«.. وهاهو الشعب التركي يتضامن مع المصريين ويوقف أردوجان عند حده ويحطم كل أحلامه».


الطاووس التركي.. سليل سلاطين آل عثمان.. لم يصدق نفسه وهو يسمع نتائج الانتخابات البرلمانية ويري حزبه يتراجع عما كان فيه ، ويضيع حلمه بأن يخرج من الانتخابات منفردا بالسلطة.. مخرجا لسانه للجميع. كان السلطان أردوجان يطمع في أن يتجاوز عدد مقاعد حزبه الذي يعتبر الفرع التركي لجماعة الإخوان المصرية أكثر من نصف عدد مقاعد البرلمان.. ليشكل الحكومة منفردا.. ويمرر ما يريده من تعديلات دستورية تتيح له سلطات أكبر وأكثر تأثيرا لتتحول تركيا إلي دولة رئاسية وليست برلمانية.. لكن حزب أردوجان خرج من تلك المعركة مهزوما منكس الرأس رغم محاولته ايهام أنصاره بأنه الفائز المنتصر. في الحقيقة حصل الحزب علي أعلي الأصوات بما يعني الأكثرية البرلمانية.. لكنه لم يحقق الأغلبية التي تمكنه من فرض شروطه وسيطرته مما يعني الهزيمة علي أرض الواقع ، خاصة أنه كان يراهن علي ذلك. حصل حزب أردوجان الذي يرأسه رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو علي 258 مقعدا من أصل 550 مقعدا هي مجموع البرلمان.. وتلاه حزب الشعب المؤمن بالدولة المدنية غير الدينية علي 132 مقعدا وحزب الحركة القومية المتشدد من أجل القومية التركية علي 80 مقعدا.. كل هذا التراجع كان لحساب الحزب الرابع الذي يخوض الانتخابات لأول مرة وهو حزب الشعوب وهو الحزب الذي يمثل القومية الكردية في تركيا وهم أغلب سكان المناطق الشرقية. تغيير الدستور نحو تعميق دكتاتورية أردوجان كان يستلزم حصول الحزب عل الثلثين أي 367 مقعدا.. والحصول علي حق طرحه في استفتاء شعبي كان يستلزم حصوله علي 60% أي 330 مقعدا..وتشكيل الحكومة منفردا كان يستلزم حصوله علي 276 مقعدا.. والأحتمالات الثلاثة لم تتحقق.. فاستقالت الحكومة ودخلت تركيا في دائرة الاحتمالات. الأرض تهتز تحت أقدام أردوجان.. ومستقبله السياسي يحيط به الغموض.. وهو في الأغلب سيتجاوز المرحلة ولكنه لن يتجاوزها بسهولة ولن يخرج منها سليما. ويقول الكاتب التركي البارز عمر نور الدين، عن هذه الانتخابات انها انتصار الديمقراطية، وخسارة لأردوجان الذي كان فوزه فيها يعني إبعاد البلاد عن مسارها الصحيح، ودفعها دفعا إلي جمهورية عنوانها الخوف والاستبداد، يتحكم فيها شخص واحد تحت زعم ما يسمي بـ « تركيا الجديدة»، والوصف الأخير هو منه براء، والدليل علي ذلك أنه كان سيضعها في مصاف جمهوريات الموز، ومضي نور الدين أن هذه النتائج تعني أن الشعب، الذي لم تنطل عليه الأكاذيب ولا المشروعات الخيالية ولا الحشود الوهمية في الميادين التي كان قوامها الموظفين والطلبة والنساء واستغلال إمكانيات الدولة، وجه له صفعة قوية، لن تنتهي تداعياتها قريبا بل مرشحة لمزيد من التقهقر له وربما تضع مستقبله السياسي في مهب الريح. لذلك فإن هناك عدة سيناريوهات للمستقبل التركي بعد الانتخابات.. سيناريو يشمل العدالة والتنمية: حيث تقضي الأعراف الدستورية بتكليف رئيس الجمهورية لرئيس الحزب صاحب أعلي الأصوات (أحمد داود أوغلو) بتشكيل الحكومة، ليسعي الأخير إلي تشكيل حكومة ائتلافية مع أحد الأحزاب الأخري، أو الحصول علي دعمها لتشكيل حكومة أقلية. ورغم أن هذا الخيار متاح نظريا مع الأحزاب الثلاثة، إلا أن الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي أغلقا باب التعاون بشكل قاطع، أما حزب الحركة القومية فقد أوحي بشرطين يتعلقان بموقع أردوغان في الحياة السياسية، إضافة إلي عملية السلام مع الأكراد، الأمر الذي يصعّب فكرة التحالف.. سيناريو يستثني العدالة والتنمية عن طريق تحالف الأحزاب الثلاثة الأخري لتشكيل حكومة ائتلافية ثلاثية، لكنه في كل الأحوال خيار صعب التحقق، أولا بسبب الخلافات الكبيرة بين أطراف هذا الائتلاف، خاصة الحركة القومية والشعوب الديمقراطي، وثانيا لأن الكرة في ملعب أردوجان الذي لا يلزمه الدستور بهذا الخيار الذي سيجلس العدالة والتنمية علي مقاعد المعارضة. السيناريو الثالث هو الانتخابات المبكرة فبعد مضي 45 يوما دون تشكيل أي صيغة حكومية، فللرئيس الحق بالدعوة إلي انتخابات مبكرة بالتشاور مع رئيس البرلمان، للخروج من حالة الفراغ السياسي. ما يحدث في تركيا بالطبع يهمنا.. بسبب العداء الواضح للنظام التركي تجاه مصر وارادة شعبها واختياره.. وتدخله السافر والمستمر في الشأن المصري.. ومحاولة فرض هيمنته السلطانية علي دولة هي من أعظم الأمم. والأهم من هذا كله هو احتضان النظام التركي لنظام الإخوان ورموزه واستضافتهم وتمويل أنشطتهم.. وإصراره الدائم علي عودة الجماعة الإرهابية وأراجوزها الدوبلير إلي الحكم. كان الشعب المصري ومازال يحب الشعب التركي.. حتي بعد أن فقد النظام التركي الأردوجاني مكانته لدي المصريين. وهاهو الشعب التركي يتضامن مع المصريين ويوقف أردوجان عند حده ويحطم كل أحلامه.