طريق الكباش
طريق الكباش


العالم يصوب أنظاره نحو الأقصر l شمس «طيبة» تشرق على طريق الكباش

آخر ساعة

الثلاثاء، 23 نوفمبر 2021 - 10:46 ص

عصام عطية

على أرض طيبة ينطلق ثالوث الآلهة المقدس آمون وموت وابنهما خونسو من قدس أقداس مجمع معابدهم الكبير فى الكرنك لقدس أقداس الحرم الجنوبى فى معبد الأقصر، محمولين على الأكتاف بداخل مقاصيرهم المغلقة، مع الإعلان رسميًا عن افتتاح طريق الكباش فى احتفالية ضخمة للترويج للقوى الناعمة لمصر.

"الأقصر.. طريق الكباش" الحدث العالمى الذى ينتظره العالم وتأهبت له الأقصر لتبهر الجميع بجمالها وبكافة مقوماتها السياحية والأثرية الفريدة والتى لا مثيل لها لإبراز مكانة مصر التنافسية فى مصاف الدول السياحية وإلقاء الضوء على تاريخها وحضارتها العريقة

سيُشاهد العالم أعظم متحف مفتوح يجسد أعظم قصة إنسانية فى التاريخ فى احتفالية تربط الماضى بالحاضر وتبشر بمستقبل ونهضة سياحية غير مسبوقة تنتظرها طيبة القديمة والأقصر الحديثة فى بانوراما بصرية جديدة.. إنها أنشودة الزمان وعبقرية المكان التى ينتظرها العالم كله، يشهد هذا اليوم بأن مصر عادت شمسها الذهب لتشرق على العالم من طيبة التى جمعت آمون وموت بمعبد الأقصر لتنشر بين ربوع العالم رسائل الحب والوفاء من عمق مصر قلب حضارات العالم.

فى طيبة " الأقصر" أبطال يواصلون الليل بالنهار ليصنعوا ملحمة تليق بقيمة وعظمة حضارة مصر، الأقصر التى حلم الكثيرون بأن تصبح متحفاً مفتوحاً، باكتمال طريق الكباش، باتت تفرد جناحيها لاستقبال السياح، حيث حدث للأقصر عملية تجميل ضخمة استعدادًا لإطلاق حملة كبيرة للترويج للمدينة باعتبارها أكبر متحف فى الهواء الطلق فى العالم، ومن المؤكد أن الاحتفالات سوف تبهر انتباه العالم على آثار الأقصر المذهلة ونهر النيل والسوق التجارى الساحر والعربات التى تجرها الخيول ومجموعة من المعالم السياحية الأخرى.

كان المشهد العام فى الأقصر قبل الافتتاح عبارة عن حركات كثيرة من أبناء الأقصر، ومرممى الآثار يضعون اللمسات الأخيرة على الكباش الرابضة، هدوء معبدى الكرنك والأقصر يتحول إلى خلية نحل بسبب قيام العمال بتركيب الأنوار ومد الكابلات وإقامة منصات خشبية وتثبيت الخلفيات الخاصة بالاحتفالات. يقف العاملون فى ترميم الآثار وعلماء الآثار، مسلحين بالفرش والعصى والمسجات والمناخل والمنافخ اليدوية والدلاء، على السقالات لتنظيف الحطام المتراكم من أعمدة وجدران المعابد، كاشفين عن ألوان طويلة مخفية ولوحات فرعونية جميلة، أو يقومون بغربلة الرمال على طول شارع أبو الهول حيث يتم تركيب لافتات ضخمة جاهزة لاستضافة معرض للصور الأرشيفية، التقط أغلبها فى القرن التاسع عشر، لتوثيق تاريخ التنقيب عن معابد الأقصر والكرنك والاكتشافات الكبرى التى حدثت أثناء العملية، وتوضيح الاكتشافات المرتبطة بالملوك والملكات الذين شاركوا فى بناء الشارع والمهرجان القديم.

محمود مبروك، مستشار وزير السياحة والآثار، قال إن أعمال التنقيب على طريق الموكب العظيم، المعروف باسم شارع أبو الهول، بدأت بجدية فى عام 1949 عندما اكتشف عالم الآثار المصرى زكريا غنيم أول ثمانية تماثيل برأس كبش، ثم تولى علماء الآثار الآخرون العمل الرائد لغنيم الذين رسموا مسار الطريق الاحتفالى.

فى شوارع الأقصر الجانية، ينشغل العمال فى الشوارع والساحات بتحديث البنية التحتية للأقصر، جرى تركيب إنارة جديدة للشوارع، وتجميل الساحات، ودهان واجهات المتاجر، وإعادة رصف الشوارع، أصبحت المدينة بأكملها خلية نحل للحدث العالمى، أيضا تم إنشاء كورنيش على طول نهر النيل، كما تم تصميم شوارع وميادين رئيسية حديثًا، وأقيمت لوحات إرشادية لإعلام المشاة بالمواقع القديمة التى يسيرون.

وتتضمن الاحتفالات عرضًا حديثًا لمهرجان الأوبت، وستعرض جميع معالم مدينة الأقصر، من التراث التقليدي. ركوب الفلوكة والرحلات البحرية الفاخرة فى النيل إلى بالونات الهواء الساخن فوق وديان الملوك والنبلاء، وعروض الموسيقى التقليدية.

مهرجان الأوبت

تماثيل الإله فى الاحتفالات الأولى للأوبت كانت تؤخذ عبر طريق الكباش الذى يربط بين المعبدين، وتتوقف فى المعابد الصغيرة التى شيدت خصيصًا فى طريقها، وهذه المعابد الصغيرة أو الأضرحة كان يمكن أن تكون مليئة بالقرابين المهداة للآلهة أنفسهم وللكهنة الحاضرين للطقوس، ثم تعود المراكب المقدسة إلى الكرنك، وفى الاحتفالات المتأخرة من تاريخ مصر، كان يتم نقل التماثيل من وإلى الكرنك عن طريق القوارب فى النهر وليس عبر طريق الكباش البرى، ويُعقد احتفال أوبت فى الشهر الثانى من فصل أخت وهو موسم فيضان نهر النيل، كما كان يبحر قارب ملكى كذلك مع قوارب الآلهة المقدسة، وكانت الطقوس فى ما يعرف بـ "غرفة الملك الإلهي" تعيد الاحتفال بتتويج الملك وبالتالى تؤكد أحقيته بالملك.

سيعاد نفس المشهد، الكهنة المصريون القدماء حاملين سقيفة خشبية تحمل ضريح ثالوث آلهة طيبة، آمون رع وموت وخونسو، من الكرنك إلى الأقصر على طول شارع أبو الهول فى احتفال يهدف إلى إعادة الرواج. خصوصا أن الطقوس المصاحبة لمهرجان الأوبت موضحة بالتفصيل فى معبد الأقصر حيث "تكشف النقوش العديد من ملامح العيد، بما فى ذلك الموسيقى والرقص والمسيرات العسكرية وتقديم القرابين وعروض الخيول".

طريق الكباش الذى سار فيه الكهنة والفراعنة ذات مرة فى موكب، يربط بين معبدى الأقصر والكرنك، وقد تم ترميم العديد من الكباش البالغ عددها 1350 رأسًا بشريا بأجسام أسود، والتى كانت تصطف فى السابق على الطريق والذى يبلغ طوله 2700 متر

كان الطريق يحتوى على تماثيل أبو الهول برءوس كباش بدلاً من رءوس بشرية، وتجلس على قواعد من الحجر الرملى مقابل بعضها البعض على طول مسار الاحتفالية، وعلى مر القرون اختفى الطريق وتم تدمير بعض تماثيل أبى الهول، وتم طمس الكباش تحت الرمال.

يقول الخبير الاستراتيجى الدكتور سمير فرج، خلال عملى كمحافظ للأقصر خططنا لتطوير المعبد، لتستوعب ساحته تنظيم احتفالات، مشيرا إلى أن عملية التخطيط شملت تنفيذ توسعة لمعبد الأقصر، وأشار إلى أن عملية التطوير الأولى شملت إزالة قسم شرطة بنى فوق طريق الكباش، فضلا عن إزالة العشوائيات والمنازل التى كانت منتشرة بالطريق، متابعًا: بعد إزالة المنازل كانت المفاجأة عثورنا على الكباش تحت عمق 6 أمتار، وأشاد فرج بأهالى الأقصر ودعمهم له خلال فترة عمله، قائلا: المجلس المحلى والأهالى دعمونى فى عملية التطوير، وتحملوا الكثير وشعرت بغصة وألم بعد توقف التطوير عقب 25 يناير ٢٠١١، وعن افتتاحه قال فرج إن الأقصر عادت عاصمة الحضارة للعالم كله.

وقبل الافتتاح قام الدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار، بجولة بالسوق السياحى بالمدينة، تفقد خلالها أعمال التطوير الجارية به، وكذلك تفقد معبد الأقصر للوقوف على آخر التجهيزات الخاصة بالفعالية، كما التقى، خلال جولته بالسوق، بعدد من أصحاب البازارات السياحية والعاملين بها للاطمئنان على أحوالهم والاستماع لآرائهم ومطالبهم والمشكلات التى يواجهونها ومقترحاتهم لحلها منها شكواهم من مرور الموتوسيكلات داخل السوق مما يزعج المارة والزائرين والسائحين أثناء تجولهم ويؤثر فى تجربتهم بالسوق وهو ما يعود بالسلب على سمعة المقصد السياحى المصري.

وأوضح الوزير أن هذه الاحتفالية سوف تبرز وتلقى مزيدا من الضوء على مقومات الأقصر السياحية والأثرية، إلى جانب ما تم بها من أعمال تطوير ورفع كفاءة للبنية التحتية وتطوير وتجميل الكورنيش والشوارع والميادين بها ومشروعات الترميم بها

وأشار إلى تمنياته بأن يكون هناك احتفالات وفعاليات كثيرة طوال العام فى كافة المحافظات السياحية المصرية وهو ما يتم العمل على تحقيقه وفقاً لملامح الاستراتيجية الإعلامية التى أعدتها الوزارة للترويج دولياً للمقصد السياحى المصري، لافتاً إلى أنه يتم الآن الاستعداد لتنظيم فعالية جديدة فى محافظة أسوان وفعالية أخرى فى مدينة سانت كاترين خلال الفترة المقبلة.

تحديث نظام الإضاءة بالطريق وتدعيم مسار الزيارة باللوحات الإرشادية والتعريفية لتعطى للزائر فكرة توضيحية عن الطريق الأثرى وتاريخه وأعمال الحفائر به، مع الاستمرار فى أعمال الترميم والحفائر ورفع كفاءة الخدمات المقدمة على طول الطريق لإتاحته لجميع الزائرين من المصريين والسائحين، خاصة لكبار السن وذوى الهمم.

وأضاف أن مشروع افتتاح مسار طريق الكباش بالأقصر يعد من أهم المشروعات الأثرية التى تقوم الدولة بتنفيذها حاليًا، ويهدف لتحويل الأقصر إلى أكبر متحف مفتوح فى العالم من خلال ربط معابد الكرنك ومعبد الأقصر ومعبد موت، وأطلال طيبة القديمة الجارى الكشف عنها فى منطقة نجع أبو عصبة مع طريق المواكب الكبرى.

يوم الافتتاح سوف يتم عرض مجموعة من الصور النادرة من القرن ١٩ والتى تروى تاريخ معابد الكرنك والأقصر وطريق المواكب الذى يربط بين المعابد، وأهم الاكتشافات الأثرية، وصور ومناظر للأعياد والاحتفالات التى كانت تقام فى العصور القديمة، وذلك تنفيذا للمعرض الذى سيتم إقامته فى أماكن محددة على هذا الطريق.

وفى سياق متصل، اجتمع الدكتور خالد العنانى مع الشركة المنفذة لاحتفالية افتتاح طريق الكباش، حيث تم استعراض ومناقشة الديكورات والعناصر الفنية والمواد الدعائية التى ستستخدم لتزيين الشوارع والميادين والأسواق بالأقصر، وكذلك تصميمات الملابس والأزياء التى سيرتديها المشاركون فى الاحتفالية والموسيقى المصاحبة لها.

ولإحياء طريق المواكب الملكية، أكد العنانى أهمية الالتزام بالهوية البصرية للأقصر فى كافة المشروعات والأعمال الجارية خاصة طلاء المنازل والواجهات والميادين، وذلك ضمن الرؤية الفنية للاحتفالية لتضم أيضا الديكورات والعناصر الفنية والمواد الدعائية التى ستستخدم لتزيين الشوارع والميادين والأسواق بالأقصر، وكذلك تصميمات الملابس والأزياء التى سيرتديها المشاركون فى الاحتفالية والموسيقى المصاحبة لها، بهدف إضافة هوية موحدة لمدينة الأقصر بكاملها، باعتبارها مدينة سياحية

ويقول الدكتور فتحى ياسين مدير آثار مصر العليا. إن العمل فى الأقصر جرى على قدم وساق وأن احتفال الأوبت سيشمل ثلاثة مراكب رمزية لثالثون الآلهة آمون وموت وخنسو سوف تحمل على الأعناق فى مشهد فرعونى على طريق الكباش.

جديدة يا مصر

وأكــــد الدكتــــور محـمــــد الكحلاوى رئيـــس المجلس العربى للاتحاد العام للآثاريين العرب، أنه فى إطار مواكبة المجلس للأحداث الهامة فى تاريخ الوطن ومنها الإعلان عن افتتاح طريق الكباش فى احتفالية كبرى تضع الأقصر محط أنظار العالم يصدر المجلس فيلمًا دعائيًا مدته 3.38 دقيقة.

الفيلم يجسد بصدق فى كلمات بسيطة نابعة من القلب ما استشعرته مواطنة مصرية هى الدكتورة ألفت معتمد سالم الأستاذ المساعد بكلية العلوم جامعة حلوان لما يجرى حولها من تغيرات غير مسبوقة فى مصر صاغتها بكلمات بسيطة تحت عنوان "جديدة يا مصر" وأخرجها الأثرى محمد ضياء الدين مصور المكتب الإعلامى للمجلس، فى صور ناطقة بهذه الإنجازات فى كل المجالات وعلى رأسها الطفرة الكبيرة فى ميدان السياحة والآثار عنوان مصر أمام العالم.

وقال الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير المكتب الإعلامى العربى للاتحاد العام للآثاريين العرب، إن مصر تشهد طفرة غير مسبوقة فى مجال السياحة بفضل توجيهات القيادة السياسية وتبنى مشروعات قومية كبرى كانت متوقفة منذ سنوات لنقص التمويل وعدم توافر إرداة سياسية لدفع العجلة إلى الإمام وعدم توافر مناخ سياحى متكامل خصب يساعد على النمو السياحى بالشكل اللائق بمصر التى تتوافر بها كل المقومات السياحية من السياحة التاريخية ممثلة فى زيارة الآثار والسياحة الثقافية والشاطئية والعلاجية والبيئية، ومن هذه الركائز الذى أرسى قواعدها الرئيس السيسى توافر بنية أساسية وهذا يتمثل فى الإنجازات غير المسبوقة فى شبكة الطرق والكهرباء التى تجاوزت المأمول والتجميل والتشجير للمواقع السياحية وتطوير الخدمات عامة وتوافر الأمن وهذا ما تحقق لدرجة شعر بها من هم داخل مصر وخارجها.

وأوضح ريحان أن أهمية افتتاح تطوير طريق الكباش تكمن فى بعث الحياة فى الأقصر بشكلها الجديد والبانوراما البصرية للأقصر الذى كنا ننتظرها من سنين وإحياء عيد الأوبت أو مهرجان الأوبت أو الإبت وهو احتفال مصرى قديم كان يقام سنويا فى طيبة (الأقصر) فى عهد الدولة الحديثة وما بعدها، وفيه كانت تصطحب تماثيل آلهة ثالوث طيبة - آمون وموت وابنهما خونسو - مخفيين عن الأنظار داخل مراكبهم المقدسة فى موكب احتفالى كبير من معبد آمون فى الكرنك إلى معبد الأقصر فى رحلة تمتد لأكثر من 2كم وما يتم إبرازه فى هذا الطقس هو لقاء آمون رع من الكرنك مع آمون الأقصر وتجديد الولادة هو الموضوع الرئيسى فى احتفال الإبت، وعادة ما يتضمن احتفالية لإعادة تتويج الملك كذلك.

وأن الاحتفالات الأولى من مهرجان الإبت، كانت تماثيل الإله تؤخذ عبر طريق الكباش الذى يربط بين المعبدين، وتتوقف فى المعابد الصغيرة الbتى شيدت خصيصا فى طريقها، وهذه المعابد الصغيرة أو الأضرحة كان يمكن أن تكون مليئة بالقرابين، المهداة للآلهة أنفسهم وللكهنة الحاضرين للطقوس وفى نهاية الاحتفالات فى معبد الأقصر، تغدو المراكب المقدسة عائدةً مرة أخرى إلى الكرنك، وفى الاحتفالات المتأخرة من تاريخ مصر، كان يتم نقل التماثيل من وإلى الكرنك/ الأقصر عن طريق القوارب فى النهر وليس عبر طريق الكباش البري.

ويعقد احتفال إبت فى الشهر الثانى من فصل أخت، وهو موسم فيضان نهر النيل. وأن مظاهر الاحتفال مصورة بمعبد الأقصر فى عدة مناظر على الجدار الغربى من الفناء الأول لرمسيس الثانى وعلى الجدار الغربى لبهو 14 العمود الخاص بالملك أمنحتب الثالث والذى ربما أكمله الملك توت عنخ آمون ونقشه بمناظر عيد الأوبت وهناك مناظر على المقصورة الحمراء للملكة حتشبسوت بمعبد آمون رع بالكرنك ومعبد الرامسيوم الخاص برمسيس الثانى.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة