مرت ذكري الثلاثين من يونيو حزينة كئيبة مروعة علي كل المصريين.
نجحت كتائب الإرهاب في أن تحول الذكري إلي هم وغم في كل بيت، وأقول نجحت لأنها حققت هدفها في التكدير علي الشعب وإصابته بغصة في قلبه في اليوم الذي كان من المفترض أن يكون سعيدا مبهجا.
استشهاد المستشار الجليل هشام بركات النائب العام محامي الشعب ضمير الأمة..كانت ضربة موجعة للقضاء المصري الشامخ وللدولة المصرية الراسخة وللشعب المصري الصابر. واستشهاد نحو 17 من أبنائنا رجال القوات المسلحة في سيناء أول أمس كان ضربة موجعة ثانية للجيش المصري الباسل وللدولة والشعب علي حد سواء جعلتنا نعيش يومنا ونبيت ليلتنا في هم وحزن ونكد.
هل نجح الإرهاب الحقير أن يحول فرحتنا إلي حزن.. هل نجح في أن يقضي علي خيرة أبناء مصر.. هل نجح في أن يوصل إلينا رسالة واضحة بأن المعركة صعبة وشرسة وممتدة ؟.. تساؤلات كل اجاباتها بنعم.. ولكن الأهم هو كيف لنا أن نتحرك ونواجه ونأخذ القصاص  .
الحادث الأول هو تنفيذ حكم من الجماعة الإرهابية بالإعدام علي رمز من أهم رموز القضاء المصري.. لم يمنعهم - كما قال البعض - أن يكون التنفيذ في شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار.. هذه الأمور لا تهمهم كثيرا.. لأنهم تجاوزوا الدين كله وأصبح لديهم دين آخر ليس فيه تلك المفردات.. وجهوا ضربتهم بإحكام شديد ودقة بالغة وتخطيط متقن.. في مقابل قصور أمني واضح وتأمين مهلهل لرجل من أهم رجال مصر ومن أبرز رموز الدولة ومن أوائل المستهدفين للإغتيال. الحادث البشع يؤكد أنه كان يخطط له منذ زمن ليس بالقصير.. ويؤكد أيضا أن وراءه عقولا شيطانية وأموالا غزيرة ورجالا محترفين. وهي نفس العقول والأموال والرجال الذين ينفذون أعمالا إرهابية إجرامية وحشية في منطقتنا وفي كل دول العالم.. مما يؤكد لنا أننا نواجه جيشا عالميا شديد التنظيم وغزير المال وعالي الاحترافية.
الحادث الثاني لايقل وصفا عما قلناه عن الحادث الأول.. بل يزيد عليه في جرأة التنفيذ وغزارة المال وقوة التسليح.. كيف يكون هناك علي أرض مصرية مايشبه الجيش كامل التسليح ويملك تلك المعلومات وهذا العدد من الرجال وكل تلك القوة من النيران .. ويهاجم كل هذا العدد من التجمعات العسكرية في توقيت واحد ويحدث كل تلك الخسائر.
نحن إذن نحارب جيشا قويا مدربا ممولا مدعوما وليس مجرد تنظيم محدود القواعد والأفراد.. نحن في حرب حقيقية ولسنا في برنامج رمضاني للمقالب. وهذا الجيش الذي نواجهه وتلك الحرب التي نخوضها تحتاج منا إلي الكثير من اليقظة والحرص والجدية.. نحن نملك القدرة علي المواجهة.. والقدرة علي النصر بلا شك بعون الله.. المهم أن ندرك شعبا وجيشا وشرطة وقضاء وإعلاما حقيقة ما نواجهه من خطر وحجم ما نحاربه من إرهاب.
ليس الانتقام هو ما نريده الآن.. ولكن ما نريده هو القصاص كما أمرنا الله.. «ولكم في القصاص حياة».. أي أنه من دون القصاص فلن تكون هناك حياة.. سيكون هناك إرهاب وخراب ودمار. هم يرهبوننا ويخربون بلدنا ويدمرون أملنا في الحياة بحجة أنهم ينتقمون.. أما نحن فعلينا أن نقتص منهم ونقصقص جذورهم ونقتلعها من هذه الأرض الطيبة لتعود بلدا للأمن والأمان والسلام والمحبة.. علينا أن نوجه تلك العمليات الإرهابية الخسيسة بكل حسم وحزم.. بكل جرأة وجسارة.. بالمبادأة وليس بانتظار الفعل والتفكير بعد ذلك في رده. ولا يلزمنا أن ننتظر رأي أي دولة فيما نقوم به.. وليس علينا أن نستأذن قبل أن نطهر أراضينا من تلك العناصر الإرهابية  .. ويجب ألا ننزعج من صوت هنا أو هناك يندد بحكم قضائي لا يعجبه. حتي منظمة العفو الدولية التي وصفت حادث اغتيال النائب العام بأنه «حقير وجبان وارتكب بدم بارد»، طالبت بتقديم مرتكبيه للعدالة دون إصدار أحكام ضدهم بالإعدام. وقالت إن هذا الحادث يجب ألا يتخذ ذريعة لانتهاك حقوق الإنسان في البلاد.. ياسلام.
وأنا أكتب تلك السطور وصلتني أنباء عن عملية عسكرية كبيرة في سيناء.. ندعو أن تكلل بالنجاح.. حتي نستأصل هذا الورم الخبيث من فوق أرضنا.. لن تأخذنا بهم رحمة ولا شفقة ولا هوادة بقدر ما قتلوا وأفسدوا ودمروا علي هذه الأرض الطيبة.
كما تلقينا نبأ صدور تعديلات في بعض مواد قانوني العقوبات والأجراءات الجنائية حتي لا تصبح يد العدالة مغلولة أمام ما يرتكب من جرائم إرهابية يستفيد مرتكبوها من بطء التقاضي وثغرات القانون.. ونتمني علي اثرها أن يكون أول قرارات النائب العام الجديد هو إحالة المعزول والمرشد وقيادات الجماعة الإرهابية إلي الجنايات بتهمة اغتيال  النائب العام وأبناء مصر الشهداء.
مصر في خطر.. وهذا ليس تهويلا.. ولكنها ستجتازه بإذن الله وستحقق النصر.. وهذا ليس تهوينا.. الشعب والجيش والشرطة  والقضاء والاعلام.. هم صمامات الأمان لهذا البلد.