أن يعيش الرسام مستقلًا..زيارة لـ«كايرو كوميكس ٦»
أن يعيش الرسام مستقلًا..زيارة لـ«كايرو كوميكس ٦»


أن يعيش الرسام مستقلًا.. زيارة لـ «كايرو كوميكس ٦»

أخبار الأدب

الأحد، 21 نوفمبر 2021 - 05:25 م

 

كتب : أحمد وائل
فى دورته السادسة لاقى كايرو كوميكس حضورًا لافتًا، ازدحمت الفعاليات فى أيامه الثلاثة من ٥ إلى ٧ نوفمبر الجارى فى حديقة متحف محمود مختار. لكن ما يلفت النظر فى الدورة الأحدث من المهرجان المعنى بالقصة المرسومة هو تكاثف زواره حول طاولات الفنانين التى رُصت فى المدخل وحملت عنوان «ساحة المستقلين». خلف الطاولات الصغيرة وقف فنانون وفنانات، جميعهم طبعوا رسومهم على نفقاتهم، على هيئة ملصقات صغيرة أو لوحات فى حجم «A4» وعرضوها على الزوار.
الحركة فى ساحة الدخول بطيئة، كل مَن يدخل يتمهل متأملًا أسطح تلك الطاولات. تعاين الأعين الرسوم، مشاهد من قصة أو شخصية بطل أخرى، ثم ترتفع قليلًا للتعرّف على رسامها. 

تلاحظ حركة البيع النشطة، الجمهور يشتري، والرسام يسأل جاره الرسام عن فكة، والآخر يعرض على الزبون الحصول على رسومات بدلًا من الفلوس أو يدفع للزبون الفكة المُستحقة ويخبر زميله الرسام «عليك ليا ٣٠».
هذا المشهد، رغم سخريته، يعبّر عن حال الكوميكس فى مصر الذى تطور بجهود رسامين جاؤوا إلى المهرجان فرادى مؤمنين بموهبتهم، ووثقوا أن رسمهم المطبوع على نفقتهم سيُباع هنا.
وفى «ساحة المستقلين» أيضًا، تحوّل الرسامون إلى ناشرين، فمَن لم يجد ناشرًا نشر لنفسه، حيث ترى بخلاف الرسومات المطبوعة على هيئة ملصقات، كتبًا طُبعت رقميًا توفيرًا للنفقات، وأغلب تلك الكتب تُعتبر من فئة الألبوم أى تضم أعمال الرسام خلال فترة محددة، وليست رواية مرسومة أو كتابًا ذا ثيمة محددة. وفى هذا الإطار، يلفت الانتباه ألبومى توفيق وأحمد عبد المحسن.
حين تتأمل حماس فنانى «ساحة المستقلين»، الذين يأتون فرادى، الواحد منهم يرسم ويكتب ويحبّر وينشر ويبيع شغله، تجد أن ذلك الحماس يتشابه مع مشهد الكوميكس المصرى الذى حرّكه أفراد لا مؤسسات. 

 


نما هذا المشهد فى الهامش بجهود مبدعيه الفردية الذين راهنوا أن الكوميكس فن للكبار وليس للأطفال، أو لا مانع أن يكون للاثنين معًا، حيث بدأت أولى إرهاصات الكوميكس، قبل نحو خمسة عشر عامًا، داخل أعداد مجلة «ماجد» التى قدمت سابقًا رسوم إيهاب شاكر وغيره، ثم على صفحات عدة جرائد مصرية كان أبرزها «الدستور» أوائل الألفية. 
لكن الكوميكس لم يتوقف عند النشر فى الصحافة، بل صنع رساموه مبادرات تدعم هذا الفن وتدفعه إلى الأمام، تشكلت هذه المبادرات على هيئة تنظيم ورش، أو إصدار مجلات كان أبرزها «توك توك» وأكثرها انتظامًا فى الصدور، أو تأسيس منصات رقمية لإثراء المحتوى الرقمى بالرسوم، فضلًا عن مبادرات طباعة فردية. 
>>>
كما أن المهرجان نفسه مبادرة فردية، فقد أسسه رسامان هما مجدى الشافعى ومحمد شناوي. أولهما صاحب أول رواية مرسومة، والآخر أحد مؤسسى مجلة «توك توك»، وشركة «الفن التاسع» المعنيتين بالكوميكس. لكن تنظيم مهرجان لا يمكن أن يكون نشاطًا فرديًا، بل تلقى «كايرو كوميكس» دعمًا من مؤسسات مثل المركز الثقافى الفرنسى والصندوق العربى للثقافة والفنون «آفاق»، وقطاع الفنون التشكيلية، ومعهد جوته. 
>>>
بعد مغادرة «ساحة المستقلين»، تجد «سوق الكوميكس» الذى يضم أكشاك العارضين، هكذا نخرج من جهود الأفراد إلى أعمال المؤسسات، داخل الأكشاك يمكن متابعة أحدث الإصدارات المعنية بالكوميكس، مثل كتب «المحروسة» و«عصير الكتب» و«كتبنا». 
المعروض فى هذه السوق وخارجها يكشف عن قلة عدد الروايات المرسومة، فمنذ صدرت فى ٢٠٠٨ «مترو» التى ألّفها مجدى الشافعى يمكننا تذكر إلى جوارها أعمال مثل روايات مصطفى يوسف (على نفقته الخاصة)، ودينا محمد يحيى بسلسلة «شبيك لبيك» (المحروسة)، وحازم كمال «قنديل الجو» (الكرمة)، ومحمود رفعت «وقت الشدة» (مزج - المحروسة). وهو عدد محدود خلال نحو ١٣ عامًا، لكن الكوميكس فيه أشكال أخرى غير الروايات، بخلاف كتب الألبومات المرصوصة على طاولات المُستقلين، هناك كتب ثيمة والتى تتكون من قصص رسمها فنانون مختلفون تلبية لتلك الثيمة، منها «إكسبريس» (الصادر عن مزج فى ثلاثة أعداد)، و«إحنا بتوع البردي» وهى كتاب مرسوم مُستوحى من رحلة عبلة البحراوى لاكتشاف عالم صناعة البردي، وتفاعل مع هذه الرحلة عدة رسامين منهم مصطفى يوسف وأنديل ومخلوف وميجو وتوفيج. 
بخلاف الساحة والأكشاك نظم المهرجان معرضًا من إعداد وتصميم شناوي، وهو عبارة عن ثلاث جداريات مرسومة؛ خُصصت الأولى لسرد الحكاية وراء شمسة ودانة، الشخصيتين اللتين رسمهما الراحل إيهاب شاكر. ركزت تلك الجدارية على استعادة المشروع عبر حوار مع الكاتبة سميرة شفيق، مؤلفة قصص/ مغامرات شمسة ودانة، وزوجة شاكر. حين أخبرها الفنان الراحل أن مجلة «ماجد» متحمسة لنشر قصة عن جزيرة معزولة تعيش عليها سلحفاة، تحمست شفيق لكتابة قصة تدور أحداثها داخل هذه الجزيرة المُتخيلة، لكنها أضافت إلى هذا الاقتراح شخصيتى دانة وشمسة وصقرهما منصور وتوالت مغامراتهم والتى نُشرت فيما بعد فى كتب عن دار الفتى العربى والشروق. أما الجدارية الأخرى فهى لرسوم بهيج جارودي، الفنان اللبنانى الذى اعتاد نشر رسومه على انستجرام، وتأتى مصحوبة بعبارات بالعربية والإنجليزية فى إطار مربع، بسبب طبيعة الموقع الذى يحدد إطارًا مربعًا لنشر كافة الصور. تميزت هذه الجدارية بتقديمها شغل جارودى لأول مرة بعيدًا عن الشاشة، لكن اللافت أن زوار المعرض التقطوا صورًا مع تلك الرسوم، ربما لتعود من جديد لتُنشر على الموقع ذى الإطار المربع.

 

والجدارية الأخيرة ضمّت مقتطفات من رواية الفرنسية كلويه واري؛ «موسم الزهور» والتى تتناول الصراع بين الجنسين فى ملعب كرة القدم فى إحدى الضواحى الشمالية بالعاصمة الفرنسية.
وبين أكشاك العارضين والمعرض، تقع منصة شهدت نقاشات حول عدة أعمال منها رواية الرسام حازم كمال والكاتب شارل عقل «قنديل الجو»، وكتاب الرسامة مى كُريم «القضية ٤٣ اللبان». كما نُظمت خلال الأيام الثلاثة لقاءات «ورشة الفنان» والتى أتاحت لزوار المهرجان إطلالة داخل مرسم الفنان، حيث يشاهدون خطوات إعداده لعمل جديد، بداية من رؤيته وهو يرسم صفحة جديدة من هذا العمل، وخلال تلك الورش، عايش زوار «كايرو كوميكس» تجارب عدة فنانين منهم الجزائرى سليم زروقى والمصرى وهبة.

اقرا ايضا | ما حكم السخرية من الأشخاص عن طريق الكوميكس؟.. «الإفتاء» تجيب

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة