كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

وأد الاستنارة !

كرم جبر

الأحد، 21 نوفمبر 2021 - 07:22 م

مصر التى "يحفظها الله" هى القوة الناعمة، بمزيج الثقافات والحضارات على مر التاريخ، فأثمرت فنوناً وآداباً ورقياً يشع نوره على دول وشعوب المنطقة، وسط ضجيج التكفير وصليل السيوف وقرع الدفوف.
لم ينجح المتطرفون فى وأد استنارة طه حسين والعقاد، ولا أن يستبدلوا وطنية الشيخ المراغى وانفتاح محمد عبده، بخيانات القرضاوى واستخفاف وجدى غنيم.. ولم تستطع "أم أيمن" أن تمحو ذكرى "هدى شعراوى"، وفشلوا فى إسكات صرخة أم كلثوم وهى تشدو "أنا إن قدر الإله مماتى لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدى"، وعلا صوت عبد الوهاب يغازل معشوقته مصر "ليه بس ناح البلبل ليه، فكرنى بالوطن الغالى".
وانكشف الغطاء عن زيف التيارات التى تختبئ وراء الدين، لتحقيق أطماع من أجل الحكم والسلطة والسلطان والخلافة والسيف والجلاد، وليس لها أدنى علاقة بالدين، وأثبتت التجربة المريرة التى عاشها الشعب بنفسه، استحالة استمرار مسلسل التضليل بالأديان، واستدعاء نماذج كاذبة ليس لها وجود على أرض الواقع، ووعود بأنهار العسل والمن والسلوى، لم تسفر إلا عن روافد من الدماء، وغربان وبوم يبحث عن خرابات يعشش فيها.
الطريق إلى الإرهاب مفروش بضرب الهوية الوطنية، والزعم الكاذب بأن "الأوطان للخلافة"، ومقصدهم من ذلك أن يقتلوا فى النفوس حمية الدفاع عن الأرض، وجعلها مستباحة تحت شعارات دينية، صنعوها من الأكاذيب، لأن الأديان لا تفرط فى الأوطان، ومن يموتون دفاعاً عنها، هم فى أعلى درجات الشهادة.
الحجة الزائفة لأمراء الإرهاب هى أن الأوطان بدعة وضلالة، وأن الجهاد لا يستقيم إلا إذا قتلوا من يهتف بحياة بلاده وذبحوا من يرفع علمها، وهكذا فعل الإرهابيون المرتزقة فى كثير من الحوادث التى مرت بها البلاد.
منذ متى كان قتل أبناء الوطن وهم يدافعون عنه جهادا فى سبيل الله وهم ساجدون ويرفعون أيديهم بالدعاء لرب الكون؟.. ومنذ متى ومواكب الشهداء تزلزل الغضب فى القلوب، وتدفع الثأر فى العروق؟، أبناؤنا الشهداء إلى جنات الخلد، والمجرمون إلى جهنم وبئس المصير، فشتان بين من يدافع عن بيته وأرضه ووطنه وأهله وذويه.. وبين من يقتل من أجل القتل.
إنهم لصوص الأديان والأديان بريئة منهم، اختاروا علماً أسود بلون الظلام، فإذا خرجوا للنور صرعتهم ألسنة الضوء وأشعة الشمس، وفى الظلمة تتكاثر الأوبئة والأمراض وأحلام الشيطان، وتصبح صوبة تنمو فيها أفكار كراهية الأوطان، وكأن القتلة شربوا ماء بلادهم سماً، وأكلوا من خيراتها طعاماً يسرى فى عروقهم ناراً وسعيراً.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة