كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

أم كلثوم

كرم جبر

الإثنين، 22 نوفمبر 2021 - 06:37 م

أعشق أم كلثوم خصوصاً عندما تشدو «ولما أشوفك يروح منى الكلام وأنساه»، فهى تلخص مشاعر إنسانية سامية، تصعد بالعشق والعاشقين إلى فضاء الروحانية والتفانى والجمال.

وفى قصيدة «أراك عصى الدمع» مقطع تقول فيه «فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى قتيلك.. قالت: أيهم فهم كُثُر»، فبقيت أياماً أبحث عن هذه المرأة التى عذبت أبا فراس الحمدانى، وقالت له هذا الكلام المهين.
 وأبو فراس شاعر وقائد عسكرى وأمير الدولة الحمدانية المتوفى عام 968م وقتل فى إحدى المعارك.. فمن تلك المرأة التى تحتقر هذا القائد العظيم؟.. لم أعثر على إجابة.

وعندما أستمع لأغنية أهل الهوى، خصوصاً مقطع «أهل الهوى يا ليل سابوا مضاجعهم واتجمعوا يا ليل صحبة وأنا معهم» تذكرنى بالشتاء، والمقهى الزجاجى الشهير فى شارع عماد الدين الذى كان يجمع أم كلثوم وعبد الوهاب وكامل الشناوى وغيرهم من نجوم الفن والصحافة.
 أتذكر حكاية عن فاتنة السينما الراحلة كاميليا، عندما دخلت عليهم فى المقهى، فقالت أم كلثوم لكامل الشناوى «ألم ينزل عليك وحى الشعر بسبب جمال كاميليا»، فكتب الشناوى على رخامة المقهى إحدى قصائده وأمسك عبد الوهاب بالعود، وظلت أم كلثوم تغنى حتى الصباح.

«حانت الأقدار» لطاهر أبو فاشا الذى اعتبره أعظم من شعراء الصوفية المعذبة، ويصل صوت أم كلثوم قمة الشجن وهى تشدو على ترانيم «رابعة العدوية».. «وفى كل شيء يلوح الهوى.. ولكن لمن ذاق طعم الهوى».
وأتجول فى حديقة الزهور المتفتحة لأغانى أم كلثوم، وكيف التقت بمحمد عبد الوهاب فى «أنت عمرى»، بوساطة الرئيس جمال عبد الناصر، بعد قطيعة استمرت سنوات طويلة، وكان بحق «لقاء القطبين».

والرائع رياض السنباطى أمير الملحنين الذى تفتت ألحانه الصخر فى القلوب، الذى التقى بالفتاة الريفية أم كلثوم فحركت فى أعماقه ملكة التلحين وروعة الألحان، وكان مستهل العشق أغنية «على بلد المحبوب ودينى».
 هذا هو التاريخ الحقيقى والجذور الضاربة فى الأعماق، والتى تستحق الإشادة والتدوين ليعلم الجميع أن هذا الوطن هو محراب الفن وقبلة الفنانين، ولو كتبنا القليل عن أم كلثوم، لاحتاج ذلك آلاف الصفحات.

وأم كلثوم التى غنت للملك فاروق «يا ليلة العيد أنستينا»، هى نفسها التى كانت صوت ثورة 23 يوليو، لتثبت للجميع أن الفنان هو رسول التصالح والإنسانية، يوحد ولا يفرق، ويطير عالياً فوق الخلافات السياسية.

لم تنم لحظة واحدة بعد هزيمة يونيو 67، فصرخت فى روح المصريين بقصيدة نزار قبانى، مطالبة عبد الناصر بالبقاء فى منصبه عندما تنحى، لإعادة بناء القوات المسلحة، واستعادة الكرامة الوطنية.
 «ابق فأنت حبيب الشعب»، وجمعت للمجهود الحربى أكثر من ثلاثة ملايين دولار، لتؤكد أن الفنان يصبح مقاتلاً، عندما يكون الوطن فى أزمة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة