تغمر الابتسامة شفاه المصريين حين يتردد ان سعر عملة ما انخفض أمام الجنيه المصري، والحقيقة ليست هكذا ولكن هناك حسابات وأزمات اقتصادية تحدث الانخفاض واحيانا الانهيار.

في مصر العملات علي السواء تحسب علي أساس الدولار وليس لأي قيمة اخري في ذات العملة وموقفها المالي والاقتصادي في السوق ولهذا فأي انخفاض لأي عملة لا يكون امام الجنيه المصري ولكن امام الدولار الذي يزيد سعره في مصر سواء علي المستوي الرسمي أو الموازي او الاسود.
فمثلا لو أن اليورو كان يساوي ١٫٢ دولار في لحظة ما يصبح سعر اليورو في مصر بضرب قيمة الدولار بالجنيه المصري في ١٫٢ فاذا ما انخفض سعر اليورو واصبح يساوي ١٫١ دولار صرنا نقول بالخطأ انخفض اليورو امام الجنيه المصري؟!
نحن لا نتعامل مع العملات بل نتعامل مع عملة واحدة اسمها الدولار وهذا بطبيعته يؤثر علي كل شيء في حياتنا من ارتفاع فاتورة الواردات وزيادة العجز التجاري وارتفاع الاسعار التي تحدق بالمواطن من كل حدب وصوب فلا يستطيع ان يتنفس لحظة في أمان من اجل تلبية احتياجاته الضرورية.
أصحاب المعاشات أكثر الفئات معاناة من زيادة قيمة الدولار فهم يفتقدون قرابة نصف ما كانوا يقبضونه من مرتب ويخسرون كل الحوافز فيعودون الي بداية الحد الادني للمرتب لمن يعين حديثا وكأنهم يبدأون رحلة الانفاق وهم شيوخ ولديهم أولاد عاطلون بمرتب الحد الادني.. إنها مأساة.
القانون الجديد يحاول ان يصلح منظومة المعاش بحيث يكون ٨٠٪ من المرتب وما شأن السابقين علي المعاش ماذا يفيدون من هذا القانون.. هل تفيد نسبة العلاوة الاجتماعية حالهم البائس أم انهم يحتاجون الي معادلة حسابية تعوض الفرق بين مرتب المعاش الجديد والقديم.
أرجو ألا نصل الي تداعيات الازمة اليونانية وقد كانت سبقتها أزمات اسبانيا والبرتغال وايرلندا.. نحن علي شفا حفرة من الافلاس فالدين العام تجاوز التريليوني جنبيه والخارجي يقترب من نصف تريليون جنيه فماذا نحن فاعلون؟!
الشعب اليوناني في استفتاء عام رفض اجراءات التقشف العينية التي فرضها عليه الاتحاد الاوروبي وهدد بالخروج من دائرة اليورو ولكن عندما قرأ خبراء المال والاقتصاد هذا الخروج وجدوا ان اضراره اكثر من منافعه فقرروا مد يد العون لليونان بتقديم حزمة مساعدات اخري لمساعدتها في سداد بعض الديون مع تطبيق اجراءات اقتصادية حازمة تساعد في الخروج من الازمة.
نحن لسنا في أي دائرة اقتصادية سواء عربية او خليجية او افريقية او عالمية دولارية فمن يسد عنا هذه الديون او يقدم مساعدات اضافية كل حين من أجل ضبط السوق المصري.
الدول العربية خاصة السعودية والامارات والكويت قدموا الكثير في لحظة الازمات الاقتصادية التي اعقبت ثورتي ٢٥ يناير و٣٠ يونيو ولكن هذه المساعدات لن تستمر للأبد مثلما فعل الاتحاد الأوربي مع اليونان التي زادت ديونها وانكمش اقتصادها لدرجة اشهار افلاسها وما زال اليورو يمطر سماءها حتي لا تنهار بشكل نهائي.
نحن في حاجة الي حل جذري يخطو بنا نحو تقليل قيمة الديون المحلية والخارجية مع الأخذ في الاعتبار ارتفاع قيمة الجنيه المصري امام العملات حيث إننا عانينا كثيرا من انخفاض قيمته امام الدولار وزادت الديون واعباؤها علي المواطنين والأجيال القادمة.