تحول التبديد في السكة الحديد إلي فن والا بالله عليكم ماذا تقولون في سرقة خط سكة حديد أسيوط ـ الوادي الجديد وكذلك سرقة خط سكة حديد القنطرة شرق ـ العريش وقد شملت السرقة كل شيء في الخطين (القضبان والفلنكات والبوابات والتحويلات... الخ).
وعلي ما يبدو فأن هذا المرفق الحيوي وصل إلي حالة ميئوس منها وانه يعيش حاليا علي التنفس الاصطناعي وان القلب أوشك علي التوقف بعد توقف المخ عن العمل وباختصار فان هذا المرفق قد مات اكلينيكيا.
وقد يقول قائل اننا نظلم هذا المرفق ولكن الحقيقة ان هذا المرفق هو الذي يظلم 90 مليون مصري فبنظرة إلي حجم الاستثمارات التي تم ضخها في هذا المرفق خلال الثلاثين عاما الاخيرة والتي بلغت أكثر من مائتي مليار جنيه سيتأكد لنا انه قد تحول الي مغارة علي بابا حيث لم يتم الاستفادة بهذه الاستثمارات الضخمة ولم يتم ادخال أي تحديث يذكر علي هذا المرفق خلال هذه الفترة حتي ان صفقة الجرارات الوحيدة التي استوردتها الهيئة خلال هذه الفترة (عام 2009) والتي يصل عددها الي 80 جراراً تم تمويلها من خلال منحة من الحكومتين الليبية والقطرية وما عدا ذلك لم يحدث أي شيء  ودلالة ذلك عربات الدرجة الثانية المميزة التي يرثي لحالها ولا تصلح أساسا لركوب الحيوانات هذا فضلا عن قذارة ورداءة عربات الدرجتين الاولي والثانية المكيفة ووصول عدد الواقفين في هذه العربات الي اربعة اضعاف عدد الجالسين وكل هؤلاء الواقفين لا يدفعون اي أجرة لانهم من الفئات التي تعتبر هذا المرفق ملكا لهم وليس للشعب ومن بين هذه الفئات العاملون بهيئة السكة الحديد وهيئة مترو الانفاق والشرطة.. الخ.
واذا انتقلنا الي عمليات الصيانة سنجد انها شبه متوقفة خاصة في الجرارات لعدم وجود قطع غيار لها ولذلك لتوقف انتاجها في بلد المنشأ بالاضافة الي الصعوبات التي تواجه انتاج قطع غيار محلية باستخدام أسلوب الهندسة العكسية.
هذا هو الوضع في هذا المرفق بصفة عامة اما اذا انتقلنا الي التفاصيل فلن تكفينا مجلدات بحجم ما تحويه مكتبة الاسكندرية أو السعات التخزينية في الشبكة العنكبوتية وسنضرب أمثلة محدودة للفساد الذي طال هذا المرفق وسنكتفي فقط بأربعة أمثلة اولها: ان ايرادات هذا المرفق لا تشكل سوي 30٪ من مصروفاته وتتحمل ميزانية الدولة ـ سنويا ـ الفرق بين الايرادات والمصروفات وان ايرادات المرفق لا تكفي نصف أجور العاملين فيه.
ثانيا: عدم وجود نظام كفء للصيانة والتحصيل حيث يركز المحصلون علي تحصيل الغرامة فقط بغض النظر عن قيمة التذكرة الفعلية لان الغرامة تدخل في جيوبهم وعلي سبيل المثال فإن قيمة تذكرة الدرجة الثانية المميزة من القاهرة الي الاسكندرية تبلغ 10 جنيهات ونصف ولكن المحصل يستخرج للراكب قسيمة بجنيهين ونصف لاغير منها نصف جنيه غرامة يدخل جيبه أي انه غير حريص علي تحصيل القيمة الحقيقية للتذكرة.
ثالثا: عدم انتظام حركة القطارات والتأخيرات الكبيرة سواء في القيام او الوصول بسبب نقص أعمال الصيانة وإلغاء بعض الارصفة مثل إلغاء  ارصفة الشرق في محطة القاهرة مما أدي الي مضاعفة زمن الرحلات وعلي سبيل المثال فانه اذا كانت الحركة تسير بصورة طبيعية ـ وهذا نادرا ما يحدث  ـ فان الرحلة من بنها الي شبرا تستغرق 25 دقيقة والرحلة من شبرا الي القاهرة تستغرق 30 دقيقة لعدم وجود أرصفة ولعدم وجود تحويلات بقدر كاف