محمد العزبى
محمد العزبى


يوميات الأخبار

هل يدخل الصحفيون الجنة؟!

الأخبار

الإثنين، 22 نوفمبر 2021 - 06:12 م

بقلم/ محمد العزبى

فاطمة رآها من البلكونة فخطبها بعد خمس دقائق وتزوجها بعد أسبوع وعاش معها خمسين عاما

حتى لا أخدع القراء فى أول يوميات أكتبها للأخبار وقد بدأت حياتى الصحفية فى مجلة «آخر ساعة» عندما كان يرأس تحريرها الأستاذ «هيكل» نتبادل كتابة البخت أنا ورفيق رحلتى «حمدى قنديل» من كلية طب قصر العينى نجاحا ورسوبا لنمسح بلاط صاحبة الجلالة!

وكنت أرى من بعيد مصطفى بيه (أمين) وهو يخرج من جيبه ورقة بـ «خمسة جنيه» يقدمها لصحفى شاب مكافأة على خبر أو تحقيق صحفى أو متابعة لحادث تميزت به الأخبار - الأستاذ جلال الدين الحمامصى فكان يقدمها ورقة بخمسة قروش «شلن» وعليها إمضاؤه! - ويبدو أن مصطفى بيه ظل يعتبرنى من أبناء أخبار اليوم حتى بعد التحاقى بدار التحرير التى قضيت فيها كل عمرى الصحفى؛ فعندما رأست تحرير جريدة «الإجيبشيان جازيت» حرص مصطفى بيه على لقائى فى مكتبه صباح كل يوم أحد نستعرض الجازيت ويقدم لى نصائحه وعندما انتهت مهمتى فى الجريدة الوحيدة وقتها التى كانت فى مصر باللغة الإنجليزية وكنت أول صحفى يرأس تحريرها فكل من سبقونى كانوا أساتذة فى اللغة الإنجليزية.. وقد حصلت على جائزة مصطفى أمين عن رئاستى لتحرير الجازيت التى دامت عامين وكنت أتوقع أن تكون عن كتابة عمودى الصحفى بجريدة الجمهرية الذى لفت نظر مصطفى بيه وأشاد به فى كتابه «سنة ثانية سجن».

حيث كتب فى اهدائه: إلى  الصديق محمد العزبى أجمل تحية لكاتب أن يقول له كاتب آخر أنه تمنى أن يكتب بعض مقالاته!
هذا ما شعرت به فى سجنى أن أقرأ مقالاتك عن الإرهاب والطغيان والظلم والظلام
مصطفى أمين
ديسمبر ١٩٧٥

***

الخديعة هى أن العنوان «هل يدخل الصحفيون الجنة ؟» هو عنوان كتابى قبل الأخير - ولعله الأخير - وقد أصابه النحس فلم يجد ناشرا رغم الوعود المصحوبة بالمبالغة فى الترحيب به وبى.. والحق أننى لم أبذل جهدا فاستمتاعى كان كتابته فى الوقت الضائع.. فهل هو نحس العنوان أو نحس المؤلف؟!
يا مسهل

.. لا أعتقد أن العنوان يثير قلقا عند أحد مثلما حدث مع أول كتبى «مسافر على كف عفريت» عن رحلات اختلطت فيها السياسة بالسياحة ولقاء مع «كيم ايل سونج» مؤسس كوريا الشمالية الغامض.. وحديث مع «أنديرا غاندى» زعيمة الهند فى قصرها بالعاصمة «نيو دلهى» إذ أصابها زكام منعها من الذهاب إلى مكتبها وأربكنى كثرة الكلاب والحراس وأنا أخاف الاثنين؛ والوصول إلى مطار العاصمة الأندونيسية «جاكرتا» ليلة الانقلاب على زعيمها «سوكارنو» وقابلته فى مدينة «باندونج» بحضور وزرائه وكبار معاونيه الذين سرعان ما حوكموا وتم إعدام بعضهم!
قال لى زميل جاد معاتبا: مش كنت تسميه «مسافر على كف الرحمن».

- أصدرت بعده ثلاثة كتب عن الصحافة. ورابعهم «هل يدخل الصحفيون الجنة ؟»؛ وقد يفضل القراء هذه الأيام أن يدخلوهم النار وبئس المصير!.
الكتاب الأول «كناسة الصحف» اقتبست عنوانه من كناسة الدكان للأديب الرائع الراحل «يحيى حقى»؛ غير أن زميلا أراد أن يجاملنى بنشر خبر بصورة عن تكريم نقابة الصحفيين لى فى يوم عيد ميلادى الأخير ولم يعجبه اسم الكتاب واعتبره زلة قلم فسماه «كراسة الصحف»!!.
أما الكتاب الثانى فعنوانه من كلمتين «الصحافة والحكم» اخترت واحدة منهما واختار «سيد حسين» رئيس تحرير كتاب الجمهورية وقتها الكلمة الثانية وبعد أن كان زميلى أصبح صديقى.

وكتابى الثالث نشرته دار «دلتا» - قطاع خاص - وفاجأنى الزميل «محمد هشام عبية» بزيارتى فى منزلى ومعه النسخ الأولى من كتابى الثالث وكان عبية رغم شبابه مستشارا صحفيا لدار النشر.. لم أعرف كتابى من عنوانه الذى اختاروه له: «صحفيون غلابة»!.. ربنا يستر على عنوان الكتاب القادم؛ «هل يدخل الصحفيون الجنة؟».. وعلى ما أعددته للنشر على صفحته الأخيرة ليكون حسن الختام.. أو عبرة السنوات الطويلة التى مضت.
أما فصول الكتاب فلا تسر ولا تضر:

«صاحبة الجلالة.. سابقًا»
«حكايتى مع عيون بهية» وفيه تأميم الصحف وإغلاق جريدة «المصرى» على لسان «يوسف ادريس» فى رواية «الزوجة المكسيكية» الممتعة للدكتور «إيمان يحيى».. وغرام الأستاذ كما يرويها «صلاح منتصر» فى مقاله «طربوش هيكل».. ومشاغبات مفيد فوزى ومجدى الجلاد وحمدى رزق والمناوى وآخرين فى «المصرى اليوم».. و»عيون مصرية» ومقالات ربما فاتك قراءتها مثل «الذين يكرهون الصحف ويأكلون الكشرى».. ولا أسكت الله للكاريكاتير صوتا.. وعندما يكتب الصحفى كتابه.. ومن أيام الزمن الجميل.

عن عنوان المقال!
يمكن أن يدخل بعض الكتاب والنواب والصحفيين والإعلاميين الجنة «إذا اعتزلوا». فالصحف والمجلات لا تصدر إلا فى جهنم وبئس المصير.. والتليفزيونات أيضا!
فاعتزلوا. وأنا أوّلكم. يرحمكم الله.
وبعد كل ذلك ماذا يبقى من الأستاذ ؟!
- تركنى «سامح» ابنى وسندى وحبيبى.. ذهب وحده للقاء ربه.. كنت أتوكأ عليه فى شيخوختى وأرى الدنيا بعيونه بعد أن ضاع منى البصر وأأتمنه على وصيتى بعد موتى فإذا به يخدعنى ويموت قبلى.
تجمع الأصدقاء والزملاء وشباب جريدة الجمهورية حيث عشت وعملت كل سنوات عمرى يشاركوننى الحزن والألم عن بعد ومنهم كثيرون لم أتشرف بمعرفتهم عن قرب.
لفت المشهد نظر صحفية شابة فأخذت تتساءل حائرة مين الأستاذ محمد العزبى اللى زعلانين عشانه؟!

- قبلها بسنوات وأنا فى عز تواجدى أكتب مقالا كل يوم طلب منى سامح أن أساعد ابن زميل له تخرج مؤخرا من كلية الإعلام فى العمل بإحدى الصحف.. فلجأت إلى صديقى وزميلى الشاب «شارل المصرى» وكان يشغل وقتها منصبا مؤثرا فى جريدة «المصرى اليوم».. رحب خاصة وأنهم يطلبون محررين تحت لتمرين..
ذهب إليه فى اليوم التالى ولم تدم المقابلة سوى دقائق اتصل بعدها شارل ليقول بعصبيته المعروفة: طردته.. ليه بس؟.. قبل ما يقعد عرفنى بنفسه: أنا جاى من طرف الأستاذ محمد المغربى.. وخلص الكلام!!!

.. غرام المبدعين .. والصحفيين
عندما قرأت كتاب «غرام المشايخ» الذى كتبه بشجاعة وإبداع الصديق الصحفى أيمن الحكيم تصورت أنه ختام الغراميات.. بدأه بقيثارة السماء الشيخ «محمد رفعت» سحرته بطواجن البامية وحملته فى سنوات مرضه وماتت ساجدة فى ليلة القدر.

.. الحب من أول نظرة على طريقة الشيخ (مصطفى إسماعيل) فاطمة رآها من البلكونة فخطبها بعد خمس دقائق وتزوجها بعد أسبوع وعاش معها خمسين عاما.. ونصف. الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، الأخت الصعيدية تزوجها وعمره ١٩ عاما وأنجبت له أحد عشر كوكبا.. الملف الشخصى لسلطان النهاوند.. كيف جمع الشيخ المنشاوى بين زوجتين و١٢ابنا فى بيت واحد؟.. فرح وسعاد امرأتان فى قلب الشيخ الحصرى.. سيدة قلب الشيخ محمود على البنا
تزوجها بعد معركة ورحلت ووزنها ٣٧ كيلو حزنا عليه.. أم سامى حكومة الشيخ الشعراوى زوجها له والده وهو تلميذ فى الابتدائية ليحميه من فتنة.. أم فتحية المرأة التى أحبها الشيخ على جمعة ٤٥ سنة أم بناته الثلاث تزوجها بعد تخرجه فى كلية التجارة ولا يأكل إلا من يديها.. الباقورى.. الشيخ العاشق أحب كوكب طفلة وتزوجها صبية وأنجبت له ثلاث بنات وعاش معها ٤٥ سنة..

.. الرومانسية على طريقة الشيخ طنطاوى. الإمام الأكبر يعترف لصفية العمرى بقصة حبه لبنت عمه.. شيخ الطريقة الحامدية الشاذلية الذى أحب وتزوج مديحة يسرى.. قصة الحب الأسطورية بين بنت الشاطئ وأستاذها الشيخ أمين الخولى.

- أم سند المرأة المجهولة فى حياة الشيخ كشك تزوجها بعد تخرجه فى الأزهر وأنجبت له سبعة وعاشت معه سنوات السجن الطويلة.. القرضاوى.. عندما يأتى الحب فى آخر العمر.. مصطفى محمود.. قصة زواج صاحب العلم والإيمان قابل سامية فى الصيدلية وتزوجها فى غرفة العمليات.
.. بنت شيخ الجواهرجية حبيبة شيخ المداحين تزوجها الكحلاوى وعمرها ١٤ سنة وعاشت معه ٥٠ سنة وأنجبت له ٧
.. كرامات الشيخ النقشبندى تزوج سيدة عاقر فأنجب منها ٣ أولاد.
.. هكذا فاجأنى أيمن بكتابه «غرام المبدعين» وعناوين فصوله تكفى لإغراء قرائه:

خذوا الحكمة من أفواه الصحفيين
«لم تعد تُقرأ الصحف من الصفحة الأولى؛ ولا من صفحة الوفيات؛ ولا من صفحات الرياضة؛ و لا من الأخيرة!»
«أغلى اتنين جنيه فى مصر التى نشترى بها صحيفة؛ بينما ندفع عشرات الجنيهات فى مشاريب القهوة!»
«الحق علينا؛ فالأخبار بايتة والجريدة باهتة والصحفيون سعداء!!.. أم أن الحق على المقالات التى تكاثرت علينا فكدنا أن يصبح كتّابنا أكثر من قرائهم!»
«يعتذر الكاتب وعادة يسبقها الأستاذ الكبير فلان الفلانى يعتذر عن عدم الكتابة حتى موعد آخر.. هكذا تدخل البهجة  قلوب القراء!!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة