إعادة تدوير المخلفات
إعادة تدوير المخلفات


منتجات إبداعية من مخلفات «عزبة الزبالين».. الأيدى الناعمة تحول القبح إلى جمال

آخر ساعة

السبت، 13 نوفمبر 2021 - 10:54 ص

 

علا‭ ‬نافع

رغم‭ ‬حياتهن‭ ‬بين‭ ‬أكوام‭ ‬القمامة‭ ‬واستنشاقهن‭ ‬هواءها‭ ‬الملوث،‭ ‬فإنهن‭ ‬خلقن‭ ‬منها‭ ‬إبداعات‭ ‬وابتكارات‭ ‬أوصلتهن‭ ‬إلى‭ ‬العالمية‭ ‬وأصبحن‭ ‬حديث‭ ‬الصحف‭ ‬الأمريكية‭ ‬والكندية‭.. ‬سيدات‭ "‬جمعية‭ ‬حماية‭ ‬البيئة‭" ‬فى‭ ‬عزبة‭ ‬الزبالين‭ ‬بمنطقة‭ ‬المقطم‭ ‬نجحن‭ ‬فى‭ ‬تحويل‭ ‬القبح‭ ‬إلى‭ ‬جمال،‭ ‬حيث‭ ‬صنعن‭ ‬أعمالاً‭ ‬فنية‭ ‬من‭ ‬الورق‭ ‬المعاد‭ ‬تدويره‭ ‬وأضفن‭ ‬عليه‭ ‬لمساتهن‭ ‬الرائعة‭ ‬من‭ ‬رسوم‭ ‬وألوان‭ ‬زاهية،‭ ‬وحولن‭ ‬بواقى‭ ‬قماش‭ ‬المصانع‭ ‬إلى‭ ‬سجاجيد‭ ‬ومفارش‭ ‬يدوية‭ ‬يتهافت‭ ‬عليها‭ ‬زوار‭ ‬الجمعية‭.‬

 

ولم‭ ‬تكتفِ‭ ‬هؤلاء‭ ‬السيدات‭ ‬بذلك،‭ ‬بل‭ ‬حولن‭ ‬علب‭ ‬المياه‭ ‬الغازية‭ (‬الكانز‭) ‬وأغطيتها‭ ‬إلى‭ ‬حقائب‭ ‬يدوية‭ ‬ولوحات‭ ‬حائط‭ ‬وأحزمة‭ ‬ملابس،‭ ‬وصلت‭ ‬منتجاتهن‭ ‬إلى‭ ‬العالمية،‭ ‬حيث‭ ‬تتلقفها‭ ‬دول‭ ‬أمريكا‭ ‬وكندا‭ ‬وهولندا،‭ ‬واحتفوا‭ ‬بها‭ ‬فى‭ ‬صحفهم‭ ‬وقنواتهم‭ ‬التلفزيونية‭.‬

أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬سيدة‭ ‬وفتاة‭ ‬من‭ ‬العزبة‭ ‬والأحياء‭ ‬المجاورة‭ ‬يعملن‭ ‬فى‭ ‬أنشطة‭ ‬الجمعية‭ ‬تجمعهن‭ ‬راية‭ ‬المحبة‭ ‬والإخلاص‭ ‬فى‭ ‬العمل،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬أغلبهن‭ ‬يعول‭ ‬أُسرة‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬الزوج‭ ‬أو‭ ‬الطلاق‭.. ‬ومنذ‭ ‬تأسيس‭ ‬الجمعية‭ ‬فى‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضى‭ ‬اهتمت‭ ‬القائمات‭ ‬عليها‭ ‬بمحو‭ ‬أمية‭ ‬العاملات‭ ‬وجعلن‭ ‬ذلك‭ ‬شرط‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الجمعية،‭ ‬وبالفعل‭ ‬انخفضت‭ ‬نسبة‭ ‬الأمية‭ ‬فى‭ ‬صفوف‭ ‬سيدات‭ ‬العزبة‭ ‬وتحولت‭ ‬ابتكاراتهن‭ ‬إلى‭ ‬مشروعات‭ ‬اقتصادية،‭ ‬كما‭ ‬افتتحت‭ ‬الجمعية‭ ‬مركزاً‭ ‬تعليمياً‭ ‬بأسعار‭ ‬مخفضة‭ ‬لأطفال‭ ‬العزبة‭ ‬ودار‭ ‬حضانة‭ ‬ممتد‭ ‬عملها‭ ‬حتى‭ ‬انتهاء‭ ‬ساعات‭ ‬عمل‭ ‬العاملات‭ ‬بالجمعية‭.‬

‭"‬آخرساعة‭" ‬زارت‭ ‬الجمعية‭ ‬ورصدت‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ‬المنتجات‭ ‬الجمالية‭ ‬المصنوعة‭ ‬من‭ ‬القمامة،‭ ‬وكيف‭ ‬تقوم‭ ‬العاملات‭ ‬بتحويل‭ ‬أكوام‭ ‬الزبالة‭ ‬إلى‭ ‬أشغال‭ ‬يدوية‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬خبراء‭ ‬وحماة‭ ‬البيئة‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهن‭ ‬الدكتورة‭ ‬ليلى‭ ‬إسكندر‭ ‬وزيرة‭ ‬البيئة‭ ‬السابقة،‭ ‬ليتم‭ ‬وضعها‭ ‬فى‭ ‬معارض‭ ‬الجمعية‭ ‬بسوق‭ ‬الفسطاط‭ ‬ومدينة‭ ‬نصر‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬معرضى‭ "‬تراثنا‭" ‬و‭"‬ديارنا‭".‬

تلال‭ ‬من‭ ‬القمامة‭ ‬وروائح‭ ‬مختلطة‭ ‬تزكم‭ ‬الأنوف‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬بقايا‭ ‬الطعام‭ ‬وزجاجات‭ ‬البلاستيك‭ ‬العطنة‭.. ‬أجولة‭ ‬كبيرة‭ ‬تضم‭ ‬حصيلة‭ ‬ما‭ ‬جمعه‭ ‬عمال‭ ‬النظافة‭ ‬والنباشون‭ ‬طوال‭ ‬اليوم‭.. ‬تنتشر‭ ‬بين‭ ‬الشوارع‭ ‬الضيقة‭ ‬لتنبئ‭ ‬بهوية‭ ‬المكان‭.. ‬إنها‭ "‬عزبة‭ ‬الزبالين‭" ‬أو‭ "‬حى‭ ‬الزرايب‭"‬،‭ ‬أو‭ ‬شارع‭ ‬الدير،‭ ‬وجميعها‭ ‬أسماء‭ ‬اختلف‭ ‬عليها‭ ‬زائرو‭ ‬المنطقة،‭ ‬وقد‭ ‬سميت‭ ‬هكذا‭ ‬لأن‭ ‬كل‭ ‬سكانها‭ ‬يعملون‭ ‬فى‭ ‬جمع‭ ‬وتدوير‭ ‬القمامة،‭ ‬فمنذ‭ ‬نعومة‭ ‬أظفارهم‭ ‬يخرجون‭ ‬مع‭ ‬آبائهم‭ ‬أو‭ ‬أمهاتهم‭ ‬لجمعها‭ ‬فهى‭ ‬وحدها‭ ‬مصدر‭ ‬رزقهم‭.‬

جمعية‭ ‬حماية‭ ‬البيئة

ووسط‭ ‬تلك‭ ‬الأكوام‭ ‬يقف‭ ‬مقر‭ ‬جمعية‭ ‬حماية‭ ‬البيئة‭ ‬عالياً‭ ‬بلافتته‭ ‬الخضراء‭ ‬الكبرى‭ ‬كأنها‭ ‬تدعو‭ ‬السيدات‭ ‬للدخول‭ ‬والانضمام‭ ‬لها،‭ ‬وعلى‭ ‬مدخلها‭ ‬يقف‭ ‬عم‭ ‬أبانوب‭ ‬كأنه‭ ‬حارس‭ ‬الجنة‭ ‬يوزع‭ ‬ابتساماته‭ ‬البشوشة‭ ‬على‭ ‬الزوار‭ ‬والعمال،‭ ‬يرتبط‭ ‬بصداقة‭ ‬قوية‭ ‬مع‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬يأتون‭ ‬للمركز‭ ‬التعليمى‭ ‬بالجمعية‭ ‬أو‭ ‬هؤلاء‭ ‬من‭ ‬أطفال‭ ‬الروضة،‭ ‬يلقى‭ ‬على‭ ‬أمهاتهن‭ ‬التحيات‭ ‬ففى‭ ‬الحى‭ ‬الجميع‭ ‬أسرة‭ ‬كبيرة‭ ‬واحدة،‭ ‬تتصدر‭ ‬اللوحة‭ ‬التذكارية‭ ‬لإحياء‭ ‬ذكرى‭ ‬الدكتورة‭ ‬مارى‭ ‬أسعد‭ ‬صاحبة‭ ‬فكرة‭ ‬إنشاء‭ ‬الجمعية‭ ‬بوابة‭ ‬مركز‭ ‬الأطفال‭ ‬لعلهم‭ ‬يتذكرونها‭ ‬بالدعاء‭ ‬والرحمة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نجحت‭ ‬فى‭ ‬تغيير‭ ‬أحوال‭ ‬عزبتهم‭ ‬الصغيرة‭ ‬وأوصلتها‭ ‬للعالمية‭.‬

يحد‭ ‬الجمعية‭ ‬من‭ ‬اليمين‭ ‬دير‭ ‬الأنبا‭ ‬سمعان،‭ ‬الذى‭ ‬يعد‭ ‬تحفة‭ ‬فنية‭ ‬منحوتة‭ ‬فى‭ ‬قلب‭ ‬جبل‭ ‬المقطم،‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬البوابة‭ ‬الرئيسية‭ ‬ومبنى‭ ‬الورق‭ ‬مسافة‭ ‬كبيرة‭ ‬تشعر‭ ‬عند‭ ‬قطعها‭ ‬كأنك‭ ‬تتسلق‭ ‬جبلاً‭ ‬عالياً،‭ ‬لكنك‭ ‬لن‭ ‬تشعر‭ ‬بذلك‭ ‬فابتسامات‭ ‬العاملات‭ ‬تحيط‭ ‬بك‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الجوانب،‭ ‬وفور‭ ‬دخولك‭ ‬تصطدم‭ ‬قدماك‭ ‬بأكوام‭ ‬من‭ ‬الورق‭ ‬والزجاجات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬وأغطية‭ "‬الكانز‭" ‬موضوعة‭ ‬بعناية‭ ‬تمهيداً‭ ‬لفرزها‭ ‬حسب‭ ‬اللون‭ ‬والحجم‭.‬

إبداعات‭ ‬الورق

المبنى‭ ‬يضم‭ ‬طابقين‭ ‬مقسمين‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬غرفة‭ ‬لتدوير‭ ‬الورق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ماكينة‭ ‬كبيرة‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬فرم‭ ‬الورق‭ ‬الأبيض‭ ‬وخلطه‭ ‬بالماء‭ ‬تمهيداً‭ ‬لتحويله‭ ‬لعجينة‭ ‬ذائبة،‭ ‬تقف‭ ‬عليها‭ ‬فتاتان‭ ‬تتناوبان‭ ‬على‭ ‬العملية‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تستغرق‭ ‬سوى‭ ‬دقائق‭ ‬معدودة‭ ‬قبل‭ ‬وضع‭ ‬العجينة‭ ‬فى‭ ‬قوالب‭ ‬مختلفة‭.‬

تقول‭ ‬مارى‭ ‬المشهورة‭ ‬بـ‭"‬أم‭ ‬بولس‭": ‬تعتمد‭ ‬عملية‭ ‬تدوير‭ ‬الورق‭ ‬على‭ ‬الورق‭ ‬الأبيض‭ ‬الذى‭ ‬يأتى‭ ‬إلينا‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬تبرعات‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬والجامعات‭ ‬ويتم‭ ‬فصل‭ ‬ورق‭ ‬المجلات‭ ‬والصحف‭ ‬عن‭ ‬ورق‭ ‬الكشاكيل‭ ‬والكراريس،‭ ‬إذ‭ ‬يستخدم‭ ‬الورق‭ ‬الملون‭ ‬فى‭ ‬عمل‭ ‬منمنمات‭ ‬جمالية‭ ‬يتم‭ ‬تزيين‭ ‬الحقائب‭ ‬بها‭ ‬أو‭ ‬صنع‭ ‬أكسسورات‭ ‬يدوية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقطيعها‭ ‬كمثلثات‭ ‬ولفها‭ ‬بطريقة‭ ‬محددة‭ ‬لتعطيها‭ ‬الصلابة،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العملية‭ ‬بسيطة‭ ‬للغاية‭ ‬ولا‭ ‬تحتاج‭ ‬سوى‭ ‬التدريب‭ ‬عليها‭.‬

وعن‭ ‬الورق‭ ‬الأبيض‭ ‬تقول‭: ‬يتم‭ ‬استخدامه‭ ‬فى‭ ‬عمل‭ ‬الكروت‭ ‬البيضاء‭ ‬وعلب‭ ‬الهدايا‭ ‬وقمنا‭ ‬أخيراً‭ ‬بإدخال‭ ‬أوراق‭ ‬البصل‭ ‬والورد‭ ‬لإضفاء‭ ‬ألوان‭ ‬مميزة‭ ‬على‭ ‬الكارت‭ ‬وشكل‭ ‬مختلف‭ ‬ونقوم‭ ‬بتقطيع‭ ‬الورق‭ ‬الأبيض‭ ‬بشكل‭ ‬متساو‭ ‬ثم‭ ‬وضعه‭ ‬فى‭ ‬ماكينة‭ ‬الفرم‭ ‬وخلطه‭ ‬بالمياه‭ ‬ليصبح‭ ‬عجينة‭ ‬تنقل‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬ألواح‭ ‬خشبية‭ ‬يتم‭ ‬صب‭ ‬العجين‭ ‬بداخلها‭ ‬ووضعها‭ ‬فى‭ ‬الهواء‭ ‬الطلق‭ ‬يوما‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬ليصبح‭ ‬لوحا‭ ‬كاملا‭ ‬يدخل‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬فى‭ ‬استخدامات‭ ‬مختلفة،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬أسعار‭ ‬المنتجات‭ ‬مختلفة‭ ‬ولا‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬50‭ ‬جنيهاً‭.‬

حقائب‭ ‬ولوحات

وعلى‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬مارى‭ ‬تجلس‭ ‬ميرى‭ ‬حيث‭ ‬تعمل‭ ‬فى‭ ‬فصل‭ ‬أغطية‭ ‬علب‭ "‬الكانز‭" ‬والاسبريسو‭ ‬بحسب‭ ‬لونها‭ ‬كى‭ ‬تدخل‭ ‬فى‭ ‬صناعة‭ ‬الحقائب‭ ‬اليدوية‭ ‬وأحزمة‭ ‬الملابس،‭ ‬ولا‭ ‬تكف‭ ‬ميرى‭ ‬عن‭ ‬مداعبة‭ ‬زميلاتها‭ ‬وإطلاق‭ ‬القفشات‭ ‬الخفيفة،‭ ‬فذاك‭ ‬ما‭ ‬يهون‭ ‬عليهن‭ ‬العمل‭ ‬والحياة‭ ‬ككل‭ ‬بحسب‭ ‬كلامها،‭ ‬تمسك‭ ‬قلمها‭ ‬الرصاص‭ ‬وتبدأ‭ ‬فى‭ ‬خط‭ ‬ما‭ ‬تخيلته‭ ‬من‭ ‬شكل‭ ‬الحقيبة‭ ‬على‭ ‬الورق‭ ‬تمهيدا‭ ‬لتنفيذها،‭ ‬فالجمعية‭ ‬تحفزهن‭ ‬على‭ ‬الابتكار‭ ‬والتخيل‭ ‬بحب‭ ‬ودعم‭.‬

تقول‭ ‬ميرى‭: ‬انضممت‭ ‬للجمعية‭ ‬قبل‭ ‬15‭ ‬سنة‭ ‬لمحو‭ ‬أميتى‭ ‬وتعلم‭ ‬حرفة‭ ‬أكسب‭ ‬منها‭ ‬قوت‭ ‬يومى،‭ ‬ومنذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬فيها‭ ‬عشقت‭ ‬عملى‭ ‬وزميلاتى‭ ‬والخبيرات‭ ‬اللاتى‭ ‬كن‭ ‬يحرصن‭ ‬على‭ ‬تدريبنا‭ ‬من‭ ‬آن‭ ‬لآخر‭ ‬ومنهن‭ ‬الدكتورة‭ ‬ليلى‭ ‬إسكندر‭ ‬وزيرة‭ ‬البيئة‭ ‬السابقة،‭ ‬وبدأت‭ ‬فى‭ ‬رسم‭ ‬أشكال‭ ‬تخيلية‭ ‬لحقائب‭ ‬اليد‭ ‬وتنفيذها‭ ‬وسط‭ ‬تحفيز‭ ‬كل‭ ‬الموجودين‭ ‬وقد‭ ‬غمرتنى‭ ‬السعادة‭ ‬بعدما‭ ‬عرفت‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المنتجات‭ ‬يتم‭ ‬تصديرها‭ ‬لأمريكا‭ ‬وأوروبا‭ ‬وهناك‭ ‬يتسابقون‭ ‬على‭ ‬شرائها‭.‬

رغم‭ ‬عدد‭ ‬ساعات‭ ‬العمل‭ ‬الطويلة‭ ‬بالجمعية‭ ‬لا‭ ‬يساورها‭ ‬القلق‭ ‬عن‭ ‬طفليها‭ (‬جورج‭ ‬وسعيد‭) ‬فهما‭ ‬يحرصان‭ ‬على‭ ‬الانضمام‭ ‬لمركز‭ ‬الأطفال‭ ‬التعليمى‭ ‬بالجمعية‭ ‬لمذاكرة‭ ‬دروسهما‭ ‬بتشجيع‭ ‬من‭ ‬ميرى‭ ‬التى‭ ‬تحلم‭ ‬باستكمالهما‭ ‬تعليمهما‭.‬

قماش‭ ‬متعدد‭ ‬الأغراض

وفى‭ ‬الطابق‭ ‬الثانى‭ ‬من‭ ‬المبنى‭ ‬توجد‭ ‬غرفة‭ ‬السجاد‭ ‬والنول‭ ‬اليدوى،‭ ‬والتى‭ ‬تحتضن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نول،‭ ‬وتتناثر‭ ‬قصاصات‭ ‬القماش‭ ‬المختلفة‭ ‬ألوانها‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬وهناك‭ ‬لوحات‭ ‬فنية‭ ‬مرسومة‭ ‬بعناية‭ ‬موضوعة‭ ‬أمام‭ ‬النول‭ ‬كى‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذها،‭ ‬وفى‭ ‬مواجهة‭ ‬النول‭ ‬يقف‭ ‬سيد‭ ‬أحد‭ ‬المدربين‭ ‬الذين‭ ‬قدموا‭ ‬للجمعية‭ ‬لتدريب‭ ‬الفتيات‭ ‬على‭ ‬نمط‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬السجاد‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الشكل‭ ‬التقليدى‭. ‬

تستمع‭ ‬إليه‭ ‬نعمة‭ ‬باهتمام‭ ‬وتركيز‭ ‬ولا‭ ‬تكف‭ ‬عن‭ ‬توجيه‭ ‬سؤال‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬آن‭ ‬لآخر،‭ ‬فقد‭ ‬شارفت‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬السجادة‭ ‬التى‭ ‬تغزلها‭ ‬منذ‭ ‬يومين‭ ‬وترغب‭ ‬فى‭ ‬بدء‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬واحدة‭ ‬أخرى‭.‬

تقول‭ ‬نعمة‭: ‬أتيت‭ ‬إلى‭ ‬الجمعية‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬فى‭ ‬الثالثة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عمرى‭ ‬بهدف‭ ‬محو‭ ‬أميتى،‭ ‬فأغلبنا‭ ‬فى‭ ‬العزبة‭ ‬يجهل‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬أو‭ ‬متسرب‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬لضيق‭ ‬الأحوال‭ ‬المادية‭ ‬وبالفعل‭ ‬نجحت‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬وتعلمت‭ ‬غزل‭ ‬السجاد‭ ‬من‭ ‬بقايا‭ ‬قماش‭ ‬المصانع‭ ‬خلال‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬وأصبحت‭ ‬أغزل‭ ‬سجاجيد‭ ‬مختلفة‭ ‬الأحجام‭ ‬فى‭ ‬مدة‭ ‬قصيرة‭ ‬ولم‭ ‬أكتفِ‭ ‬بذلك‭ ‬فصنعت‭ ‬ستائر‭ ‬وحقائب‭ ‬يد‭ ‬ومفارش‭ ‬ذات‭ ‬نقوش‭ ‬زاهية‭.‬

وتضيف‭: ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬الأوقات‭ ‬كنت‭ ‬أعمل‭ ‬من‭ ‬المنزل،‭ ‬فالجمعية‭ ‬تسلمنا‭ ‬النول‭ ‬والقماش‭ ‬وفى‭ ‬نهاية‭ ‬الشهر‭ ‬يتم‭ ‬محاسبتنا‭ ‬على‭ ‬كمية‭ ‬الإنتاج‭ ‬ليصبح‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬مصدر‭ ‬رزقنا‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬البقاء‭ ‬بالمنزل‭ ‬دون‭ ‬فائدة‭.‬

أما‭ ‬الحاجة‭ ‬زينب‭ ‬إحدى‭ ‬المدربات‭ ‬فتقول‭: ‬عانت‭ ‬منطقة‭ ‬منشية‭ ‬ناصر‭ ‬فى‭ ‬الثمانينيات‭ ‬من‭ ‬انعدام‭ ‬الخدمات‭ ‬الحيوية‭ ‬كالمدارس،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ربع‭ ‬سكانها‭ ‬أميين‭ ‬لا‭ ‬يفقهون‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬خاصة‭ ‬منطقة‭ ‬الزرايب‭ ‬والأحياء‭ ‬المجاورة‭ ‬وعندما‭ ‬أنشئت‭ ‬الجمعية‭ ‬كان‭ ‬هدفها‭ ‬الأول‭ ‬محو‭ ‬أمية‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬وقد‭ ‬انضممت‭ ‬لها‭ ‬ومحوت‭ ‬أميتى،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬شرط‭ ‬العمل‭ ‬وقبض‭ ‬الراتب‭ ‬الشهرى‭ ‬هو‭ ‬كتابة‭ ‬اسمى‭ ‬كاملاً‭ ‬وقراءته‭.‬

وتتابع‭: ‬كانت‭ ‬تأتى‭ ‬إلينا‭ ‬مشرفات‭ ‬وخبيرات‭ ‬فى‭ ‬مجال‭ ‬البيئة‭ ‬مثل‭ ‬الدكتورة‭ ‬ليلى‭ ‬إسكندر‭ ‬وغيرها،‭ ‬وكن‭ ‬يقمن‭ ‬بتدريبنا‭ ‬على‭ ‬مجال‭ ‬إعادة‭ ‬تدوير‭ ‬كافة‭ ‬الأغراض‭ ‬القديمة‭ ‬وبعد‭ ‬نجاح‭ ‬التجربة‭ ‬سافرت‭ ‬بعض‭ ‬عاملات‭ ‬الجمعية‭ ‬لأوروبا‭ ‬للتحدث‭ ‬عن‭ ‬نجاحهن‭ ‬فى‭ ‬مؤتمرات‭ ‬دولية،‭ ‬وهذا‭ ‬بالطبع‭ ‬خير‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬كفاح‭ ‬المرأة‭ ‬وتحديها‭ ‬للصعاب‭.‬

معارض‭ ‬متعددة

يقول‭ ‬بخيت‭ ‬رزق‭ ‬المسئول‭ ‬الإعلامى‭ ‬للجمعية‭: ‬أنشئت‭ ‬الجمعية‭ ‬كمنظمة‭ ‬غير‭ ‬حكومية‭ ‬فى‭ ‬1984‭ ‬بجهود‭ ‬من‭ ‬الدكتورة‭ ‬مارى‭ ‬أسعد‭ ‬والسيدة‭ ‬يسرية‭ ‬لوزة‭ ‬وكان‭ ‬الهدف‭ ‬الأول‭ ‬محو‭ ‬أمية‭ ‬السيدات‭ ‬وتقليل‭ ‬الزواج‭ ‬المبكر‭ ‬داخل‭ ‬العزبة‭ ‬والتى‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬أفقر‭ ‬مناطق‭ ‬مصر‭ ‬وقد‭ ‬انضم‭ ‬إليها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ستين‭ ‬خبيراً‭ ‬فى‭ ‬مجالات‭ ‬الصحة‭ ‬والبيئة‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬ومؤخراً‭ ‬اتسع‭ ‬نشاطها‭ ‬ليضم‭ ‬مجالات‭ ‬التنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتمويل‭ ‬المشروعات‭ ‬متناهية‭ ‬الصغر‭ ‬وباتت‭ ‬تحتضن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬300‭ ‬عاملة‭ ‬وموظف،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬العاملات‭ ‬معيلات‭.‬

يتابع‭: ‬نجحت‭ ‬الجمعية‭ ‬فى‭ ‬إعادة‭ ‬تدوير‭ ‬معظم‭ ‬الهالك‭ ‬من‭ ‬أوراق‭ ‬مجلات‭ ‬وصحف‭ ‬وزجاج‭ ‬مكسور‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬قماش‭ ‬المصانع‭ ‬والكرافتات‭ ‬القديمة،‭ ‬فصنعنا‭ ‬منها‭ ‬مفارش‭ ‬وأغطية‭ ‬ووسائد‭ ‬مريحة‭ ‬كذلك‭ ‬أغطية‭ "‬الكانز‭" ‬و‭"‬الاسبريسو‭"‬،‭ ‬وهذا‭ ‬جعلنا‭ ‬حديث‭ ‬الصحف‭ ‬العالمية،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحنا‭ ‬نصدِّر‭ ‬لأوروبا‭ ‬وأمريكا‭ ‬وكندا‭.‬

وعن‭ ‬معارض‭ ‬المنتجات‭ ‬يقول‭: ‬توجد‭ ‬معارضنا‭ ‬الدائمة‭ ‬فى‭ ‬سوق‭ ‬الفسطاط‭ ‬بمصر‭ ‬القديمة‭ ‬ومدينة‭ ‬نصر،‭ ‬ونحرص‭ ‬على‭ ‬التواجد‭ ‬فى‭ ‬معرضى‭ "‬تراثنا‭" ‬و‭"‬ديارنا‭" ‬بخلاف‭ ‬معارضنا‭ ‬الدولية‭ ‬بأمريكا‭ ‬وكندا‭ ‬وهولندا،‭ ‬ومن‭ ‬المقرر‭ ‬عرضنا‭ ‬فى‭ ‬إنجلترا‭ ‬الأيام‭ ‬المقبلة‭.‬

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة