لا أدري لماذا قاطعني صديقي الأمريكي (بيتر) بعد أسبوعين فقط من تعارفنا، وكنا خلال هذين الأسبوعين قد صرنا أصدقاء أنتيم وكأننا نعرف بعضنا البعض منذ سنوات، وقد بدأ تعارفنا منذ أن جاء كرسيه بجواري في إحدي دور السينما في شارع برودواي بنيويورك حيث كنت أتابع فيلما جديدا بدون ترجمة طبعا، وقد تعودت في مثل هذه الحالات أن أفهم قصة الفيلم بالشبه أو أن أقوم بيني وبين نفسي بتخيل حوار ليس له علاقة بالحوار الذي يدور أمامي علي الشاشة فأتأثر بشدة من حوار بين البطل والبطلة مثلا في الوقت الذي أجد فيه بقية الجمهور فطسان علي روحه من الضحك أو أضحك بهستيريا وبقية المشاهدين في وجوم ولأن الشعب الأمريكي لا يتطفل بطبعه علي جيرانه لم يكن أحد يندهش من رد فعلي المعاكس للتيار لذا فوجئت عندما وجدت الأخ بيتر ولم تكن بيننا معرفة من قبل يسألني فجأة: الأخ بيضحك علي إيه بالظبط؟
شرحت لبيتر الحكاية باختصار فأعجبه تصرفي رغم غرابته وصرنا من تلك اللحظة أصدقاء خاصة بعد أن تطوع وشرح لي بانجليزية مبسطة قصة الفيلم الذي أتابعه وخرجنا من السينما حيث كنا نلتقي يوميا بعد أن ينتهي كل منا من عمله فهو يعمل محاسبا في شركة تجارية كبري ينتهي من عمله في الخامسة وبدلا من أن يسارع إلي زوجته وأولاده كان بيتر يقوم باصطحابي في جولة سياحية بسيارته وقد كان شغوفا بمصر وشعبها وتاريخها كما بدأ يهتم باللغة العربية ويلتقط مني بعض كلمات سمعها علي لساني خاصة اذا أجريت أمامه مكالمة مع مصر فيحفظ عدة كلمات بسرعة بعد أن يسألني عن معناها بالإنجليزية، و كانت العلاقة توطدت جدا بيني وبين بيتر الذي بدأ يردد تعبيرات مصرية خالصة. وفجأة لم يعد يرد علي تليفوني ولم أشأ أن أترك الولايات المتحدة دون توديعه ومعرفة ما الذي أغضبه مني بهذا الشكل العجيب.
انتظرته خارج مكان عمله قبيل عودتي للقاهرة وصممت علي معرفة أسباب غضب بيتر مني ففوجئت بآخر شيء كنت أتوقعه حيث قال بيتر: مراتي سابت البيت ومصممة علي الطلاق.. ليه يابيتر؟ هكذا سألته فقال: انت السبب.. وأضاف قائلا: استخدم معها العبارات التي حفظتها منك وفي كل مرة كانت تدب معي خناقة بسببها.. فقلت لبيتر: مش فاهم ياصديقي.. فقال لي: أنا لاحظت مثلا أنك لما بتتصل بحد صاحبك في مصر كنت الاقيك بتقوله: آي مس يو يا انيمال ( يقصد واحشني يا حيوان) فكنت كلما عدت للبيت أقول لها: وحشتيني يا انيمال فتعتقد أني باشتمها.. ولأني لاحظت أنك وانت في أي حتة في نيويورك لو حد طلبك تقوله خمس دقايق أكون عندك رغم أن المسافة تحتاج علي الأقل ساعة ونص بالمترو، فلما كانت مراتي بتطلبني كنت اقولها: (جست فايف منتس يا روحي) وطبعا اوصل بعد ساعتين فاهتزت ثقتها فيا وبدا الماوس (بليي ان هير بريست) يعني (بدأ الفار يلعب في عبها).. لم أتمالك نفسي من الضحك وقلت له: وبعدين عملت معاها إيه؟ فقال: أبدا النهاردة الصبح لقيتها علي آخرها ومش عايزاني أروح الشغل إلا لما اعترفلها بأني باخونها فافتكرت ردك علي مراتك مرة وانت بتتخانق معاها في التليفون فقلتلها: لو مش عاجبك (كولكت يور كلوزس آند قو تو يور مازرس هاوس) يعني لمي هدومك وعلي امك!