محمد حامد
محمد حامد


دوشة

رياح مارس

الأخبار

الأربعاء، 24 نوفمبر 2021 - 05:33 م

بقلم/ محمد حامد

البداية كانت مفزعة، الكل آثر الابتعاد، لا مجال للاجتماع، علينا أن نرفع شعار «نفترق اليوم لنجتمع غداً»، ارتفع نسق تجاهل العيون لنظرات نظرائها، هكذا تعلمنا فى الأيام الماضية، لا يوجد حل إلا بالفراق، ولا تنس التخلص من نفايات ملامسة الجمادات من كل أنواعها، باب بيتك لن تأمن غدره، مفاتيح الوصول لمقر سكنك عليك بتعقيمها جيداً، سترتفع ضربات قلبك مع كل حالة إعياء تحدث أمامك، قس نبضك حينما تطالع آخر الأخبار فى مختلف المحطات التلفزيونية، تناول مسكناً فى الوقت الذى ستتصفح فيه مواقع التواصل الاجتماعى فالسراب يلتهم الجميع والأمر غير مأمون وقد يكون الدور عليك، دائماً ستُحدث نفسك : هل سافتقد حبيبا، أم علىّ أن أودعه تحسباً للرحيل الذى لا يعلم ميقاته سوى الله..

هذه هى رياح مارس القاتلة، أجبرت الجميع على هذه الحالة، ولكنها نجحت فى مباغتتهم، فقد هدأت وهم أيضاً عادوا لطبيعتهم، ونسوا ما ذُكّروا به من قبل أن جزئيات الرياح لا تُرى، ستشتد مرةً أخرى، وحينما يحن وقت شدتها ستندمون على استهتاركم.

وسط كل هذا الصخب كان بينهم شخص رفض الانصياع لطبيعة الحياة، فلم يفعل مثلهم، ولكنه كان قاسياً على نفسه، قرر الاستفادة من التجربة المريرة على طريقته الخاصة، رفع شعار «إِذا هَبَّت رِياحُكَ فَاِغتَنِمها، فَعُقبى كُل خافِقةٍ سُكون»، أحب الوضع القائم، وجد نفسه عندما حان وقت العزلة، اكتشف أنه كان يكسر طبيعته من أجل أن يساير الأمور، حسناً، لا مجال الآن لذلك، فالكل منعزل، ومن يخترق العزلة هو المخطئ، الوضع تهيأ للابتعاد عن الصخب والضجيج.. الحال الآن تغير، فالأرصاد أكدت خمول حالة الرياح، لا مجال للعزلة، فقط عليك تناول مضاد للعاصفة سيساعدك على تحمل أضرار شدتها، وفى المقابل ظل هذا الشخص فى مكانه يبحث عن الوضع القديم، فقد ارتاح فى البعد، رأى البشر على حقيقتهم من منظوره الخاص، لتتحول الحياة بالنسبة له إلى حكاية رفض المشاركة فيها تجنباً لنهاية وصل إليها من سيناريو وحوار أعده خياله الذى يستأذنه قبل أى فعل .

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة