كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

فتحى غانم

كرم جبر

السبت، 13 نوفمبر 2021 - 08:28 م

من حسن حظى أننى تعلمت الصحافة على يد العملاق الكبير فتحى غانم، صاحب روايات رائعة أشهرها الأفيال وزينب والعرش، وكل كلمة كان يقولها درساً فى فنون الصحافة.
كان ذلك فى روزاليوسف منتصف الثمانينات، وكان الدور الخامس الشهير فى المؤسسة العريقة يضم عمالقة كباراً، كنا ونحن شباب نقف فى الطرقة حتى نراهم ونسلم عليهم.
روزاليوسف كانت عبارة عن مجموعة غرف على شكل دائرى تواجه الأسانسير الرئيسي، وفى الغرفة المقابلة أحمد حمروش وبجوارها غرف صغيرة جمعة فرحات رسام الكاريكاتير وفايزة سعد وناصر حسين وعبد الفتاح رزق وطارق الشناوي، ثم صالة التحرير، وبجوارها غرف محمود السعدنى وعبد الله إمام ومحمود المراغى ومحمد زيدان ومديحة عزت وعبد الستار الطويلة ومحمود ذهني، وغيرهم من الأسماء الكبيرة التى كان يضمها دور واحد.
من حسن حظى أن فتحى غانم كان يتولى الإشراف على تحرير روزاليوسف متطوعاً عندما يسافر رئيس التحرير، وكنت مسئولاً فى ذلك الوقت عن إدارة التحرير، وكان فتحى غانم يحضر يومى الخميس والجمعة ويراجع البروفات وينصرف ويترك بقية المهمة لنا.
أتذكر فى أحد الأعداد التى نفدت بالكامل كان الغلاف عليه عنوان "بالكمبيوتر القرآن يحدد: نهاية العالم 2020"، وكان بحثاً حول تنبؤات لأحد علماء الدين المهتمين بالكمبيوتر، وكان حدثاً مهماً فى ذلك الوقت، وإن انطبق عليه "كذب المنجمون".
ومن الملفات التى كان لها أثر كبير "الممنوعون من السفر"، وكانت القوائم طويلة وكبيرة، وتشمل سياسيين ورجال أعمال وفنانين وغيرهم، وكان لروزاليوسف الفضل فى إثارة القضية، وتبنت الدولة عملية تنقية الكشوف وحذف كثير من الأسماء، أبرزهم فؤاد سراج الدين وأعضاء الوفد المدرجين على القوائم منذ عام 1952.
تعلمت من فتحى غانم أن "السبق الصحفى الكاذب انتحار مهني"، وأن المحقق الصحفى ليس قاضياً يصدر الأحكام، ولكن يجمع المعلومات وكافة الآراء ويطرحها بحياد وموضوعية، دون أن يصدر حكماً.
وفى إحدى المرات كلفنى بالنزول إلى أسيوط عام 1988، حيث كانت الجماعة الإسلامية على أشدها واحتلت مبنى الجامعة، وقال لى يومها لا أريد أن أعرف رأيك، ولكن رأى أعضاء هذه الجماعة وكيف يفكرون وماذا يريدون.
وقابلت فى أسيوط الدكتور محمد حبيب ولم يكن بعد نائباً للمرشد، ولكن رئيس نادى أعضاء هيئة التدريس، وكتبت ثلاثة تحقيقات متتالية تحت عنوان "أسيوط فى ذمة الجماعات الإسلامية"، وعلمت بعدها أنها أغضبت الرئيس مبارك، ولكن ثبت صحة ما تناولته بعد أن ذهب إلى أسيوط فى زيارة جماهيرية، ولكن عند وصوله تم إلغاء جدول الزيارة، وعقد لقاء واحد فى سرادق قرب مطار منقباد، وعاد بعدها للقاهرة.
كنا نحترم الكبار جداً، ونتعلم منهم ونرى فيهم القدوة والنموذج، وكانوا يبحثون عن أى شاب فيه الأمل ويعشق المهمة، فيقفون خلفه ويدفعونه للأمام.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة