الأحد، 21 نوفمبر 2021 - 08:26 م

ما أكثر الأحداث الفارقة التى تتوه فى طوفان الأنباء العالمية المنهمرة فى تلاحق مذهل وتسارع لاهث، وما أروعها من علامات تسطع فى أفق واقعنا الحي، ولكننا للأسف نعجز عن رؤيتها ومن ثم إدراك أهميتها، لانشغالنا بمتابعة الأمور اللصيقة بذواتنا، وكم تبدت فى سمائنا شهب مضيئة مشيرة إلى أحداث بالغة الأهمية عميقة الدلالات، ولكننا سهونا عنها لأن أعيننا محدقة فى تلك الأخطار المفزعة التى تهدد عالمنا، ولكن ذلك الحدث الفارق بالغ الأهمية، لا يجب أن يمر كغيره من العلامات التى سطعت فى أفقنا فلم نأبه لها، ودون أية مجاملة ومن غير أدنى مبالغة أراه حدث العام الثقافى بلا منازع، إن لم يكن الحدث الأبرز على كل الأصعدة فتحقق حلم العربية أخيرا، وبعد طول انتظار و كثير عناء، جرى تدشين التجربة الأكثر نضجا للمعجم التاريخى للغة العربية فى صورتيه: الورقية والرقمية، وصدرت البشرى الباهرة بقرب تمام إنجازه فى إطار فعاليات معرض الشارقة للكتاب، ولايمثل ذلك مجرد إنجاز مرموق، ولكنه أكبر من هذا بكثير إنه علامة فارقة فى الثقافة العربية يمكن اتخاذها كبداية للتأريخ لمرحلة جديدة كما أنه قفزة عملاقة، ووثبة مذهلة فى دنيا صناعة النشر العربى، فقد أصبح هناك أخيرا شهادات ميلاد موثقة لجل ألفاظ العربية، ومختلف مفرداتها وسيرة حياة مدونة لكل كلمة تؤدى معنى فى اللغة، ولكم أن تتصوروا مدى الجهد المضنى الذى بذله المخلصون كى يجمعوا شتات ألفاظ العربية جميعا، ويتتبعوا مراحل حياة كل كلمة وأية مفردة، وكيف تطورت دلالاتها عبر العصور كلها، وصولا إلى مجتمعاتنا اليوم،  وإنه - لعمري- أمر شاق بالغ الصعوبة والتعقيد، ولكن الإخلاص والرغبة فى أن تحظى لغتنا الجميلة ولساننا الفصيح بما تقلدته اللغات العالمية الأخرى من أوسمة هونت المشقات،  والإعلان عن قرب إنجاز مشروع المعجم التاريخى للغة العربية حدث فارق بكل المقاييس، كان حلم أجيال عديدة حرمت منه، ولكنه الآن يبزغ فى الأفق لينعم به، ويتفيأ ظلاله ملايين الناطقين بالعربية حول العالم.