الثلاثاء، 16 نوفمبر 2021 - 06:01 م

الشيخ «مفرح محمود» كان مؤذن ومقريء مسجد «علي البدوي» بكوم الدكة في الإسكندرية، وكان صديقا لـ«سيد درويش» وأول من قام بتحفيظه القرآن الكريم.

وعام 1956 قال الشيخ مفرح: كنت في الحادية عشرة من عمري عندما حفظت جزءًا من القرآن وعهد إلي شيخ كتاب سيدي أحمد الخياشي بتحفيظ صغار التلاميذ.

ويستكمل الشيخ مفرح قائلاً: وذات يوم جاءت سيدة كانت تسكن بجوارنا وعهدت إلي بابنها الصغير «سيد»، وكان في السادسة من عمره، وأوصتني يه، وقد أوليته عناية خاصة لما تميز به من طاعة وسرعة حفظ.

اقرأ أيضًا| أسرار حديقة الأزبكية التاريخية.. أول لقاء لأم كلثوم وأحمد رامي

ولما تقدم سيد بعض الشيء بدأت أتردد عليه في منزله كل يوم لأراجع له ما حفظه حتى أصبحت كواحد من أفراد الأسرة، وكنت أنادي والدته بـ«أمي»، ولما أنشئت مدرسة «حسن حلاوة» في الحي واخترت مدرسًا فيها أخذت تلميذي وصديقي «سيد درويش» معي.

وكانت بين الدروس حصة للأناشيد كان المدرس يحفظ التلاميذ خلالها بعض الأناشيد القديمة وكان سيد أول من يحفظها يلقيها إلقاء جيد بصوته الرخيم.

وفي هذه المرحلة بدأ الشيخ سيد يغرم بتتبع تقليد الشيخ «حسن الأزهري» أشهر مرتلي القصائد الدينية في ذلك الوقت، وكان طلبة المعهد يلتفون حوله معجبون بصوته.

وذات يوم دعانا أستاذنا في المعهد الشيخ «أحمد الشباسي» لإحياء خاتمة بمناسبة مولد حفيده، وفي تلك الليلة أبدع سيد وبرزت مقدرته بشكل واضح أدهش المدعوين، وكان وقتئذ في الرابعة عشر من عمره، وأخذته وعدنا إلى كوم الدكة في نحو العاشرة مساء، ولكنه غافلني وعاد مرة أخرى إلى السهرة؛ حيث استمر ينشد حتى الفجر، وقد سمعه ثري تركي فدعاه ليحيي الليلة التالية عنده.

وأقبل سيد يزف الخبر وهو يكاد يطير من الفرح، وأخبرني أن المدعوين جمعوا له جنيهين ونصف تقديرًا له، وأخذني إلى السوق ليبتاع عمامة جديدة وقماشًا لجبة جديدة.

وفوجئت بأن الثري التركي أعد سرادقًا ضخمًا احتشد فيه جمهور غفير، وأطرب سيد هذا الجمع الكبير وظل ينشد حتى الفجر بين إعجاب الموجودين ودهشتهم من قدرته، وتوالت بعد ذلك السهرات والليالي على سيد درويش وأصبح له سماسرة يتفقون باسمه مع أصحاب الحفلات.

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم