ديمونة "ماپ بوكس"
ديمونة "ماپ بوكس"


من قلب إسرائيل.

«انكشاف المنشآت النووية الإسرائيلية».. بين الصخب الإعلامي والصمت الرسمي

هالة العيسوي

الأحد، 31 أكتوبر 2021 - 06:10 م

لا يتوافق الصخب والانزعاج الإعلامي الإسرائيلي، مع رد الفعل الرسمي الذى يتسم بالرصانة والهدوء، إزاء إتاحة مشاهدة منشآت إسرائيلية سرية على مواقع الخرائط الإلكترونية، بل وموافقة الرقابة العسكرية على كتابة ونشر صور كانت بالأمس القريب من المحظورات الأمنية.

وعلى رأس المنشآت التى انكشفت صورها التفصيلية مؤخرًا مفاعل ديمونة المثير للجدل، والقواعد الجوية وصواريخ أريحا أرض- أرض ذات الرؤوس النووية، والطائرات المقاتلة والطائرات الأخرى على مدارج الطائرات، وصار يمكن للجميع رؤية مروحيات القوات الجوية فى قاعدة البالماخيم، أو إلقاء نظرة على المكان الذى رست فيه الغواصات الإسرائيلية.

الانزعاج الإعلامى المبالغ فيه يأتى على خلفية التحديث الذى أجرته شركة الخرائط «ماپ بوكس» لصور الأقمار الصناعية الإسرائيلية، من 2 متر لكل بكسل إلى 50 سم لكل بكسل، وهو ما يسمح بمشاهدة المنشأة النووية في ديمونة بدقة استثنائية.

بدأ كل شيء بتعديل كايل بنجامان، وهو قانون أمريكي تم تمريره فى عام 1997 إبان إدارة كلينتون، حين رفع الرئيس صفة السرية عن مئات الآلاف من صور الأقمار الصناعية من حقبة الحرب الباردة.

وضغطت ليأتى التعديل المذكور إلى حيز الوجود ليحظر جمع وتوزيع صور الأقمار الصناعية عالية الدقة لإسرائيل والأراضى التى تحتلها، إلا بموافقة سلطة فيدرالية أمريكية، بشرط أن يكون مستوى الدقة مناسبًا.

ولا تتجاوز ما هو متاح من مصادر تجارية غير أمريكية القانون، الذى تم سنه فى أعقاب الضغط الإسرائيلي، هو السبب فى عدم وضوح صور الأقمار الصناعية للمواقع والمحليات فى إسرائيل، التى تظهر على خرائط جوجل.

وقام الرئيس السابق دونالد ترامپ بتحديث التعديل في يوليو 2020، فسمح بدقة أعلى للصور المتاحة للجمهور.

فى السابق كانت المخاوف الأمنية الإسرائيلية من وصول معلومات استخبارية وعسكرية سرية إلى أيدى أعداء إسرائيل، تتسق مع سياسة الغموض النووى التى تنتهجها تل أبيب، خاصة فيما يتعلق بمفاعل ديمونة، أما تغير الموقف ودون احتجاج فيشي بالقبول، وهو ما يلفت النظر نحو الأسباب الكامنة وراءه، فى ضوء الصراع النووى مع إيران والضغط عليها لعرض منشآتها النووية أمام العالم والسماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالولوج اليها مقابل الإصرار على عدم خضوع إسرائيل لأي من الإجراءات النووية أو المعايير الدولية.

الأمر الذى يدعو المراقب للتساؤل: هل فقد مفاعل ديمونة أهميته الاستراتيچية رغم التوسعات التى أجريت فى الربيع الماضي عليه مع تقادمه، مع تداول أنباء حول استبداله بمفاعلات أخرى وحفر بحجم ملعب كرة قدم على عمق عدة طوابق يقع الآن على بعد أمتار قليلة من المفاعل القديم فى مركز شمعون بيريس للأبحاث النووية بالقرب من مدينة ديمونة؟

هل يعنى القبول بانكشاف «ديمونة» وغيره للعامة، والتخلى عن ضبابية مظهره، أنه أصبح منصوبًا فقط كخيال المآتة ردًا على المطالب الدولية بانضواء إسرائيل للمعايير الدولية، أم انها رسالة للعالم بأن إسرائيل تقبل بانكشاف منشآتها النووية كورقة ضغط على إيران، لكن دون الاضطرار للخضوع لأى إجراءات دولية؟
 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة