عبد العال نافع
عبد العال نافع


عبدالعال نافع يكتب.. «الإنس والجن»

عبدالعال نافع

الإثنين، 15 نوفمبر 2021 - 12:10 ص

حقد أو غل أو مرض أو نفس ضعيفة، أو قلب خال من الإيمان، أو شعور بالنقص، أوصاف كثيرة جالت في أركان عقلي كافة، لعلني أجد توصيفا أو ترجمة لما صدمني الواقع الذي باتت تعيش فيه بعض القرى في الريف.

نشأت في قرية صغيرة عشت بين جنباتها البسيطة أيام طفولتي البريئة فكان أجمل ما فيها ترابط أهلها، الذين كنت أراهم فعلا وحقا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

صفات وعادات وتقاليد راسخة تعبر عن طيبة ونقاء من يعيشون فيها، الجميع مترابطون لا يتركون أحدا منهم في شدة إلا كان الجميع معه.. ولكن ما أفجعني بعدما شاهدت حملات تطوعية يطقلها شباب القرى بين الحين والآخر بين الموتى في المقابر يبحثون عن أعمال الدجل.. فماذا حدث؟

عمل بالقتل وآخر بالجنان وثالث بالمرض ورابع بالتفرقة وخامس بموت طفل لحسرة أبويه عليه وسادس وسابع وثامن.. ما هذا؟ إنهم يستعينون بالجان للفتك بأقرابهم وأصدقائهم وجيرانهم ومن كنا نظن أنهم أحبائهم.. كيف نبت وسط أهل القرية كل هذا الشر والغل.. كيف تبدلت المحبة إلى كره.. وكيف استبدل القلب الفرقة بديلا للترابط والاتحاد.. كيف وكيف؟
      
انهم زادوا في الغل أضعافا وصلوا به إلى حد الإجرام، حيث سمعت من شباب احدى القرى المتطوعين أن أكثر ما يعثرون عليه بين الموتى في مقابرهم ما يعرف في عالم الدجل والشعوذة بـ«الأعمال السفلية»، وأن هؤلاء الحاقدين وأصحاب القلوب الإجرامية يتسللون إلى المقابر في غيبة من أهلها لدفن هذه الأعمال حتى لا يعثر عليها أحد ويظل الضحية يعذب من أفعال الجان، كما أخبروني.

الأمر المفزع أن أهالي القرية يجدون تلك الأعمال الشيطانية مدفونة بين المقابر وعلى قطع من ملابس داخلية أو عظام لحيوانات أو أوراق وغيرها مكتوب عليها أسماء أناس بالفعل تعرضوا للأذى جراء هذه الأعمال الشيطانية.

كلها أشياء صدمتني عندما شاهدتها، فلم تكن هذه أخلاقنا ولا تعاليم ديننا، وما جعلني أشعر بالريبة أكثر ليس وجود هذه الأعمال الشيطانية لكن ما جعلني أفكر في الأمر هو وجودها بكثرة، لأنه من الطبيعي أن يكون هناك أشخاص ضعاف النفوس يلجأون لهذه الأعمال منذ زمن، ولكن ما لفت انتباهي هو وجودها بكثرة هذه الأيام.

الأمر أصبح ظاهرة دفع العديد من الشباب ذي الوعي بمعاونة بعض المشايخ والصالحين لإطلاق حملات بغرض تنظيف المقابر من هذه الأعمال الشيطانية التي تؤذي الناس، وتحيك لهم الشر والضغينة.

أريد أن أصحو أو أنام حتى لا أرى هذه الحقيقة المرة.. فهل تتقدم عقول البشر أم تتأخر!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة