في بروفة مبكرة لدراما شهر رمضان أعاده الله علينا جميعا باليمن والبركات خرجت علينا محكمة في دولة جنوب أفريقيا بكوميديا سوداء من الوزن الثقيل.. كوميديا ليست بعنوان: امسك حرامي أو امسك ارهابي بل «امسك رئيس».
قرار المحكمة جاء بمنع الرئيس السوداني عمر البشير من مغادرة جوهانسبرج عاصمة جنوب أفريقيا التي تستضيف القمة الأفريقية رقم 25 لحين النظر في الاتهامات الموجهة له من قبل المحكمة الجنائية الدولية منذ عام 2009 لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية واخري في 2010 بتهمة ارتكاب إبادة جماعية.
ساعات مرت علي العالم وكأنها سنوات وهو يرقب المهزلة.. فهل يعتقل الرئيس البشير في جوهانسبرج وهل يحق اعتقال رئيس دولة ذات سيادة توجه بدعوة رسمية من الدولة المضيفة للمشاركة في قمة القارة التي ينتمي إليها قلبا وقالبا؟.
القوانين والأعراف الدولية تمنع مثل هذه التصرفات الرعناء التي تسيء للعلاقات بين الدول لذا جاء العرف بعدم المساءلة القانونية لمسئول مازال في السلطة ويمكن مساءلته فقط بعد تحلله من المنصب الرسمي، لكنه فيلم أراد صناعه أن يحبسون أنفاس العالم أجمع في مشهد يؤكد استهداف قادة أفريقيا والعالم الثالث عموما بهدف إحراجهم دوليا.
وتأتي النهاية السعيدة بتأكيد رئيس جنوب أفريقيا، جاكوب زوما، التزام بلاده القاطع بحماية ضيفها عمر البشير  و ضيوف القمة بقوله «اسمعوها مني البشير ضيفنا .. سيبقي مكرماً وينفذ برنامجه ويغادر متي شاء».. ويأتي تفسير لغز المسلسل الهابط علي لسان وزيرة خارجية جنوب أفريقيا، مايتي نيكوانا، كاشفة أن أحزاب المعارضة الجنوب أفريقية وراء إصدار المحكمة لحكمها في محاولة لإحراج بلادها أمام قادة أفريقيا.  
السؤال الآن: لماذا تتعامل المحكمة الجنائية الدولية بمعايير متعددة مع مثل هذه القضايا ولماذا لم تصدر حتي الآن أية أحكام باعتبار قادة إسرائيل الذين ارتكبوا المزيد من  الجرائم ضد الإنسانية في حق الفلسطينيين بل والعرب جميعا من مجرمي الحرب وأليس حادث التنكيل بالأسري المصريين في حرب 1967 إجراما ليس بعده إجرام.. وأين المحكمة الجنائية الدولية من القادة الأمريكان الذين ارتكبوا الجرائم في حق العراق وغيرها ؟ الإجابة معروفة أن للمحكمة الجنائية الدولية معاييرها وتوازناتها الخاصة جدا وأهمها «كل شيء مباح إلا الاقتراب من إسرائيل».
ما أسعدني رغم هذه المهزلة هو الموقف الصلب للاتحاد الافريقي الذي أصر قادته علي عدم بدء أعمال القمة لحين تعهد دولة جنوب أفريقيا بعدم تنفيذ حكم منع البشير من المغادرة باستخدام حق الحصانة الرئاسية.
 وفي اعتقادي أن الاتحاد الأفريقي وصل في آليات عمله لمراحل متقدمة ارجو أن تحذو حذوها جامعة الدول العربية التي لم يمح من تاريخها منحها الإشارة الخضراء لاحتلال العراق وتدميره ثم التدخل الأجنبي في ليبيا والذي لم يتركها إلا وهي «أوصال».
مسلسل درامي آخر لا يقل إثارة عن سابقه تحت عنوان: ولايزال الاستهبال مستمرا، وفيه يخرج علينا الملياردير وممول الإخوان الأول يوسف ندا برسالة أو دعوة للمصالحة شريطة الإفراج عن قيادات الإخوان المحبوسين، لكن مسلسل ندا يختلف عن مسلسل جوهانسبرج في غياب الحبكة الدرامية فهو في الوقت الذي يدعو فيه للمصالحة يقول إنه ليس مدفوعا من قيادات الإخوان المحبوسين بل ويستمر في تحريضه لإخوانه ضد رجال الجيش والشرطة ومؤسسات الدولة.. يقينا فإن مبادرة ندا أو بالأصح ألاعيبه لم ولن تكون الأخيرة وسيعقبها حيل أخري لأناس يظنون أنفسهم أذكياء حتي فقدوا كل شيء ولم يبق لهم غير أحاديث المبادرات الوهمية التي لن يسمعها أحد.. فالوقت أصبح متأخرا وبالانجليزية التي يتقنها ندا ويعيش في بلادها: اتس تو ليت.
حروف ساخنة :
>  تفسير وائل سمير نائب مدير عام القرية الفرعونية لوضع صورة جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل السابقة في معرض «نساء رائدات» الذي نظمته القرية قبل أيام بأنه خطأ لمعد المعرض وإن الصورة وضعت لنصف ساعة فقط.. عذر أقبح من الذنب.
> انتقام قرية عز الدين مركز كوم حمادة بالبحيرة من قاتل بقتله طريقة بشعة.. مشهد يجب أن يختفي تماما في ظل عودة دولة القانون.