أحمد غراب
أحمد غراب


يوميات الأخبار

النجوم الزاهرة

الأخبار

الإثنين، 01 نوفمبر 2021 - 04:55 م

بقلم/ أحمد غراب

لماذا لا يدرس كتاب النجوم الزاهرة فى محاسن أهل مصر والقاهرة فى المدارس والجامعات ، وخاصة كليات الآثار والسياحة؟

المماليك الأصليون أناس أحبوا مصر ، وعشقوا أهلها ، منهم جلال الدين بن يوسف بن تغرى بردى ، فقيه وأديب و ابن أحد أمراء مصر و صاحب كتاب « النجوم الزاهرة فى محاسن أهل مصر والقاهرة» و «حوادث الدهور فى الأيام والشهور» والتى سطا الاحتلال الإنجليزى على مخطوطها وترك صورة كما يفعل محترفو التزييف والتزوير ، أو كما يقول أولاد البلد « الآراريين» فى إطار عمليات السطو على المتاحف والمكتبات وأمهات الكتب ؛ حيث يقول فهيم محمد شلتوت محقق الكتاب فى مقدمته : «اعتمدت على صورة موجودة فى دار الكتب المصرية عن الأصل الموجود فى المتحف البريطانى تحت رقم 23294» كما فعل الاحتلال الأمريكانى للعراق . وقد استمتعنا بنسخ محققة ومختصرة أيام مهرجانات» القراءة للجميع.

لماذا لا يدرس كتاب «النجوم الزاهرة فى محاسن أهل مصر والقاهرة» فى المدارس والجامعات ، وخاصة كليات الآثار والسياحة ومعاهد الإرشاد السياحى؟!

القرية الفرعونية
على مسافة قريبة من متحف الفسطاط وعلى إحدى الجزر النيلية توجد الحياة الفرعونية مجسدة فى نماذج مصغرة فيما يعرف بالقرية الفرعونية ، استمتعت بزيارتها ، هى أكثر إمتاعا لمن ليس لديهم القدرة على الحركة الكثيرة ، أو بذل أى مجهود كبير كما تقول أسماء غراب إحدى المرشدات السياحيات بها .
لم نعد نستمتع بالطبعات الشعبية للكتب الدينية والتاريخية التي يصدرها الأزهر الشريف والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ؛ فالتفسير الميسر للقرآن الكريم للدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر السابق-رحمه الله-أصبح في كل بيت بفضل السنة الحسنة للطبعات الشعبية زهيدة السعر ؛ في متناول أيدى تلاميذ وطلاب المدارس والجامعات ؛ فهل يعيد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف الحالي والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف والشئون الإسلامية هذه السنة الحسنة ؟! وهل يعود المركز القومي للترجمة للطبعات الشعبية لأمهات الكتب الأجنبية ؟! فقد قرأنا كتاب « قصة الحضارة « في عدة أجزاء لوول ديورانت و « فجر التاريخ « للكاتب والأديب الإنجليزى المرموق آلن بريستيد ، وأفرد فيه لمصر بابا كبيرا باعتبارها رائدة العالم فى البحوث والدراسات العلمية وفجر التاريخ العلمى كان بها « العصور الفرعونية «.

ملحمة الأبطال !!
ترد التحية بغير حماس على غير عادتها ، ولا تعقب بسؤال الشخص عن أحواله وأحوال أولاده ، رغم أن الصباح جميل وبدأت زقزقة العصافير مبكراً تستقبل يوماً ريفياً جميلاً توزع فيه الأرزاق على الساعين إلى مشاغلهم وأعمالهم ، فقلت لها ونحن جالسون فى دهليز البيت: فيه حاجة ياستى؟! قالت : مصطفى أصيب فى الحرب مع إسرائيل ، مصطفى هو أخوها الأصغر ، ضابط شاب فى القوات المسلحة برتبة نقيب ، أشقر ، وعيناه عسليتان ، وجدى كان أصغر من والدى بعامين ، وهو فى نفس الوقت خال والدتى وعمها ، لكن يحبانه ويحترمانه بطريقة مبالغ فيها ، وحتى وفاته ـ رحمه الله ـ لم يخاطبه أحد باسمه ، بل دوما ياخالي ، ياعمى.

كعادتها تحزن جدتى بوقار وتتسلل الدموع بغزارة كالبحور على خديها المشفوطين بفعل الزمن ، وبعد انتهاء الحرب بانتصار اكتوبر العظيم ملحمة الأبطال خرج جدى من المستشفى ، وأصبح عضواً بجمعية المحاربين القدماء.

ولأن والدى صديق طفولة له حاول إقناعه بالانتساب لكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر لأنها كانت تقبل ثانوية عامة فى هذه الفترة ، وكان هو خريج كلية الشريعة والقانون ، ولا تقبل إلا ثانوية أزهرية.

وكان أسعد أيام حياته عندما كرمته جمعية المحاربين  القدماء قبل أيام من وفاته، منذ عشر سنوات، إلا أنه حصل على تكريم أدبى آخر، حيث يناديه الكبير والصغير ويخاطبه ( بمصطفى الضابط) صفته العسكرية ، لأنه الضابط الوحيد بالجيش والداخلية بالقرية . واسمه الحقيقى ( مصطفى عبدالمقصود زبادى).

المرابحة الإسلامية
لا أدرى سر النظرة الفقهية الجامدة لمعاملات البنوك الحديثة رغم أن معظمها ليس مجرد قرض جر نفعا الذى يسمونه ربا ؛ فهناك المرابحة الإسلامية ، وللدكتور نصر جعفر سلامة بمعهد البحرين للدراسات المصرفية دراسة مستفيضة حول المرابحة الإسلامية كضرورة اقتصادية حديثة فى الاقتصادات المعاصرة، لعل الذين يقحمون أنفسهم فيما لا يعلمون ولا يفقهون أن يقفوا مع أنفسهم ، وكفاهم تعويقا للمراكب السايرة بحجة الحفاظ على الدين وصون حرماته .
نحن جيل الستينيات سعدنا ببعض البرامج الإذاعية الثقافية مثل « كتاب عربي علم العالم « للإعلامى القدير أمين بسيوني و « قال الفيلسوف « للفنانة القديرة سميرة عبدالعزيز وسعد الغزاوى  و» الغلط فين ؟ « لعلي فايق زغلول و» على الناصية « لآمال فهمي و» أغرب القضايا « للأديب بهاءالدين أبوشقة ، وفي مرحلة متقدمة تابعنا مهرجانات « القراءة للجميع « و « معارض القاهرة الدولية للكتاب « والمطبوعات الشعبية للمركز القومي للترجمة .

الانسان والإيمان
هناك مشاهد مختلفة وعجيبة ومواقف غريبة ومثيرة ، ورغم تناقضها يمر عليها الكثيرون مرور الكرام ، ولا يحاولون أن يجهدوا فكرهم فى تفسير مقنع لهذه المشاهد والمواقف المتناقضة فى حياتنا .

ما التفسير المنطقى لإنسان تتوافر له كل متع الدنيا وملذاتها ، ولا يعانى من أية مشكلات ، ومع ذلك لا يشعر بأدنى قدر من الرضا والسعادة ؟ . وفى المقابل هل لدينا سبب مقنع يجعل أناسا تراكمت عليهم مشكلات الدنيا وابتلاءاتها ويعانون الأمرين كى يجدوا قوت يومهم ، ومع ذلك لديهم قدر عجيب ومدهش من الرضا والسعادة ؟.

أظن وليس كل الظن إثما أن درجة إيمان الإنسان بخالقه واجتهاده فى القرب منه والرضا بالقضاء والقدر خيره وشره حلوه ومره هى سر شعور الإنسان بالسعادة والرضا مهما أعطته الدنيا ظهرها . فالإيمان يفعل المعجزات فى النفس الإنسانية التى ألهمها الله سبحانه وتعالى فجورها وتقواها .

إذا أردنا أن ندرك كيف يفعل الإيمان بالشخصية الإنسانية فلن نجد خيرا من سيرة الفاروق عمر بن الخطاب ، رضى الله عنه ، قبل الإسلام وبعده ، فها هو عمر الذى كان فظا غليظ القلب فى الجاهلية يحكى قصة إسلامه قائلا : « ذهبت إلى المسجد أريد أن اطوف بالكعبة فإذا برسول الله عليه الصلاة والسلام قائم يصلى ، فقلت فى نفسى : لئن دنوت منه لأروعنه ، فجعلت أمشى رويدا رويدا ورسول الله قائم يصلى ويقرأ القرآن ، حتى قمت فى قبلته ما بينى وبينه إلا ثياب الكعبة ، فلما سمعت القرآن رق له قلبى فبكيت ، فلم أزل قائما فى مكانى حتى قضى رسول الله صلاته وانصرف ، فتبعته ولما أدركته قال عليه الصلاة والسلام : « ما جاء بك يا ابن الخطاب هذه الساعة ؟ « قلت : « جئت لأومن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله « فحمد الله ثم قال عليه الصلاة والسلام : « قد هداك الله يا عمر « ثم مسح على صدرى ودعا لى بالثبات «.

ولأن المقام لايتسع لسرد سيرة عمر بعد إسلامه اكتفى بموقفه وهو خليفة المسلمين عندما قابلته عجوز ، وقالت له : « كنت بيننا ترعى الغنم بشعاب مكة واليوم أصبحت أميرا للمؤمنين ، فاتق الله يا عمر « فبكى وقال لها : « جزاك الله خيرا « والتفت إلى أصحابه قائلا : « ألا تدرون من هذه العجوز ؟! قالوا : بلى . قال عمر : « إنها الصحابية خولة بنت ثعلبة التى جادلت الرسول ، عليه الصلاة والسلام ، فى زوجها وسمع الله سبحانه وتعالى قولها « .
اجتهد فى القرب من الله الذى ألهم نفسك فجورها وتقواها ، كى تكون أكثر إيمانا ورضا وسعادة.

حوار بماء الذهب
ما أجمل أن تسعى جاهدا لإصلاح ذات البين وخاصة عندما تكون طرفا فى الخصومة والمشاحنة ، لأن هذا السعى يتطلب ويستوجب مجاهدة النفس حتى لا تأخذها العزة بالإثم ، وتجنح للصفح الجميل .

وما أعظم أن يكون التسامح والعفوهو معينك فى سعيك المشكور حيث يحكى أنس بن مالك-رضى الله عنه-: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ،إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه ، فقال عمر : ما أضحكك يا رسول الله ، بأبى أنت وأمى ؟ فقال : « رجلان جثيا من أمتى بين يدى رب العزة تبارك وتعالى فقال أحدهما : يارب ، خذ لى مظلمتى من أخى . قال الله تعالى : أعط أخاك مظلمته . قال: يارب ، لم يبق من حسناتى شئ . قال الأول : رب ، فليحمل عنى من أوزارى . قال الراوى : وفاضت عينا رسول صلى الله عليه وسلم بالبكاء ، ثم قال : « إن ذلك ليوم عظيم ، يوم يحتاج الناس إلى من يتحمل عنهم من أوزارهم « فقال الله تعالى للطالب : ارفع بصرك فانظر فى الجنان ، فرفع رأسه فقال : يارب ، أرى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ لأى نبى هذه ؟ لأى صدِيق هذه ؟ لأى شهيد هذه ؟ قال : هذه لمن أعطى الثمن . قال : يارب ، ومن يملك ذلك ؟ قال : أنت تملكه. قال : بماذا يارب ؟ قال : تعفو عن أخيك . قال : يارب ، فإنى قد عفوت عنه . قال الله سبحانه وتعالى : خذ بيد أخيك فأدخله الجنة « . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ؛ فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة «.

هل ستطيق مجاهدة نفسك والمسارعة لإصلاح ذات البين والعفو عن من ظلمك بعد معرفة منزلتك عند الله ورسوله ، وأجرك لو تخلقت بهذه القيمة ؟ أعتقد أنك لن تظل فى خصومة مع أحد مهما أساء اليك .

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة