التمويل الأجنبى للسينما
التمويل الأجنبى للسينما


قوتان كبيرتان ناشطتان تـُسيطران على الأفلام

قصة التمويل الأجنبى للسينما

آخر ساعة

الأحد، 07 نوفمبر 2021 - 11:04 ص

إشراف‭:‬‭ ‬عصـام‭ ‬عـطــية

أفرزت‭ ‬السوق‭ ‬السينمائية‭ ‬فى‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬التى‭ ‬يُقدمها‭ ‬مخرجون‭ ‬شباب‭ ‬يحملون‭ ‬جوازات‭ ‬سفر‭ ‬أجنبية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬أصبحت‭ ‬إشكالية‭ ‬التمويل‭ ‬الأجنبى‭ ‬خصوصا‭ ‬فى‭ ‬السينما‭ ‬تلقى‭ ‬بشباكها‭ ‬حول‭ ‬هوية‭ ‬الفيلم،‭ ‬وما‭ ‬يحمله‭ ‬من‭ ‬مساومات‭ ‬للتنازل‭ ‬عن‭ ‬الشكل‭ ‬والمضمون‭.‬

ما‭ ‬الذى‭ ‬يدفع‭ ‬صناع‭ ‬الأفلام‭ ‬وخصوصا‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬إلى‭ ‬اللجوء‭ ‬لفكرة‭ ‬التمويل‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬خارجية؟‭.. ‬وهل‭ ‬التمويل‭ ‬الأجنبى‭ ‬لثقافتنا‭ ‬يُعد‭ ‬دعما‭ ‬محايدا‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬له‭ ‬أجندة‭ ‬سياسية؟‭ ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬شروط‭ ‬هذا‭ ‬التمويل؟‭.. ‬وما‭ ‬أكبر‭ ‬الشركات‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬الغربى‭ ‬التى‭ ‬تمول‭ ‬أفلامنا؟‭.. "‬آخرساعة‭" ‬تنقب‭ ‬عن‭ ‬شركات‭ ‬التمويل‭ ‬الأجنبية‭ ‬للأفلام‭ ‬المصرية‭ ‬والعربية‭.‬

 

المشهد‭ ‬السينمائى‭ ‬الحالى‭ ‬لا‭ ‬يعدو‭ ‬كونه‭ ‬محاولات‭ ‬ومغامرات‭ ‬فردية‭ ‬قد‭ ‬يتحملها‭ ‬أشخاص‭ ‬أو‭ ‬يلجئون‭ ‬إلى‭ ‬جهات‭ ‬تمويل‭ ‬ودعم‭ ‬أجنبية‭ ‬تساومهم‭ ‬وتوجه‭ ‬معالجات‭ ‬تلك‭ ‬الأفلام‭ ‬لصالح‭ ‬أغراضها‭ ‬باعتبارها‭ ‬المالكة‭ ‬لتلك‭ ‬الأعمال،‭ ‬وللأسف‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الواقع‭ ‬الحالى‭ ‬للسينما‭ ‬العربية‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬والمصرية‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة‭.‬

المشكلة‭ ‬الأساسية‭ ‬ليست‭ ‬فى‭ ‬التمويل‭ ‬الغربى‭ ‬بل‭ ‬فى‭ ‬غياب‭ ‬التمويل‭ ‬العربى‭ ‬أو‭ ‬المحلى،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المشكلة‭ ‬ليست‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬السينما‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأخبار،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الصورة‭ ‬التى‭ ‬يرسمها‭ ‬الغرب‭ ‬عنا،‭ ‬صورتنا‭ ‬لدى‭ ‬الغرب‭ ‬مسممة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يقر‭ ‬به‭ ‬الدكتور‭ ‬فرانك‭ ‬ميرميه،‭ ‬مدير‭ ‬المعهد‭ ‬الفرنسى،‭ ‬فى‭ ‬أحد‭ ‬حواراته،‭ ‬عندما‭ ‬قال‭: "‬ليس‭ ‬ضمن‭ ‬سياسة‭ ‬المعهد‭ ‬الفرنسى‭ ‬للشرق‭ ‬الأدنى،‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليه‭ ‬يجب‭ ‬التفريق‭ ‬بين‭ ‬المؤسسات‭ ‬الغربية،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬جمعها‭ ‬فى‭ ‬سلة‭ ‬واحدة‭".‬

ويقول‭ ‬فرانك،‭ ‬نحن‭ ‬ليس‭ ‬لدينا‭ ‬البرامج‭ ‬نفسها‭ ‬التى‭ ‬لدى‭ ‬منظمة‭ ‬أمريكية‭ ‬ما‭ ‬تدعم‭ ‬المجتمع‭ ‬المدنى‭ ‬ولا‭ ‬الهدف‭ ‬نفسه‭ ‬ولا‭ ‬الإمكانات‭ ‬نفسها،‭ ‬يجب‭ ‬التفريق‭ ‬بين‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والمؤسسات‭ ‬ذات‭ ‬الهدف‭ ‬السياسى،‭ ‬لأن‭ ‬الخطط‭ ‬والبرامج‭ ‬بين‭ ‬المؤسسات‭ ‬الغربية‭ ‬مختلفة‭ ‬جداً،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬الصراع‭ ‬القائم‭ ‬فى‭ ‬الغرب‭ ‬هو‭ ‬صراع‭ ‬بين‭ ‬مؤسسات‭ ‬وأيديولوجيات‭ ‬مختلفة‭ ‬تماماً‭ ‬كالصراع‭ ‬القائم‭ ‬فى‭ ‬الشرق‭.‬

وعن‭ ‬ثقافة‭ ‬التنمية‭ ‬التى‭ ‬تدعمها‭ ‬المراكز‭ ‬الثقافية‭ ‬الغربية‭ ‬وتساهم‭ ‬فى‭ ‬إنتاجها،‭ ‬يرد‭ ‬ميرميه‭: "‬هذا‭ ‬جانب‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكاره،‭ ‬ثمة‭ ‬مؤسسات‭ ‬غربية‭ ‬ذات‭ ‬طابع‭ ‬سياسى‭ ‬وتقوم‭ ‬بعمل‭ ‬جيد‭ ‬لكنها‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬تدعم‭ ‬مواضيع‭ ‬مثل‭ ‬الجندر‭ ‬والجنس‭ ‬والمثلية‭ ‬والمرأة‭ ‬والشباب،‭ ‬هدف‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإضاءة‭ ‬على‭ ‬المواضيع‭ ‬المهمشة‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬العربى،‭ ‬نحن‭ ‬كمركز‭ ‬علمى‭ ‬أكاديمى‭ ‬تتركز‭ ‬بحوثنا‭ ‬على‭ ‬مواضيع‭ ‬موجودة‭ ‬فى‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬وعلى‭ ‬ظواهر‭ ‬ثقافية‭ ‬مهمة‭ ‬غير‭ ‬معروفة‭ ‬فى‭ ‬الغرب،‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلي‭- ‬مثلاً‭- ‬لست‭ ‬متحمساً‭ ‬لدراسة‭ ‬الأصولية‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬دراسة‭ ‬مماثلة‭ ‬لحركات‭ ‬سياسية‭ ‬أخرى‭. ‬أنا‭ ‬ضد‭ ‬رؤية‭ ‬العالم‭ ‬العربى‭ ‬من‭ ‬منظار‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسى‭ ‬فقط‭. ‬لهذا‭ ‬لدينا‭ ‬دراسات‭ ‬عن‭ ‬المسرح‭ ‬اللبنانى‭ ‬وأدب‭ ‬الطفل‭ ‬وسكن‭ ‬الفقراء‭ ‬فى‭ ‬المدن‭ ‬العربية‭". ‬

قد‭ ‬يكون‭ ‬التمويل‭ ‬الثقافى‭ ‬الغربى‭ ‬مشروطاً‭ ‬بطريقة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى،‭ ‬خاضعاً‭ ‬لاعتبارات‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬محض‭ ‬ثقافية،‭ ‬وهذا‭ ‬يذكرنا‭ ‬بما‭ ‬حدث‭ ‬للمخرج‭ ‬كريم‭ ‬الشناوى‭ ‬عندما‭ ‬رفض‭ ‬استكمال‭ ‬مشروع‭ ‬فيلمه‭ ‬التسجيلى‭ ‬ــ‭ ‬الذى‭ ‬تدور‭ ‬فكرته‭ ‬حول‭ ‬سعى‭ ‬الشباب‭ ‬للهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية‭ ‬ــ‭ ‬بعد‭ ‬اكتشافه‭ ‬أن‭ ‬جهة‭ ‬التمويل‭ ‬تتبع‭ ‬إسرائيل‭ ‬مما‭ ‬أثار‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬علامات‭ ‬الاستفهام‭ ‬حول‭ ‬مصادر‭ ‬التمويل‭ ‬التى‭ ‬تحصل‭ ‬عليها‭ ‬بعض‭ ‬الأفلام‭ ‬التسجيلية‭ ‬القصيرة‭ ‬المصرية‭ ‬والعربية‭.‬

إذا‭ ‬تتبعنا‭ ‬جهات‭ ‬التمويل‭ ‬عبر‭ ‬العالم‭ ‬فسنكتشف‭ ‬اشتراك‭ ‬جنسيات‭ ‬مختلفة‭ ‬فيها‭ ‬ومنها‭ ‬جهات‭ ‬عربية،‭ ‬فنجد‭ ‬مثلا‭ ‬جهات‭ ‬تمويل‭ ‬خليجية‭ ‬موجودة‭ ‬بدبى‭ ‬تشارك‭ ‬فى‭ ‬تمويل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأفلام،‭ ‬كما‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬أفلام‭ ‬يوسف‭ ‬شاهين‭ ‬معظم‭ ‬جهات‭ ‬تمويلها‭ ‬فرنسية،‭ ‬ولكنها‭ ‬ليست‭ ‬لها‭ ‬أهداف‭ ‬إلا‭ ‬تمويل‭ ‬صناعة‭ ‬فيلم‭ ‬ناجح،‭ ‬وحتى‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المحلى‭ ‬فإننا‭ ‬نجد‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬فيلم‭ ‬يقع‭ ‬عبء‭ ‬إنتاجه‭ ‬حصريا‭ ‬على‭ ‬شخص‭ ‬بعينه‭.‬

أيضا‭ ‬التمويل‭ ‬يتم‭ ‬عبر‭ ‬مؤسسات‭ ‬عربية‭ ‬تمويلها‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسى‭ ‬عربى،‭ ‬ولكن‭ ‬أجندتها‭ ‬أجنبية،‭ ‬فقدرة‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬ــ‭ ‬خصوصا‭ ‬الفضائيات‭ ‬والسينما‭ ‬ــ‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬شريحة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الناس،‭ ‬ومقدار‭ ‬رواج‭ ‬ما‭ ‬تقدمه‭ ‬تلك‭ ‬الوسائل‭ ‬الإعلامية‭ ‬من‭ ‬أفكار،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬منها‭ ‬سلعة‭ ‬مرغوبة‭ ‬وغالية‭ ‬الثمن،‭ ‬لأن‭ ‬الثمن‭ ‬هنا‭ ‬يدفع‭ ‬لعدد‭ ‬العقول‭ ‬التى‭ ‬يمكن‭ ‬النفاذ‭ ‬إليها‭ ‬والتأثير‭ ‬عليها،‭ ‬وصياغة‭ ‬أفكارها‭ ‬وميولها،‭ ‬هذا‭ ‬تماما‭ ‬ما‭ ‬أغرى‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عامين‭ ‬رجل‭ ‬الأعمال‭ ‬الأمريكى‭ ‬روبرت‭ ‬مردوخ‭  ‬صاحب‭ ‬أكبر‭ ‬إمبراطورية‭ ‬إعلامية‭ "‬نيوز‭ ‬كورب‭"- ‬لشراء‭ ‬20‭ % ‬من‭ ‬أسهم‭ ‬شركة‭ ‬روتانا‭ ‬للخدمات‭ ‬الإعلامية‭ ‬التى‭ ‬يملكها‭ ‬الأمير‭ ‬السعودى‭ ‬الوليد‭ ‬بن‭ ‬طلال،‭ ‬وهى‭ ‬نسبة‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬التدخل‭ ‬فى‭ ‬رسم‭ ‬السياسات‭ ‬وامتلاك‭ ‬ناصية‭ ‬القرارات‭ ‬المهمة‭ ‬فيها،‭ ‬وفق‭ ‬أجندته‭ ‬الخاصة‭ ‬التى‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬خافية‭ ‬على‭ ‬أحد،‭ ‬فروبرت‭ ‬مردوخ‭ ‬بإمبراطوريته‭ ‬الإعلامية‭ ‬المنتشرة‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬الداعمين‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيونى‭ ‬استثماريا‭ ‬وإعلاميا‭ ‬ولسياستها‭ ‬فى‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة،‭ ‬وكانت‭ ‬الصفقة‭ ‬تسير‭ ‬وفق‭ ‬تخطيط‭ ‬مسبق‭ ‬ومبرمج،‭ ‬بدأ‭ ‬أولا‭ ‬بشراء‭ ‬الشركة‭ ‬القابضة‭ ‬التى‭ ‬يمتلكها‭ ‬ويديرها‭ ‬الوليد‭ ‬بن‭ ‬طلال،‭ ‬حصة‭ ‬تقدر‭ ‬بـ‭ ‬5٫7%‭ ‬من‭ ‬أسهم‭ ‬شركة‭ "‬نيوز‭ ‬كورب‭" ‬التى‭ ‬يمتلكها‭ ‬مردوخ،‭ ‬ثم‭ ‬باستضافة‭ ‬روتانا‭ ‬قناة‭ ‬الأفلام‭ ‬فوكس‭ ‬ــ‭ ‬التى‭ ‬تعود‭ ‬ملكيتها‭ ‬لمردوخ‭ ‬ــ‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬قنواتها،‭ ‬وآخر‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬شراء‭ ‬مردوخ‭ ‬لأسهم‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬روتانا‭.‬

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة