آبى أحمد
آبى أحمد


آبى أحمد يصعد للهاوية..هزائم الحكومة الفيدرالية تقود لتفكك إثيوبيا

آخر ساعة

السبت، 20 نوفمبر 2021 - 10:04 ص

أحمد جمال

تسارعت وتيرة الأحداث فى إثيوبيا بصورة لافتة خلال الأسبوع الماضى بعد أن أعلنت تسع جماعات إثيوبية، من بينها جبهة تحرير شعب تيجراي، تشكيل تحالف ضد الحكومة الفيدرالية برئاسة آبى أحمد، وهو التطور الذى وضع العاصمة أديس أبابا أمام خطر السقوط بيد القوات العسكرية المناوئة للحكومة الفيدرالية، إذ تقدمت القوات المتحالفة باتجاهها فى الوقت الذى بدا فيه رئيس الوزراء محاصراً من جهات عديدة دون أن يستطيع تحقيق تقدم يُذكر على الأرض.

وأعلنت "جبهة تحرير شعب تيجراى" و"جيش تحرير أورومو" و7 قوى أخرى تشكيل تحالف يسمى "الجبهة المتحدة الجديدة للقوات الفيدرالية الإثيوبية" ضد حكومة آبى أحمد، سعياً إلى تحقيق انتقال سياسى مع اقتراب مقاتلى المعارضة من أديس أبابا، ووصلت القوميات والفصائل المتحالفة إلى منطقة كيميسى الواقعة على مسافة 325 كيلومترا شمال العاصمة حيث انضموا إلى مقاتلين من جبهة تحرير أورومو، ولم تستبعد الجماعتان الزحف نحو العاصمة لإسقاط رئيس الحكومة.

وبسقوط "كيميسي" الواقعة فى وسط إثيوبيا على تقاطع الطرق الرئيسية الرابطة بين العاصمة أديس أبابا وبقية المدن والأقاليم؛ فقد الجيش الإثيوبى أهم نقطة لوصول الإمدادات خصوصا إلى إقليم تيجراي، واضطرت الحكومة الإثيوبية، الثلاثاء الماضى لإعلان حالة الطوارئ، وسط مخاوف من حرب شاملة تلقى بتبعات كارثية على المستويين المحلى والإقليمي.

يشكل التحالف الجديد الذى ضم مجموعات من مناطق مختلفة أو مجموعات إثنية تشكل الغالبية العظمى من الشعب الإثيوبى بمثابة هزيمة سياسية وعسكرية لرئيس الوزراء، لأن محاولته البناء على شرعية الانتخابات الماضية التى شابتها عمليات تزوير ولم تجرِ فى كافة المناطق لم تحقق الغرض منها، كما أن قومية الأورومو، أكبر إثنيات البلاد، التى انحدر منها تخلت عنه وتحالفت مع جبهة تحرير تيجراى وهو ما دفعه لحث المواطنين على حمل السلاح باعتبار أن اندلاع حرب أهلية واسعة النطاق فى البلاد قد يحافظ على حضوره على رأس السلطة التنفيذية.

فشل رئيس الوزراء الإثيوبى فى تحقيق أى انتصار يُذكر على الأرض سواء على المستوى العسكرى بعد أن تراجعت قواته وأضحت تحاول تحصين العاصمة بعد أن كانت تستهدف السيطرة على إقليم تيجراى ووصلت إلى العاصمة ميكيلي، وعلى المستوى السياسى فشل أيضًا فى توظيف سد النهضة كهدف من الممكن أن تتوحد حوله كافة القوميات، وأضحت توجهاته الساعية للتطهير العرقى وخدمة حلفائه من قومية الأمهرة واضحة للعيان.

وعلى المستوى الدولى لم يتمكن من استغلال حصوله على جائزة نوبل للسلام فى عام 2019 ليؤكد أنه جدير بها بالرغم من أن حصوله عليها كان محل تشكيك وانتقادات عديدة، بل إنه فقد جزءا كبيرا من الدعم الدولى الذى حصل عليه بعد أن تورط فى جرائم حرب، وتتصاعد المطالب بضرورة محاكمته بحق ما ارتكبه من جرائم بحق ملايين الأبرياء، ولم تعد إثيوبيا الدولة التى من الممكن الاعتماد عليها لتحقيق توازن أو ثقل فى القرن الأفريقي.

وهو ما قاد الولايات المتحدة نحو إصدار قرار بسحب طاقمها الدبلوماسى غير الأساسى من إثيوبيا، بسبب تصعيد النزاع المتواصل، كما فرضت السفارة الحظر على رحلات موظفيها إلى خارج العاصمة أديس أبابا، وحثت وزارة الخارجية الأمريكية رعاياها المتواجدين فى إثيوبيا حاليا بمغادرة البلاد بالاستعانة برحلات الطيران المتوفرة، محذرة من أن سفارة واشنطن من غير المرجح أن تكون قادرة على مساعدتهم فى مغادرة البلاد حال تعليق حركة الملاحة الجوية.

أكد السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصرى للشئون الأفريقية، إن التحالف الجديد الذى جرى تدشينه فى مواجهة آبى أحمد حمل اسم "الجبهة المتحدة للقوات الفيدرالية والكونفدرالية الإثيوبية"، وهو ما يشى بأنه تحالف يحمل نزعة استقلالية بعيداً عن الدولة الإثيوبية الفيدرالية، كما أن اتجاه رئيس الوزراء لإعلان حالة الطوارئ يؤكد أن جيشه فى وضعية صعبة وأن ميزان القوى العسكرية ليس فى صالحه.

وأضاف أن المجتمع الدولى أضحى مدركاً أن رئيس الوزراء الإثيوبى ارتكب جملة من الجرائم التى وضعت القوى الإقليمية الداعمة له فى موقف محرج بعد أن هاجم إقليم تيجراى وارتكب جرائم ضد الإنسانية وتورط فى جرائم إبادة جماعية ووقف حائلاً أمام وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين إلى جانب عمليات التجويع والتشريد والنزوح التى تسبب فيها، وجميعها جرائم يقف ضدها المجتمع الدولى ويجرمها.

وأشار حليمة إلى أن الوساطات والدعم الذى جاء لآبى أحمد من بعض الدول لم يأتِ بثماره لأنه يتمسك بوضعية داخلية تجعله مهيمنًا على كافة القوميات والأقاليم، وهو وضع أبعد ما يكون عن الواقع، فى حين أنه استخدم خطاب الكراهية وتجاوز الخطوط الحمراء التى تضعها مواثيق حقوق الإنسان وكافة المواثيق الدولية، موضحًا أن الدعم الذى يتلقاه من تركيا وإيران لن يقود لتغيير المعادلة على الأرض، إذ إنه استخدم الطائرات المسيّرة فى هجمات سابقة على إقليم تيجراى لكنها لم تحقق أهدافها وأصابت عددا كبيرا من المدنيين والأطفال.

وأجبر العنف فى تيجراى ما يقرب من 3 ملايين شخص على الفرار من ديارهم، ويحتاج أكثر من 5 ملايين شخص إلى مساعدات إنسانية عاجلة، وفى منطقتى عفار وأمهرة المجاورتين، هناك تقديرات بأن 1٫5 مليون شخص آخرين بحاجة إلى مساعدات طارئة.

ولفت السفير حليمة إلى أن ما يجرى فى إثيوبيا قد يعيد الصواب إلى رؤية القيادة الحالية التى تعتبر أن النيل الأزرق نهر داخلى ولها الحق فى السيادة المطلقة عليه، وأن تلك المفاهيم قد يجرى إعادة النظر فيها لكى يفطنوا إلى أن التعاون والتنمية والسيادة المشتركة السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والتنمية الاستقرار والحفاظ على علاقات المصالح المشتركة واحترام المواثيق والاتفاقيات ذات الصلة.

وتوقعت الدكتورة هبة البشبيشي، أستاذة العلوم السياسية بكلية الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، أن تستمر حالة الاضطراب فى إثيوبيا طيلة الستة أشهر المقبلة مع بدء التحركات العسكرية من جانب الحكومة الفيدرالية وقومية تيجراي، وأن الأمل فى ظهور شخصية أو قائد عسكرى يستطيع أن يوحد كل القوميات والشعوب الإثيوبية، وفى حال عدم حدوث ذلك فإن الجيش الفيدرالى سيكون فى طريقه إلى التفكك.

وأوضحت أن عوامل هذا التفكك بدأت فى الظهور منذ الحرب التى شنها آبى أحمد على إقليم تيجراي، فى ظل انفصال عدد من القادة العسكريين عن القوات المسلحة وانضمامهم إلى جبهة التحرير، إلى جانب أن قوات الجيش الإثيوبى الموجودة على الحدود الإريترية أضحت رهينة للقرار الإريتري، وقد تكون أمام مركز تتواجد فيه قوات الجيش فى حين أن الأطراف ستكون تابعة لقوميات أخرى، وهو ما يؤشر على إمكانية تفكك إثيوبيا لأكثر من دولة.

وقال أيمن نصرى رئيس المنتدى العربى الأوروبى للحوار وحقوق الإنسان، إن الصراع بين جبهة تحرير تيجراى والحكومة الإثيوبية وصل لحد وقوع مذابح واسعة النطاق، وعنف بحق المدنيين، وهجمات عشوائية فى أنحاء تيجراى، وهو ما أدى إلى مقتل50 ألف شخص على أساس عرقى وشهد الإقليم عملية قتل واسعة على الهوية من جانب الجنود الإثيوبيين والإريتريين الذين سهّلت الحكومة الإثيوبية لهم دخول البلاد للمشاركة فى تلك المجازر، ونقلت وسائل الإعلام الدولية مشاهد للقتل والاغتصاب الجماعى فى تحدٍ للتعتيم الإعلامى الذى حاول النظام الإثيوبى فرضه  بقطع الإنترنت ومنع دخول وسائل الإعلام لإخفاء جرائم التطهير العرقى والإبادة الجماعية.

وأشار إلى أن التقارير الحقوقية التى رصدتها منظمات دولية عديدة أشارت إلى منع جنود من الجيش الإثيوبى سيارات الإسعاف من الوصول إلى أماكن الاشتباكات، واتهمت تقارير حقوقية قيام عناصر من الجيش الإثيوبى باختطاف القتلى والمصابين من مشافى "توجوبا" فى تيجراي، ورصدت بعثات الأمم المتحدة استخدام الجنود الإثيوبيين والإريتريين سلاح "الاغتصاب" بحق نساء الإقليم كسياسة منهجية حتى أن بعض شهادات الأطباء خلال علاج الضحايا أثبتت ذلك، إلى جانب أن هناك 91% من سكان تيجراي، بحاجة إلى مساعدة غذائية طارئة.

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة