة الأكل تلعب دوراً كبيراً فى تنشيط السياحة.

أكبر طبق كشرى

فى مساء أحد الأيام انتابت الحيرة عمرو أشرف ورفاقه حول المطعم الذى يتناولون فيه عشاءهم، وثار نقاش بينهم بشأن أفضل المطاعم، ومدى نظافتها وأسعارها، فقرروا النزول إلى الشارع والبحث عن جودة الطعام ومذاقه وأسعاره، حتى أنهم جربوا ما يزيد على مائتى مطعم فى القاهرة والإسكندرية ليهديهم تفكيرهم إلى إطلاق تطبيق إلكترونى على الموبايل أسموه "انجزنى"، متخصص فى البحث عن أفضل المطاعم وتوفير طريقة للطلب عبر الإنترنت.

وجاءتهم فكرة إقامة مهرجان عالمى للطعام للإسهام فى تنشيط سياحة الأكل على غرار المهرجانات الإيطالية والدنماركية، وتعاونوا مع أحد أشهر محلات الكشرى بالقاهرة وصنعوا أكبر طبق كشرى بالعالم وصل وزنه لأكثر من ستة آلاف كيلوجرامات والذى دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية، وتوجهوا لدعوة كبار الطهاة الإنجليز بجانب بعض الطهاة الهنود فضلاً عن أشهر الطهاة المصريين.

الطعام أقرب طريق

فيما يقول رضا مصطفى، خبير السياحة الغذائية: تحتل سياحة الأكل مكانة كبرى عند السائحين، فكل سائح يحب تناول أطعمة الدولة التى يزورها للتعرف إلى ثقافتها وتاريخها، وتتمتع مصر بتنوع كبير فى الأطعمة من شأنه أن ينعش هذه السياحة، فلدينا الطعام الريفى والنوبى والبدوى، وكلها مطابخ ذات نكهة مميزة، ويمكن الاستفادة من ذلك التنوع بترويج السياحة عبر إقامة مهرجانات الطهى والتذوق ودعوة كبار الطهاة الأجانب للمشاركة فيها، مشيرا إلى أن هذه السياحة تعد واحدة من مصادر الدخل الاقتصادى الهامة.

ويقـــــترح مصطــفـى الاسـتـعـانـــة بأشــهــر الشخصيات العالمية ودعوتهم لزيارة مصر وتناول الأطعمة والفواكه المحلية كإحدى وسائل تنشيط السياحة، وكذلك التوسع فى إطلاق مهرجانات الطهى العالمية وتقديم جوائز قيمة للفائزين.

أما الدكتورة لمياء كامل، مساعدة وزير السياحة للترويج، فتقول: يتنوع المطبخ المصرى بالكثير من النكهات، وأخيراً نجح الطهاة المصريون فى دمج عدة أكلات مع بعضها البعض بنكهة مصرية خالصة، وهذا بلا شك يجذب المزيد من السائحين العاشقين لسياحة الأكل، مؤكدة أن الوزارة تروج هذه السياحة بالتعاون مع منظمة السياحة العالمية من خلال إعداد قائمة بالأكل التراثى الشهير مثل الفول والطعمية والفريك وأم على.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة