د. محمد حسن البنا
د. محمد حسن البنا


يوميات الأخبار

خلل فكري وأخلاقي عالمي

محمد حسن البنا

الأربعاء، 17 نوفمبر 2021 - 05:57 م

 

وصية سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه «اميتوا الباطل بالسكوت عنه، ولا تثرثروا فيه فينتبه الشامتون».

ألاحظ، مع الشطط الذى نعيش فيه، خللا فى الفكر والأخلاق العالمية. وأرى أن لدينا عجزا فى المفكرين والفلاسفة والعلماء الباحثين عن التطور الحقيقى للعالم، الذين يرسمون المسارات، ويؤسسون للسلم والأمن العالمى، إنما الغلبة للأفكار والاختراعات التى تزيد الخلل فى العلاقات الإنسانية. وهو ما حدث مع اختراع الحاسبات الآلية والتليفونات المحمولة، والإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعى.

يكفى أن نعلم أنها نتاج تفكير عسكرى تسليحى بدأ فى البنتاجون الأمريكى وانتشر فى العالم من خلالها. كما ألاحظ غلبة فكر الشخصيات السياسية على فكر الشخصيات الإبداعية. السياسة أقرب إلى البراجماتية والمنفعية، بينما الإبداع يسعى للمدينة الفاضلة. لا تتعجبوا من كلماتى، لأننى أعيش الواقع وأتألم من مجرياته، ومازال لدى أمل فى تصحيح مسار العالم!!.

يكفى أن أدلل على ما أقول بإحصائية ذكرها الخبير العربى الأردنى الدكتور معن القطامين عن النمو الاقتصادى الخرافى للشركات الرقمية العالمية. حيث تخطت ميزانية 6 شركات أمريكية «فيس بوك وأبل وجوجل وميكروسوفت وتسلا وأمازون» حاجز الـ 11 تريليون دولار، وهو ما يفوق اقتصاديات 4 دول عظمى هى «ألمانيا وفرنسا وانجلترا وإيطاليا»، بل يفوق الاقتصاد العربى لـ 22 دولة، ويفوق الاقتصاد الأفريقى لـ 54 دولة.

هذه الشركات الأمريكية استفادت من جائحة كورونا التى دمرت الاقتصاد العالمى. حيث تضاعفت ميزانياتها فى أشهر قليلة بينما الناس فى العالم تموت. أليس فى ذلك دليل على انعدام البعد الإنسانى للتكنولوجيا الحديثة. الأخطر من ذلك استخدام المعلومات فى أعمال جاسوسية لتخريب بعض الدول. وهو ما كشف عنه العطل الذى حدث فى الفيس بوك، وتم التعتيم على ما ذكرته الموظفة السابقة بالشركة من القيام بأعمال غامضة وعدم اتباع الشفافية. وهو ما ثبت من القمر الصناعى الإسرائيلى الذى تجسس على مكالمات زعماء العالم، وانتفض ضده زعماء أوروبا وقد تابعنا ردود فعل الرئيس الفرنسى ماكرون والمستشارة الألمانية ميركل فى حينها.

يقول الدكتور معن أن شركة ميتافيرس «فيس بوك» كانت ميزانيتها عام 2010، 63 مليار دولار، اليوم أصبحت تريليون دولار. تيسلا كانت 2٫2 مليار ارتفعت إلى أكثر من تريليون دولار. أبل كانت 7٫8 مليار ارتفعت إلى 2٫5 تريليون دولار. ميكروسوفت 325 مليار، ارتفعت إلى 2٫5 تريليون دولار. أمازون ارتفعت من 6 مليارات إلى 1٫8 تريليون دولار. جوجل ارتفعت من 23 مليارا إلى 2 تريليون دولار. يكفى أن نعلم الاقتصاد الرقمى فى أمريكا يبلغ 22 % من الناتج القومى. بينما فى الدول العربية يمثل 4 % فقط. هذا فى الوقت الذى يتجه فيه العالم إلى الاقتصاد الرقمى. علينا أن نسأل أنفسنا: إلى أين يتجه العالم؟!.

ضيق الأفق

ما يحدث فى الشارع العالمى عامة والمصرى خاصة، ينم عن ضيق أفق وشخصنة ومصالح ضيقة، وهى بيئة صالحة لانتشار الذباب الإليكترونى للجماعات الإرهابية. وإن شئت الدقة أقول إن الجماعة الإرهابية تسعى إلى تغذية هذه البيئة الفاسدة لضرب الاستقرار.

فإذا انتهينا من الرسوم المسيئة للرسول محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، عاد إلينا فيديو قديم لقس مشلوح، أى مطرود من الكنيسة، يسب النبى محمد. ويكتشف العقلاء أن الفيديو تم تجديده لإثارة الشارع المسلم، وضرب فتنة بين عنصرى الأمة المصرية. ويأتى متزامنا مع الكلمات الحاسمة لفضيلة الإمام الشيخ أحمد الطيب، والتى بها يقطع الطريق على مؤامرة خطيرة جدا، تستهدف ضرب الديانات السماوية وأتباعها. حيث كشف عن المخطط العالمى للديانة الإبراهيمية، المزعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، عندما أقنع كوشنر فى عهد الرئيس ترامب بعض الدول بالتطبيع مع الكيان الصهيونى، فى صفقات مشبوهة. حتى أن دولة الإمارات أنشأت مجمعا يضم كنيسا يهوديا وكنيسة مسيحية ومسجدا للمسلمين فى مكان واحد، يكون مقرا لنشر الدعوة المشبوهة، بمزج الديانات الثلاث فى دين واحد، أى ذوبان للإسلام والمسيحية مع اليهودية، تحت دعوى رأب الصدع فى المنطقة وحقن الدماء. يفسر لنا ذلك الهجوم الشرس الذى يقوم به البعض على الإسلام ورموزه، والتشكيك فى مكانة السنة النبوية، وفرضية الحجاب، والهجوم على قراءة القرآن، ورفع الأذان والصلاة فى المدارس وأماكن العمل، وغيرها.

رائحة الفتنة
 وأتفق مع ما قاله أستاذنا الدكتور صفوت حميدة: لا نقبل أن يُمس رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. ولا أى نبى من أنبياء الله بتطاول من معتوه أو مجنون أوغبى. لكنى فى نفس الوقت أشتم رائحة الفتنة، ومحاولة تقسيم الوطن بظهور هذا الفيديو الكريه والمرفوض تمامًا من شخص كريه مذموم. وهو ما أكد عليه الصديق اللواء حسين مصطفى الذى طالب بتحكيم العقل والمنطق. عندما تعيد نشر الإهانة فأنت تشارك فى الإهانة بدون وعى.. عندما تنشر صور واسم المجرم فهى دعاية له.

الحمد لله أن العقل ساد وفشل المتخلفون الذين يحاولون هدم مصر بدق الأسافين فى النسيج المصرى.
 ويذكرنا العالم الجليل الشيخ أبو إسلام الجوهرى بوصية سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه «أميتوا الباطل بالسكوت عنه، ولا تثرثروا فيه فينتبه الشامتون». وقد قال الله تعالى «فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ، الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ. وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ، وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ» الحجر: ٩٤-٩٩. ويدعونا العالم الجليل الشيخ محمد حرز إلى الحذر حتى لا تكون فتنة بين المسلمين والمسيحيين. فهذا كلب لا قيمة له هو، كذبابة حقيرة تساقطت على نخلة تمر عملاقة ولما أرادت أن تطير قالت للنخلة: ‏تماسكى فإنى مغادرة. ‏فقالت لها النخلة: أيتها الذبابة الحقيرة ما شعرتُ بكِ يوم جئتِ لأشعر بكِ يوم غادرتِ.!

إننا يجب ألا نتوقف أمام هذه التفاهات التى تصدر من هنا وهناك، وهذا لا يمنعنا من الغيرة على ديننا الحنيف. وكما تتيح لهم الحرية الحديث والعمل  كيف يشاءون، فيجب ألا ينكروا علينا الرد والتوضيح لما يغيب عنهم، ثم هم عند ربهم موقوفون.!.

يقول الصديق العزيز رزق أبو الفرج موجه أول اللغة الإنجليزية بالدقهلية: لِمَ كل هذا الغضب والضيق لبعض أصحاب المنصات الإعلامية من قراءة القرآن أوقات الراحة فى أماكن العمل؟ أضاقت عليكم الأرض بما رحبت جراء هذا المسلك النبيل؟ إن حب القرآن وتلاوته تريح النفس وترقق المشاعر وترسخ القيم وتثرى العقل وتبعث على التأمل والتدبر ودافع لإتقان العمل. مصرنا الغالية بلد سمح طيب يسعنا جميعا - مسلمين وأقباطا - وحرية الإعتقاد مكفولة للجميع لأننا نمثل نسيجا وطنيا واحدا.

المخدرات والعنف

ما نراه مؤخرا من حوادث بشعة فى الشارع المصرى  تدفعنى إلى تحذيرات عديدة من انتشار مخدر الشابو الذى تسبب فى أعمال عنف عديدة. لابد من حملة شعبية ورسمية ضد هذا الخطر المخيف والمدمر للاقتصاد والدولة. أنواع جديدة يقبل عليها المدمن، لها أسماء مختلفة «الميث، الشابو، الجلاس، الآيس، الكريستال، الشيطان».

الخطورة تكمن فى أنه لا يزرع، لكنه خلطة كيميائية يسهل تحضيرها بمواد بسيطة، ولذلك ممكن تنتشر فى معامل بير السلم. وممكن تحضيرها بالمنزل. أيضا كل المخدرات يمكن علاج المدمن إلا الشابو، ليس له علاج حتى الآن. ينتج عنه تدمير المخ ويصل إلى حالة القتل للغير أو لنفسه، بعد أن يتحول إلى شخص مختلف تماما، يشعر بطاقة هائلة تسرى فى عروقة وبالثقة والنشوة وارتفاع درجة الحرارة لدرجة إنه ما يطقش هدومه وسرعة ضربات القلب ورغبته الجنسية جامحة وسلوك عدوانى وشرس ورغبة فى إيذاء الآخرين والقتل ويقوم بحك جسده ونتف شعره وطحن أسنانة بشكل لا إرادى مع شعوره بهلاوس ولا يستطيع النوم لعدة أيام، يتحول من إنسان كرمه الله إلى زومبى مثل الحيوان المفترس الهائج العدوانى.

الدراسات أثبتت أن الشابو هو السبب الأول فى معظم الجرائم حول العالم. وثبت أن الدواعش يتعاطونه قبل تنفيذ بعض العمليات، وقد يفسر هذا وحشيتهم وتلذذهم بتعذيب ضحاياهم. كما أثبتت أن مدمن الشابو تنتشر القرح فى وجهه وجسمه ونخر أسنانه وتساقطها، والنحول الشديد وظهور الشيخوخة عليه رغم صغر سنه. وقد انتشر فى الملاهى الليلية  بالقاهرة فى الديسكو وبين المراهقين لرخص ثمنه وفى الصعيد. ويتردد عمل  سهرات على تذكرة شابو والكل بيشم دخانها فيما يشبه الحلقة. المشكلة أنه يجب إدراج هذا السم القاتل فى جدول المخدرات وفى قانون العقوبات. وللأسف موجود فى الكثير من الدول العربية وإيران. ربنا يحفظ شبابنا من الشر والأشرار.

العمارة الإسلامية

مغرم بالعمارة والحضارة، منذ عرفته فى سبعينيات القرن الماضى. محاضر دولى وأستاذ العمارة الإسلامية ومفكر هندسى رفيع المستوى. الصديق الدكتور مهندس يحيى وزيرى. أصدر مؤخرا كتاب: «الحدائق الحضرية بالمدن الإسلامية» باللغة الإنجليزية عن دار نشر Scholar's press. وفيه يقدم وزيرى، نموذجا يحتذى فى مجال دراسات العمارة والعمران الإسلامى المعاصر، من خلال المشاهدات الميدانية والمنهج التحليلى واستخدام صور الأقمار الصناعية، بحيث تكون النتائج واقعية وليست نظرية، وهو ما نحتاجه حاليا فى دراسات وأبحاث العمارة الإسلامية. دراسة توزيع الحدائق الحضرية الكبرى فى مدينة أنقرة، عاصمة تركيا باستخدام برنامج Google Earth.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة