«خير جليس» يشكو من الوحدة : لماذا يهجر أبناؤنا المكتبات المدرسية؟!
«خير جليس» يشكو من الوحدة : لماذا يهجر أبناؤنا المكتبات المدرسية؟!


«خير جليس» يشكو من الوحدة : لماذا يهجر أبناؤنا المكتبات المدرسية؟!

حسنات الحكيم

الأحد، 21 نوفمبر 2021 - 06:36 م

«الذين يعرفون كيف يقرؤون هم الذين سيقودون الجنس البشرى مستقبلاً» هكذا قال المفكر الفرنسى الأشهر فولتير، ومن قبله قال المتنبي: أعز.. وخير جليس فى الدنيا كتابُ؛ تأكيداً على أن القراءة ليست ترفاً أو أمراً عابرا، إنما هى حاجة فكرية ثقافية ملحة وضرورية فى كل زمان ومكان، ولو أن فولتير أو المتنبى عاشا فى زماننا لأزعجهما حالنا، فما عاد الكتاب خير جليس بعد أن احتل مكانه الحاسب الآلى والألعاب الإلكترونية، حتى صارت مكتبات المدارس مهجورة خاوية على عروشها،  فكيف نغرس فى أطفالنا وطلابنا عادة المطالعة؟ وكيف نعيد دور مكتبة المدرسة المفقود؟ فى الوقت الذى تهتم  فيه الدولة بالقراءة والثقافة... أسئلة نحاول البحث عن إجاباتها فى التحقيق التالي..

فى البداية يؤكد رائد أدب الأطفال يعقوب الشارونى أنه لكى يُحب التلاميذ القراءة، فلابد أولاً أن يحبوا الكتاب المدرسى المقرر عليهم، ليكون مدخلاً لحب القراءة عموماً، ويتحقق ذلك من خلال البحث عن الشكل المُفضل عند القارئ الصغير لهذا الكتاب؛ فمثلاً يحب الصغار قصص الرسوم المتتالية (الاستربس) فى المجلات الموجهة إليهم، وقد وجدتُ الكتب المدرسية فى فرنسا وألمانيا للمرحلة الابتدائية تستخدم بتوسع هذه الشرائط المرسومة، كذلك يُحب الأطفال أن تكون كل معلومة مصحوبة برسم ملون واضح، وهو ما نجده فى كل كتب المعلومات والثقافة العلمية على مستوى العالم؛ لذلك لابد من تقسيم المعلومات إلى فقرات غير طويلة، وأن تكون كل فقرة مصحوبة برسم ملون واضح متقن، أيضاً يحب الأطفال الكلمات المتقاطعة، لذلك تستخدم بعض الدول هذا الأسلوب فى الكتب المدرسية، على أن تكون الكلمات المطلوب التعرف عليها مُستقاة من المادة الدراسية التى يدور حولها الكتاب ويضيف الشارونى: لكى يتردد الطالب على مكتبة المدرسة، فلابد أن تكون مفتوحة طوال اليوم الدراسي،

يعقوب الشارونى

ولمدة نصف ساعة قبل بدء الدراسة، ونصف ساعة بعدها، وأن تظل مفتوحة فى النوادى الصيفية بكل مدرسة، مؤكداً ضرورة أن يتعرف المدرس على ما يوجد فى المكتبة المدرسية من كتب، وأن يصحب معه إلى الفصل، عند شرح موضوع معين، كتبًا من المكتبة مرتبطة بالموضوع الذى سيشرحه؛ وفى هذا لابد من التوسع فى استخدام دوائر المعارف، وتقول الأديبة والباحثة نجلاء علام رئيس تحرير مجلة «قطر الندى»: كنت تلميذة نشيطة فى الصف الثالث الابتدائي، أجرى وألهو فى الفسحة المدرسية، وفجأة جاءت المعلمة وقالت: حصة القراءة ستبدأ، واصطحبتنا إلى المكتبة، ودخلتُ حينها عالمًا من المتعة والمعرفة، لم أخرج منه حتى الآن، وأردفت نجلاء: المكتبة المدرسية كانت رافداً أساسياً لغرس بذور الموهبة داخل المبدعين فى جيلنا، لأنها كانت توفر الإطلاع على الكتب بشكل مجاني، خاصة فى ظل ارتفاع أسعار الكتب، ولكنها الآن أصبحت عبئاً على المؤسسات التعليمية تريد التخلص منه؛ فالوقت لم يعد متاحا لحصة المكتبة أو المطالعة، وتكدس المناهج جعل الطلاب ينفرون من القراءة، وهناك بعض المبادرات المحمودة فى هذا المجال كمشروع «تحدى القراءة العربي» الذى أطلقه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لتشجيع الطلاب على القراءة فى الوطن العربى.. وأكد الكاتب المسرحى محمد عبدالحافظ ناصف رئيس المجلس القومى لثقافة الطفل أن المكتبات تعتبر أماكن يأتى إليها الناس بهدف التعلم والوصول للمصادر والمعلومات المختلفة؛ وللمكتبة المدرسية دور مهم فى تثقيف الأطفال كما أنها من أهم الأنشطة المدرسية، فالطفل يذهب إلى مكتبة المدرسة باختياره ليبحث عن الكتب التى تناسبه،

نجلاء علام

 

وتنال إعجابه ويقرؤها بسعادة، ولهذا يجب دعم مكتبة المدرسة بأحدث الكتب المتنوعة والمصورة التى تجذب الطفل، فإذا تعود الطفل على القراءة فى مكتبة المدرسة سوف يحب القراءة ويظل يقرأ بشكل مستمر كما يجب على أمينة المكتبة تشجيع الأطفال على المشاركة فى نشاط حصص المكتبة وتقديم الكتب المناسبة لكل مرحلة عمرية للطلاب.


فى حين تقول الأديبة والباحثة د. إيمان سند -وهى مبدعة لكتب الأطفال- إنما نحرص على دفع الأطفال دفعا إلى القراءة، فالقراءة هى البوابة التى يعبر منها الطفل إلى الحياة؛ ابتداء من ابتعاده الجزئى عن الأسرة، والتحاقه بالمدرسة، وتعرفه معنى الصداقة، والأسر الشبيهة بأسرته، ومفاهيم جديدة عليه مثل الشارع ودور العبادة والسوق والعائلة، وغيرها.. ويبقى الكتاب لصيقا بالطفل منذ أن تحكى له أمه حكاية قبل النوم، وحتى تصحبه المعلمة لأول مرة مع فصله إلى مكتبة المدرسة؛ ساعتها تنفتح له بوابة أوسع يدرك من خلالها أنه بإمكانه معرفة العالم من حوله، والماضى والحاضر والمستقبل، بإمكانه معرفة العلوم وجغرافية الدول وتاريخها.

 

 والطفل يدرك منذ الصغر مدى اهتمام من حوله بالكتاب، فإن كان اهتمامهم عظيما، استعظم الكتاب وعرف قدره، وإذا كان غير ذلك، ربما تراجعت عنده مسئولية الكتاب.


وقد حملنا هموم المكتبات المدرسية وشكواها من العزوف عنها وتوجهنا بها إلى «مكتبة المدرسة»، حيث التقينا إيمان إبراهيم أمينة مكتبة للمرحلة الابتدائية التى بادرتنا بالقول إنه ليس هناك خطة عمل واضحة ومستمرة ينتهجها الكادر التدريسى من أجل تحفيز الأطفال على المطالعة والبحث، إنما هناك اجتهادات ذاتية تنبع من طبيعة شخصية المدرس أو أمين المكتبة، كما أن الأطفال أصبحوا يفضلون قضاء أوقات فراغهم أمام شاشة «الكمبيوتر» والألعاب الإلكترونية،

د. إيمان سند

 

وقد تحدثت إلينا الطالبة إسراء محمد بالصف الثانى الإعدادى فقالت: أنا وزميلاتى لا نفضل حصة المكتبة فمعظم الكتب قديمة ولا تعبر عن اهتماماتنا إلى جانب أن اليوم الدراسى لا يكفى لمذاكرة المناهج التعليمية حتى «نضيع» الوقت فى قراءة الكتب الخارجية! وفى الصيف نفضل «تضييع» وقتنا أمام «الكمبيوتر» ومواقع التواصل الاجتماعى المختلفة.

محافظ الإسماعيلية يكرم الطالب عبد الرحمن أول الجمهورية بمسابقة تحدي القراءة العربية

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة