أدب الطعام
أدب الطعام


الأكل المصري

أدب الطعام.. أفواه وأقلام

آخر ساعة

الأحد، 31 أكتوبر 2021 - 10:54 ص

حسن حافظ

المطبخ عالم سحرى ترنو إليه الروح وتنتظر ما يخرج منه مما لذ وطاب، تخرج منه الريح الطيبة، فترقص النفوس طربا، ترتبط حياتنا بأكثر مما نعتقد بالطعام وطقوسه، لذا لم يكن غريباً أن تتحول ثقافة الطعام إلى ركن أصيل من أركان المجتمعات الحديثة، كاشفة عن أعماق هذا النشاط الإنسانى الذى يميزه عن بقية المخلوقات، عبر تقنيات الطبخ والطهي، التى تحولت إلى مادة دسمة للكتاب ينهلون منها للتعبير عن خصوصيات ثقافية وتنوع حضارى بين الشعوب التى تعارفت عبر أطباق ووصفات تتناقل فى أرجاء العالم ولا تعرف الحدود.

انتقل الاحتفاء بالطعام والطهى كرمز للاحتفاء بالحياة، إلى عالم الرواية التى عرفت على المستوى العالمى ازدهاراً لروايات الطهي، التى لا يعرفها القارئ العربى إلا فى الأدب المترجم بشكل حصري، رغم أن التراث العربى يزخر بالكثير من كتب الطبخ وثقافته، وهو فن انتقل من حضارة المسلمين إلى الحضارة الأوروبية، وهناك تطور حتى ظهر فى شكل روائى حداثى تدور أحداثه فى المطبخ، ليعكس ثقافة العالم كله عبر روائح زكية وألوان بهية.

تدور هذه النوعية من الروايات فى عالم المطبخ وتغرق فى فنون الطبخ والطهي، لتكتشف أن خلف كل طبق قصة وحكايات، بل إن الطهى باعتباره الفن الذى ينفرد به الإنسان عن غيره من الكائنات، يعكس ضمن ما يعكس الكثير من طبيعة العلاقات الاجتماعية فى المجتمع الواحد، والأوضاع الاقتصادية عبر تحديد مستوى دخل الأفراد من طبيعة الطعام الذى يتناولونه، بل يعكس الطعام عادات المجتمع وتقاليده الدينيــــة، والاحتفــــالات الشــــعبية بمناسبات مختلفة.

الاهتمام بالطعام وثقافة الطبخ كمدخل روائى أصبح صيحة عالمية، فمن أشهر الروايات التى تتحدث عن هذا العالم المدهش، نجد رواية اكالماء للشيكولاتةب للكاتبة المكسيكية لورا إسكيبيل، التى صدرت عام 1989، وتعد بلا جدال النموذج الأبرز والأشهر لروايات الطهى والمطبخ، إذ تدور حول سيدة تحب رجلا لكنها لا تصرح بحقيقة مشاعرها قط، فتندفع فى تحويل طاقة الحب إلى إعداد وصفات ممزوجة بالمحبة تحقق بها الكثير من النجاح.

ومن أهم روايات هذا الفن نجد رواية االطبّاخب 2010، للروائى السويسرى مارتين زوتر، التى احتلت قوائم الأكثر مبيعاً على مستوى العالم وسرعان ما تحوّلت إلى فيلم سينمائي، وتدور الرواية حول شخصية شاب من سريلانكا، تعلم فنون الطبخ وأسراره فى مطبخ جدته، قبل أن تدفعه الحرب الأهلية للهرب واللجوء إلى سويسرا، حيث يعمل فى أحد مطاعم مدينة زيورخ، لنكتشف عبر عينى الطباخ السريلانكى العوالم التحتية لمدينة زيورخ التى تعكس أوضاع العالم السفلى فى أى مدينة، بالتوازى مع الكشف عن أسرار الطبخ وعالمه الذى يعكس ثقافة وفلسفة شعوب شرق آسيا، القائمة على ضرورة التوازن فى عناصر الجسم الرئيسية لتجنب الأمراض، ويحصل هذا التوازن عبر استخدام الأعشاب، لذا تنتشر الأخيرة فى وجبات شعوب شرق آسيا بكثافة.

وتعكس رواية االشيفب 2010، للأديب الهندى جاسبريت سنج، التنوع الثقافى الهائل لشبه الجزيرة الهندية وأزمتها، إذ تدور الأحداث فى إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان، لتوضح الرواية تمازج الثقافة بين الدولتين رغم الخلاف السياسى. أما رواية اشوكولاب 1999، للكاتبة البريطانية جوان هاريس، فهى واحدة من أنجح الأعمال الروائية، خاصة مع تحولها إلى فيلم حقق نجاحا كبيرا، وتدور القصة حول سيدة وابنتها تهاجران لقرية محكومة بتقاليد وعادات متزمتة، وهنا تلجأ الابنة إلى فتح محل لبيع الشوكولا بأساليب ووصفات مبتكرة فتغيِّر حياة القرية إلى الأبد.

الأدب العربى ليس غريبا عن ثقافة الكتابة عن الطبيخ، فقد أُلف الكثير من الكتب عن الطبيخ والطهي، منها اكتاب الطبيخ وإصلاح الأغذية المأكولات وطيبات الأطعمة المصنوعاتب للمظفر بن نصر بن سيار الوراق، وكتاب االطبيخب لمحمد بن الحسن البغدادي، بل لدينا كتاب االوصلة إلى الحبيب فى وصف الطيبات والطيبب لابن العديم الحلبى الذى ألفه فى القرن الثالث عشر الميلادي، ويقدم نحو 635 وصفة من المطبخ الحلبى والعربي، وهو مقسم بشكل جيد ليراعى الأطعمة التى تقدم فى الإفطار والغداء والعشاء، بل يقدم أسلوب التقديم الذى يبدأ بالمقبلات والعصائر، ثم الانتقال إلى الأطباق الرئيسية، ثم يختم بالأطباق الجانبية والتحلية، وهو تقليد استمر وانتشر من العالم الإسلامى إلى أوروبا منها إلى العالم أجمع. 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة