الفقهاء
أنت تسأل و العلماء يجيبون
الجمعة، 12 نوفمبر 2021 - 03:13 م
إعداد - عبدالعزيز عبدالحليم
حق الزوجة فى استرداد ما أنفقته على أولادها فى غياب الزوج
أنا موظفة وحالتى المالية ميسورة، ولى أولاد صغار من زوج ميسور الحال تركنى وأولادى وسافر، ولم يخلف لنا ما ننفق به على أنفسنا، فهل تلزمنى نفقة أولادى؟ وهل يحق لى الرجوع عليه بما أنفقته أم لا؟
- اختلف الفقهاء فى إلزام الأم بالإنفاق على صغارها فى حالة غياب الأب أو إعساره:
فذهب فقهاء الحنفية إلى أنَّ القاضى يجبرها على الإنفاق عليهم إذا كانت موسرة؛ لأنها أقرب إلى الصغير وأولى، وإلا استدانت ثم يصير ذلك دينًا فى ذمة الزوج، ويرى فقهاء الشافعية أنَّ الأم إذا عجزت عن الوصول للقاضي، كان لها أن تنفق على ولدها من مالها، بقصد الرجوع عليه أو على أبيه، وتشهد على ذلك، فإن أشهدت رجعت وإن لم تشهد ففى رجوعها عليه وجهان: الأَوْلَى منهما: أنه يمتنع عليها ذلك؛ قال العلامة شيخ الإسلام زكريا الأنصارى: (ولو أنفقت)الأم (على طفلها.. من مالها لترجع) عليه أو على أبيه إن لزمته نفقته (رجعت إن أشهدت بذلك) عند عجزها عن القاضى.
ويرى فقهاء الحنابلة أنَّ الأمَّ ترجع على الزوج بما تنفقه عليها وعلى أولادها فى غيبته سواء حكم القاضى فى ذلك أو لا.
وأنَّ لها الاستدانة وترجع عليه بما استدانته كذلك، وقد نصت المادة 18 مكررًا ثانيًا من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929م المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985م على أنه: «إذا لم يكن للصغير مالٌ فنفقته على أبيه». إلا أن المادة لم تبيّن مَن تجب عليه النفقة إذا كان الأب معسرًا أو عاجزًا عن الكسب أو غير موجود، مما يوجب النفقة على الأم الموسرة؛ عملًا بالراجح من المذهب الحنفي، لكنها تكون دينًا على الأب؛ قال المستشار عزمى البكرى فى «موسوعة الفقه والقضاء»: (وعليه: يتعين الرجوع فى هذا الصدد للرأى الراجح فى المذهب الحنفى عملًا بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، والمنصوص عليه فى المذهب الحنفي.. تكلف الأم بالإنفاق إن كان لها مالٌ، ويكون ما تنفقه دينًا على الأب ترجع به عليه).وبناءً على ذلك وفى واقعة السؤال: فيجب عليكِ ما دمت موسرةً أن تنفقى من مالك الخاص على نفسك وعلى أولادك الصغار فيما تحتاجونه؛ من: طعام، وملبس، ومسكن، وعلاج، وتعليم، وغير ذلك، بحسب العرف لأمثالكم على مثل الزوج، ويصير ذلك دينًا فى ذمَّة الزوج.
حكم قول «مدد يا فُلان»
ما حكم قول: مدد يا فلان؛ كقول: مدد يا رسول الله، أو مدد يا حسين؟ وهل هناك إثم على مَن يقول ذلك؟
- طلب المدد من الأنبياء والأولياء والصالحين أحياء ومنتقلين من الأمور المشروعة التى جرى عليها عمل المسلمين، وذلك محمول على كونهم سببًا-كالاستعانة بالطبيب على الشفاء من مرض- لا على جهة التأثير والخلق؛ فالأصل حمل أقوال المسلمين وأفعالهم على السلامة؛ حيث إن هناك فارقًا بين اعتقاد كون الشيء سببًا وبين اعتقاده خالقًا ومؤثرًا بنفسه؛ فإنه لا مؤثر فى الكون على الحقيقة إلا الله سبحانه وتعالى، والأسباب لا تثمر المسبَّبات بنفسها وإنما بخلق الله لها. ولا إثم على من يقول ذلك، فقد ورد من الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ما يدل على جواز طلب العون والمدد من المخلوقين على جهة السببية والاكتساب، وهذا ما عليه الصحابة والتابعين سلفًا وخلفًا، وما عليه علماء الأزهر الشريف ومشايخه بصفاء فهمه ووسطيته واعتدال منهجه عبر القرون.
إعطاء الزكاة لمن يملك مسكنًا كبيرًا وليس معه مال للإنفاق
لى جارٌ يملك مسكنًا كبيرًا ويسكن فيه، ولكن ليس معه مالٌ ينفق منه، فهل يجوز أن أعطيَه من مال الزكاة؟
- من المقرَّر أن الإسلام قد حصر الزكاة فيمن يستحقون، وليس الغنيُّ منهم، وأصحابُ الأملاك من القصور أو غيرها معدودون من جملة الأغنياء؛ فإذا وُجد غنيٌّ قد ذهب ماله مع بقاء شيءٍ من ممتلكاته؛ كنحو قصر -كما هو وارد فى هذا السؤال يعنى مسكنًا كبيرًا- فإنه فى هذه الحالة فقير يد؛ أي: لا مال له، فهو من جملة المحتاجين، ولا يمنع كونه محتاجًا أنه مالك لقصرٍ أو غيره؛ لأنه ليس عنده ما يكفيه، وقد وسعته رحمةُ الإسلام، فلم يُكلَّف بيعُ قصره هذا لسدِّ حاجته، إنما هو فى حالٍ يلزم معها مراعاة المجتمع له؛ ولذا فقد أباح له الفقهاءُ أن يأخذ من الزكاة لحاجته إلى ذلك، ولأن الحال التى هو عليها تجعله يُوصف بكونه فقيرًا أو مسكينًا حتى وإن كان له عقار باهظ الثمن؛ فقد جاء فى «مجمع الأنهر فى شرح ملتقى الأبحر»: [(ولا) تُدفَع (إلى غنيٍ) خلافًا للشافعى فى أغنياء الغزاة إذا لم يكن لهم شيءٌ فى الديوان ولم يأخذوا من الفيء (يملك نصابًا من أيِّ مالٍ كان)، سواء كان من النقود أو السوائم أو العروض، وهو فاضلٌ عن حوائجه الأصلية؛ كالدين فى النقود، والاحتياج فى الاستعمال فى أمر المعاش فى غيرها بلا اشتراط النماء، حتى لو كان له كتاب مكرَّر يُحْسَبُ أحدُهُما من النصاب، ولو كان له داران يسكن فى إحداهما ولا يسكن فى الأخرى، تُعتَبَرُ قيمةُ الثانية، سواء يؤجِّرُها أم لا]. وبناءً على ذلك وفى واقعة السؤال: فإنه يجوز أن تعطى جارك الذى يملك قصرًا- أى مسكنًا كبيرًا- ويسكن فيه من أموال الزكاة ما دام محتاجًا، وليس عنده ما يَفِى بحاجته.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة