محمد عدوى
كيفك إنت ؟
« سارتر » وجس النبض
الخميس، 18 نوفمبر 2021 - 10:23 ص
محمد عدوى
كيف نلوم شخصا لم يقرأ كتابا، ولم يشاهد فيلما، لم يتذوق الموسيقى، ولم يشعر بهيبة المسرح فى اعتراضه على اسم مسرحية؟!، كيف تتحاور مع شخص أوصدّ أبواب العقل على أفكار بالية، أحاطها بغلاف الفضيلة المصطنعة وآراء حمقاء؟، كيف تقنع شخصًا أن «المومس الفاضلة» مسرحية لكاتب كبير- جان بول سارتر - كتبها منذ نحو 80 عامًا، وقدمت عشرات المرات بنفس الاسم فى بلدان كثيرة منها مصر، وأنها لا تحض على الرذيلة، ولا بها أى مشهد إباحي، وقد استهواه دور الفاضل العفيف؟!، وحصل من خلاله على جوائز «اللايك والشير»!، كيف تقنعه أن الأدب والفن خلاصه من «عتمة الجهل»؟!، كيف تفعل هذا كله وأهل الفن أنفسهم غرقوا في غيابات الجهل، ووحل وضحالة الفكر، كيف تصلح الأحوال، ومن ينتمون إلى القوة الناعمة فى ثبات التطرف، مستسلمين خانعين وخاضعين؟.
من حق المواطن الذى يرى أن «المومس الفاضلة» - الاسم - قد جرح مشاعره المرهفة، وهدد كيانه العائلى الجميل الراسخ المحافظ الذى لا يشوبه شائبة إذا كانت هناك فنانة اعترضت على مشهد يجسد فيه زميل لها دور شقيقها طبيبا يضع يديه على يديها لجس النبض!، وهناك شخص آخر علمت آيضا أنه في طور الفن، وبدأ حياته كممثل طلق هذه الفنانة وأعادها إليه بعدما تأكد أن المخرج «الكيوت» استجاب لطلبه العادل بحذف مشهد جس النبض.
من حق الذين أهملوا عشرات الأزمات والمشاكل وذهبوا بطلبات الإحاطة لتكريس فعل المنع لمسرحية لم يرها ولم يقرأها ولم يعرف عنها سوى اسمها أن يسجل هذه الخطوة فى سجل إنجازاته ودولاب بطولاته إذا كان أهل الفن قد شغلهم جس نبض الممثلة حديثة العهد، وتفرغوا لتصحيح الخطأ الأكبر والفعلة النكراء.. فكيف لممثل أن يجس نبض زميلته الممثلة فى وضح النهار هكذا دون رقيب؟!، أين حمرة الخجل يا أخى؟!، أين حمية وعصبية الرجال؟!، أين نخوة الشرفاء؟!، هل وصلنا إلى مرحلة أن يجس الممثل نبض الممثلة «عينى عينك كده»؟!.
الحقيقة أن مرحلة جس النبض سبقها مراحل كثيرة، مرحلة السينما النظيفة التى تبنتها أجيال كثيرة، مرحلة ممنوع اللمس التى تبناها سوبر ستار يفضل «الشابو» على الأداء دائما، ومرحلة شيوخ الإنتاج الغارقين فى بلاتوهات السينما نهارا وأحاديث الوعظ ليلا أو العكس.. كلها مقدمات لا تجعلنا نلقي اللوم على من استفزه اسم مسرحية سارتر.. كلها أفعال الذباب - وهى اسم مسرحية أيضا لنفس الرجل البائس فى قبره وهو يشعر بما يجرى على أرض كانت تصدر الفن والأدب للعالم فيما مضى – كلها مقدمات لمسخ فنى وأدبي يريده البعض ويفضله لمصر وفنها.. كلها محاولات - فى رأيي - ساهم فى تعظيمها حال أهل الفن ورؤيتهم- أو إن شئت الدقة - عدم رؤيتهم لأهمية ما يفعلونه وشعورهم الدائم أن الفن وظيفة ليس أكثر.. لا لوم على جاهل وحاقد، لا لوم على مغيب أو مدعي.. هو لوم على من ينتمون إلى مهنة سامية، وإن كان منهم جاهل وحاقد ومغيب ومدعي.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة