نوال مصطفى
نوال مصطفى


حبر على ورق

دستور الحب

نوال مصطفى

الأربعاء، 10 نوفمبر 2021 - 05:40 م

سألنى مذيع بإذاعة الشرق الأوسط: هل اختلف الحب الآن عن حب زمان؟ أجبته ببيت من قصيدة لنزار قبانى: الحب فى الأرض نوع من تخيلنا لو لم نجده عليها لاخترعناه!

أنا أرى الحب احتياجا إنسانيا، بدونه يتحول الإنسان إلى آلة صماء أو كائن بلا مشاعر يأكل ويشرب ويعمل ويتناسل وينام! الحب طاقة جبارة وشحنة إيجابية يجب أن نفتش عنها داخل ذواتنا وليس خارجها.
 تلك الطاقة الهائلة تحركنا فى اتجاهات عديدة، نحب أنفسنا فنطورها ونشتغل عليها لنخرج دائما النسخة الأفضل منا.
 نحب أهلنا فنهتم بهم ونساعدهم قدر ما نستطيع، نحب أعمالنا فنخلص لها، ونتقن فى أداء ما خلقنا من أجله.

إذا وصلنا إلى هذه النقطة يمكننا أن نحب حبا رائقا، صافيا لا خداع فيه ولا كذب أو زيف. أما الحب زمان والآن، فالفرق هو أن قيمة الحب كانت هى الأعلى فى قرار الارتباط أو الزواج، أما الآن فتتراجع هذه القيمة بكل أسف مقابل أشياء أخرى على رأسها المادة والطموح الزائد، والاستعجال فى تحقيق الأحلام دون جهد أو صبر.

كل هذا جعل الحب يتوارى قليلا، لكنه موجود. فكل إنسان مهما أخذته الحياة فى دوامتها لابد أن يدرك فى لحظة ما أن الحب هو الحياة، ولا طعم لها بدونه. والذكى هو من يجعل الحب دستوره فى كل شيء ليس فقط فى علاقته العاطفية مع شريك حياته، بل فى العمل، علاقاته بالبشر، والنبات الحياة بشكل عام.
 كان أحمد رجب يسخر فى عموده الشهير «نصف كلمة» من الحب، ويقول إنه يلقى مصرعه بمجرد أن يدخل عش الزوجية، وكنا نضحك مع كتبه وقصصه وعلى الأخص كتاب «الحب وسنينه». فهل كان ضد الحب، أو كان عدوا للمرأة، الحقيقة عكس ذلك تماما، فرغم تلك السخرية اللاذعة فى قصصه، وحكاياته كان عاشقا بامتياز، ومن أقواله «الحب هو الحياة.. ولا معنى للحياة بدون حب».

أما أستاذنا مصطفى أمين صاحب فكرة عيد الحب المصرى الذى يوافق الرابع من نوفمبر من كل عام، والذى احتفلنا به يوم الخميس الماضى،  فكان يؤمن «إن النجاح فى أى شيء فى الحياة هو قصة حب». ويقصد أن الإنسان إذا أخلص فعلا لأى شيء فى الدنيا سواء كان عملا يقوم به أو فكرة نبيلة يتبناها، أو حبيبا يهيم به عشقا، وأعطى ذلك الشيء أو الشخص من فكره، قلبه، ووقته، فسوف ينجح فى الأغلب، كما فعل هو مع «أخبار اليوم».
 أديبنا العالمى نجيب محفوظ كان يقول «لا تخبرونى عمن يكرهنى أو يتكلم عنى. اتركونى أحب الجميع وأظن أن الجميع يحبنى». وقال الشاعر كامل الشناوى «الحب جحيم يطاق.. والحياة بدون حب نعيم لا يطاق».
أنا شخصيا أرى الحب نور ونار. عاطفة تغير كيمياء المخ داخلنا فنرى الدنيا أجمل، تبدو ألوانها الطبيعية أكثر بهجة وإشراقا، الحب هو الألم والأمل، طاقة عطاء هائلة، تمنحنا حبا لكل العالم. وتختلف طاقة الحب عن علاقة الحب بين رجل وامرأة، وعن كل أنواع الطاقة فى الطبيعة، تتميز بالقدرة على أن تجدد نفسها، وتشحن خلايانا بمزيد من البهجة والتعاطف مع البشر.
طاقة الحب تباعد بيننا وبين التعصب والحقد والكراهية.. تجعلنا دائمًا أكثر قدرة على استيعاب الآخرين وتقبل الاختلاف فى الرأى أو العقيدة بصدر رحب.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة