مابين تأميم قناة السويس التي حاول الاستعمار إبقائها في ربقته من خلال العدوان الثلاثي وبين صمود الشعب والجيش المصري في صد العدوان وحفر القناة الجديدة عقود من الإرادة والأمل



نحن قاب قوسين أو أدني من افتتاح القناة الجديدة شريان الأمل والمستقبل حيث ينتظرها ليس مضاعفة إيرادها فقط وإنما باكورة مشروعات في الإقليم متوقع منه دخل يصل إلي مائة مليار دولار لعلنا نتنفس الصعداء من العجز الدولاري الذي يصيبنا بالإحباط لعدم القدرة علي توفير احتياجاتنا الأساسية من الخارج.
حق لنا أن نشعر بالفخر والكبرياء بعمل تم انجازه في عمر قصير جدا.. إنها عزيمة الرجال الذين بتوكلهم علي الله وثقتهم في انفسهم أمكنهم ان يقدموا هذا العمل الجبار للعالم لزيادة مساحة التجارة العالمية ولتوجيه رسالة بأن المصريين مازالوا يستنشقون روح الماضي الجليل من مقاومة الاستعمار إلي إنجاز آخر يضاف إلي تأميم القناة.
إنني أدعو المصريين إلي ان يفيقوا من غفلتهم ويعلموا إن كان الإنجاز صعبا وتم تحقيقه فإن الحفاظ عليه واستثماره طريق اصعب يحتاج منا نفس ارادة الرجال الذين عملوا في البرد القارص ولفحات الحر الشديد لإنجاز مشروع حفر القناة الجديدة.. يحتاج منا اليقظة والهمة والعزيمة لإنجاز مشروعات كثيرة في أرجاء الوطن وليس في إقليم القناة فقط.
علينا ان نعتبر ان كل مشروع مهما كان صغيرا أو متوسطا أو كبيرا يساعد في زيادة الانتاج والناتج الاجمالي المحلي هو مشروع قومي نشحذ من اجله الهمم والارادة وتصميم الرجال مهما واجهتهم ظروف صعبة تعوق حركتهم.
علينا ان نفيق ونشمر سواعدنا في كل مجالات الزراعة والصناعة والا نضيع الوقت في البحث عن المصلحة الذاتية الضيقة، فآفاق الاستثمار والانتاج في المجتمع المصري مفتوحة والقناة الجديدة بدورها ستساعد وستسهم في نجاح هذه المشروعات.
يتردد في الآفاق سؤال هو كيف تعود مصر إلي ما كان بالأمس سلة العالم من الغذاء؟ هل نحن قادرون علي تحقيق ذلك وتوفير سلة الدولارات واليوروهات التي تنفق في استيراد السلع الغذائية والدقيق؟
لو اعتبرنا ذلك هدفا تتداعي له كل العقول والأيادي المصرية سنحقق الكثير والكثير وسنقضي علي البطالة.. اننا نملك قوة بشرية هائلة من الشباب علينا توظيفها من اجل تحقيق هذا الهدف القومي الممتد الذي يشبع احتياجاتنا ويعود بنا الي مركز القوة وسط العالم، فمن يملك خبزه وارادته.. لن يستطيع أحد مهما تآمر علينا ان يكسر جناح الوطن. وكما ان العد التنازلي لافتتاح القناة اقترب من نقطة الصفر لانطلاق السفن والحاويات في مجري القناة فإن العد التصاعدي لانطلاق المشروعات القومية مهما كبر حجمها أو صغر بدأ أيضا وعلينا ان ننتبه إلي ان الاعداء لن يتركونا نعمل مرة أخري بهذه العزيمة والانطلاق ولكننا نملك الارادة المصرية عنوان الكفاح ومهما كانت الظروف تستطيع ان تسجل بحروف من نور انطلاقات وراء انطلاقات.
إنني أدعو الي ايقاظ ضمائرنا وحرصنا وحبنا لبلدنا لتعود بنا مركب الحياة الي آفاق عليا فيري العالم نور قمرنا في كل مكان.
لن ينصلح حالنا قبل أن نصلح أنفسنا ولن نكتسب عزيمة الرجال الذين حفروا القناة الجديدة في زمن قياسي سوي ان نكون في نفس درجة عزيمتهم ونقاء نفوسهم وضمائرهم واعلاء كلمة الوطن فوق كل كلمة.
يمكن لبلدنا ان تعود بسرعة الفيمتو ثانية إلي أعلي درجة من التقدم لو استعاد المصريون تاريخهم وحاضرهم وكيف صنعوا المعجزات. أما الكسل والبلادة وضيق المصالح الذاتية علي حساب الوطن فسوف تعود بنا الي الغرق في الهموم والمشاكل مهما حققنا من إنجازات قومية.