أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

الحقائق الغائبة فى أزمة لبنان والخليج

أسامة عجاج

الثلاثاء، 09 نوفمبر 2021 - 07:18 م

إذا أردنا أن نتعرف على (الجزء الغاطس) من الأزمة الأخيرة بين دول الخليج، وفى القلب منها السعودية ولبنان، حول تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحى، فعلينا أن (نفتح القوس) و(نمد الخط) طويلًا، لنتوقف عن أسبابها فى ساحات أخرى ومضافة، خاصة العراق واليمن، الأولى تشهد تجميدا للمباحثات الثنائية بين السعودية وإيران، بعد أربع جولات من المفاوضات، تعاملت معها السعودية، بأسلوب جمع بين (الإيجابية والحذر) فى نفس الوقت، حتى أنها وصفتها فى كل التصريحات الرسمية، بأنها (استكشافية)، وبالفعل بعد تلك الجولات، ظهرت حقيقة الهدف الإيرانى منها، وأولويات كل طرف، فطهران تسعى بشكل واضح إلى القفز على الحقائق على الأرض، والبدء فى بحث عودة العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين، (كبادرة حسن نية) كما ادعت ـ زورًا وبهتانًا - وكان واضحا أن الهدف الحقيقى من هكذا خطوة، هو الحصول على ورقة جديدة، تضاف إلى مجموعة من الأوراق التفاوضية، على مائدة الحوار حول الملف النووى، عندها تظهر ورقة تطبيع العلاقات مع السعودية، بينما كانت أولوية الرياض، هى المطالبة بدور إيرانى فاعل، لممارسة ضغوط على جماعة الحوثى، لوقف إطلاق النار، والبدء فى تفاوض حول التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب فى اليمن، سمع الطرف السعودى أغرب رد، مضمونه (لسنا الطرف القادر على التأثير على جماعة الحوثى فى تلك المرحلة، وعليكم بالتفاهم فى ذلك مع حزب الله اللبنانى، وهو الأكثر قدرة على تلك المهمة)، وهو نوع من أنواع المراوغة، والتهرب من المسئولية، وتناسى المفاوض الإيرانى نقاطا لا تغيب عن أى متابع للأوضاع فى المنطقة، إن طهران ومنذ عقود هى الراعى الرسمى لحزب الله، وكفيله فى المنطقة، والذى تحول مع الوقت، إلى  (أخطبوط) أذرعه الطويلة تمتد إلى دول عديدة، لتنفيذ أجندته التى هى جزء أصيل من أجندة إيران ومشروعها فى المنطقة.
 وكانت اليمن إحدى ساحات عمل ونفوذ حزب الله، حيث استثمر كثيرا سياسيا وعسكريا فى جماعة أنصار الله أو الحوثيين، منذ تسعينيات القرن الماضى، وساهم فى تصاعد قوتها، وانقلابها على الشرعية فى سبتمبر ٢٠١٤، حيث قدم لها دعمًا عسكريًا، من خلال تدريب عناصره، فى معسكرات فى جنوب لبنان وسوريا والعراق، على استخدام العبوات والصواريخ المضادة للدروع، وكيفية إدارة العمليات، وتزوده بالطائرات المسيرة، ولم ينكر حزب الله تدخله فى اليمن، حيث أعلن أمينه العام حسن نصر الله تأييده للحوثيين، باعتبارهم جزءا من (المشروع المقاوم) فى المنطقة، وكان من الغريب أنه فى الوقت الذى كانت تشهد بغداد جلسات الحوار، سعت جماعة الحوثى إلى تصعيد عملياتها بشكل غير مسبوق، فى محاولة للإستيلاء على مدينة مأرب ومحاصرتها، باعتبارها آخر معاقل الحكومة الشرعية فى الشمال، لفرض أمر واقع، يعزز موقفهم فى أى تفاوض قائم، وفقا لنصائح جماعة حزب الله، رغم الكلفة الإنسانية الضخمة لذلك.
 لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، وفى إطار سياسة توزيع الأدوار على الوكلاء، فقد نشط حزب الله العراقى، حيث استمر فى حملته ضد المفاوضات الثنائية، التى تشهدها العاصمة بغداد برعاية الدكتور مصطفى الكاظمى رئيس الوزراء، بالإضافة إلى استمرار الحملات الإعلامية ضد كافة دول الخليج، خاصة السعودية والإمارات، وفى ظل تلك الأجواء، تم تجميد المفاوضات الثنائية بين الرياض وطهران، لتبدأ مرحلة جديدة من المواجهة، مع التابع وهو حزب الله، وعنوانها تصريحات الوزير جورج قرداحى، التى تتماهى مع موقفه الحزبى من الحرب فى اليمن، ودعونا نتفق على أن اختيار لبنان، تم باعتبار إحدى (الساحات الرخوة) من جهة، كما أن هناك انقساما شديدا وشبه إجماع لبنانى، على رفض مواقف حزب الله، واختطافه للدولة اللبنانية، ووصل الأمر إلى تفاخر زعيمه، بوصول رقم عناصره المسلحة إلى ١٠٠ مقاتل، وهو عدد يتجاوز جيش الدولة، والتى تشير الإحصائيات الأخيرة، إلى أنه إعداد أفراده حوالى ٧٥ ألف جندى، بالإضافة إلى ٢٠ ألفا من قوات شبه عسكرية.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة