جمال حسين
جمال حسين


من الأعماق

الشابو والأستروكس.. الكيف المُدمِّر!

جمال حسين

السبت، 13 نوفمبر 2021 - 08:14 م

الكريستال - الميث - الشابو - الجلاس - الآيس - الشيطان -أبناء الأكابر.. أسماءٌ مختلفةٌ لمخدِّرٍ واحدٍ مُدمِّرٍ ومُرعبٍ ومُخيفٍ يفوق فى خطورته جميع أصناف المواد المُخدِّرة مجتمعةً، بما فيها الهيروين والحشيش والبانجو؛ لأنه يتسبَّب فى قيام الأشخاص بتصرفاتٍ وسلوكياتٍ مُدمِّرةٍ للأسرة والمجتمع.
حُبيبات وبلُّورات الآيس الكريستاليَّة، ولفافات «الأستروكس» الشيطانيَّة من مُغيِّبات الوعى المُصنَّعة، يُطلقون عليها «الكيف المُودرن، أو كيف أبناء الأكابر»، تقود شبابنا إلى عالم الجريمة من أقصر الطرق.
حُبيبات وأقراص تكمن خطورتها فى أنها تُدمِّر خلايا المخ سريعًا؛ لاحتوائها على موادٍ كيميائيَّة يسهل تحضيرها، وإدمانها يحدث من أول جُرعةٍ، وهذا مكمن الخطورة، وسُرعان ما ينساق إليها المُدمن، ويزيد الجُرعة فى كلِّ مرَّةٍ، حتى يتحوَّل إلى إنسانٍ ضائعٍ نهايته القتل، فإما أن يقتلك أو يقتل الآخرين أو يقتل نفسه؛ لأنه بمجرد أن يتعاطاها؛ سواء بالبلع أو التدخين أو بالحقن فى الوريد، يتحوَّل إلى شخصٍ ذى سلوكٍ عدوانىٍّ، لديه رغبة فى إيذاء الآخرين.
أصبح هذا المُخدِّر المتهم الأول فى معظم الجرائم حول العالم، لدرجة أن الدواعش يتعاطونه قبل تنفيذ بعض العمليات الإرهابيَّة، وهو ما يُفسِّر وحْشيتهم فى القتلِ، وتلذُّذهم بتعذيب ضحاياهم.
الشابو والآيس والفودو والطوابع المُخدِّرة، مُخدرات تخليقيَّة، تعمل على دخول الإنسان إلى عالم الهلوسة، ويُؤكِّد ذلك ارتباط هذه المستحضرات بجرائم غريبة روَّعت مجتمعنا؛ مثل جريمة الإسماعيلية الأخيرة، وجريمة قتل أبٍ بالفيوم لزوجته وأبنائه الستة، وقتل الأبناء لآبائهم وأُمهاتهم، وإلقاء أُم لطفلتها من الطابق السابع.. جرائم لم تقتصر على الأُميين وأنصاف المتعلمين ومحدودى الثقافة فقط، بل شملت مُثقَّفين ومُتعلِّمين، قادهم هذا المُخدِّر اللعين للفتك بأقرب الناس إليهم.
جرائم لا بد أن نتوقَّف أمامها طويلًا، وندق ناقوس الخطر للآباء والأمهات ولجميع المؤسسات التعليميَّة والدينيَّة والإعلاميَّة؛ حتى يقوم الجميع بدوره فى التصدِّى لها.. أتمنى أن يُبادر المجلس القومى للبحوث الاجتماعيَّة والجنائيَّة بعقد مؤتمرٍ جماهيرىٍّ كبيرٍ، تتخلَّله حلقات نقاشٍ لأساتذة عِلم النفس، وعلم الاجتماع، وقيادات الأمن العام والبحث الجنائى، والقانونيين والبرلمانيين ورجال الدين والإعلام والفن؛ لتحليل وتمحيص تلك الجرائم الغريبة على مجتمعنا، والوقوف على المُبرِّرات والدوافع التى أدت إلى حدوثها، وكيفية مواجهتها والحدّ منها.
للأسف الشديد، هذا الشابو المُدمِّر غير مُدرجٍ بجدول المُخدِّرات حتى الآن، لكن عددًا غير قليلٍ من أعضاء البرلمان، تحرَّك عقب جريمة الإسماعيلية الأخيرة؛ لتقديم مشروع قانونٍ، لإدراجه فى جداول المُخدِّرات وتغليظ العقوبات عليه.
يجب أن يُدرك المسئولون عن الفن والإعلام خطورة الدور الذى تلعبه الدراما والأغانى فى تشكيل وجدان الشباب، الذين يحلو لهم تقليد نجوم الفن والغناء، ويجب أن يعترف الجميع بأن الأعمال الدراميَّة الهابطة، أسهمت كثيرًا فى انحدار الأخلاقيات والسقوط فى مستنقع العنف والجريمة والمُخدِّرات، حيث عَرضت بعض المسلسلات والأفلام نماذج سلبيَّة، ومشاهد عنيفة تُشجِّع على البلطجة والسلوك العدوانى.. لقد آن الأوان أن تنتفض النقابات الفنيَّة؛ لتضرب بيدٍ من حديدٍ على كل مَنْ تُسوِّل له نفسه تخريب القيم والمُثل، والتلاعب بعقول الشباب؛ حفاظًا على الأمن والسلام الاجتماعى، لأن الإعلام والدراما من أخطر أسلحة العصر فى البناء والتنمية، أو التخريب والتدمير؛ عند إساءة استخدامها.
ويبقى أن تستعيد الأسرة والمدرسة أدوارهما التربويَّة والتوعويَّة والرقابيَّة؛ حتى لا ينزلق الأبناءُ إلى الهاوية.. يجب ألا يتركونهم فريسةً للهجمات الإلكترونيَّة، التى تستهدف إفساد المجتمع، عبر منصات مستنقعات التواصل الاجتماعى، التى تصاعدت وتيرة استخدامها بين الأطفال والشباب دون ضابطٍ أو رابطٍ.. مُخدِّرات تخليقيَّة هجمت على مجتمعاتنا الشرقيَّة فى السنوات الأخيرة، وتسبَّبت فى تزايد مُعدلات الجرائم، خاصةً الأُسريَّة منها، والتى انتشرت بطابعٍ دموىٍّ من قتلٍ وذبحٍ وتعذيبٍ، مثل جريمة الإسماعيليَّة التى هزت مصر بأكملها؛ بسبب دمويتها، وكونها ارتكبت فى وَضح النهار وأمام المارة.. وفى النهاية أقول لكل الآباء والأمهات: انتبهوا يا سادة، وحصِّنوا أبناءكم ضد المُخدِّرات، قبل أن تندموا فى يومٍ لا ينفع فيه الندم.

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة