متلازمة القلب المنكسر
متلازمة القلب المنكسر


الصدمات العاطفية أهم الأسباب

«كسر القلوب».. حقيقة علمية!

إيمان طعيمه

السبت، 27 نوفمبر 2021 - 11:16 ص

الزعل بيكسر القلب.. ليست مجرد عبارة تقال للتخفيف من شدة الحزن، فقد استطاعت الأبحاث والدراسات العلمية تأكيد مدى الخطورة الحقيقية التى يسببها الحزن على القلب والتى كلما زادت شدته كان تأثيره أقوى وأخطر.

متلازمة القلب المنكسر، وُصفت لأول مرة فى اليابان خلال فترة التسعينيات، وعُرفت بأنها حالة تتعطل فيها وظيفة الجانب الأيسر من عضلة القلب، ويجبر باقى القلب على بذل جهد إضافى لتعويض الاعتلال، وقد يكون هذا خطيرا لأنه يؤثر سلبا على قدرة القلب على ضخ الدم بشكل صحيح.

ووفقًا لدراسة نُشرت فى مجلة جمعية القلب الأمريكية (JAHA)، أصبحت متلازمة القلب المكسور أكثر شيوعًا الآن، خاصة بين النساء فى منتصف العمر، وقد ساهمت النساء فوق سن الخمسين بأكثر من 83% من معدلات الإصابة، وكبار السن الذين يتم تشخيصهم بالحالة بمعدل يصل إلى 10 مرات أكثر من الأصغر سنًا. وأشارت الدراسة إلى أن سبب ذلك هو أن النساء أكثر عرضة للإجهاد كما أنهن يعانين من مستويات أعلى بكثير من التوتر من الرجال، كما تعرف الحالة أيضا باسم متلازمة "تاكوتسوبو"، وتشخص عند المرضى بسبب الإجهاد العاطفى أو الجسدى الشديد. فيما لفتت دراسة بحثية أخرى أجريت على ألف شخص، إلى أن المزاج الحزين كان عاملاً رئيسياً خطيراً للإصابة بأمراض القلب. 

الكثير من الأشخاص يعانون الحزن الدفين والبعض الآخر تعرض لصدمات نفسية قوية لن تكون متوقعة، تواصلت "آخرساعة" مع عدد منهم للتعرف على معاناتهم النفسية وكيف أثرت فيهم من الناحية الصحية عموماً وعلى صحة القلب بصفة خاصة.

يقول (م.ع) البالغ من العمر 19 عاماً أنه يعيش فى منزل عائلة مع أشقائه وأعمامه، وهذا كان سببا فى معاناته النفسية منذ الصغر كونه يتعرض إلى كثير من التنمر والتوبيخ منهم بشكل متكرر، مما جعله يدفن حزنه بداخله حتى أصبح يتعرض لحالات من الهلع وعند الكشف الطبى عليه اكتشف أن جميع الأعضاء سليمة ولا يوجد أى مرض يدعو للشكوى، مما عرضه للتوبيخ ثانية واتهامه بـاالدلعب، وفجأة وبدون مقدمات أصيب بجلطة فى المخ نتيجة هذا الحزن وأثرت عليه بشكل ملحوظ ويتلقى العلاج العضوى والنفسى الآن.

وآخر يبلغ من العمر 21 عاماً، تعرّض للعديد من الصدمات خلال علاقاته مع الآخرين وأيضا فى العلاقة العاطفية مما جعله يشعر بالخذلان والحزن وأصيب بالفعل بقصور فى الشرايين التاجية وأصبح مريضا بالقلب يحتاج للعلاج المستمر.

أما السيدة (م. ح) التى تبلغ من العمر 43 عاماً، فتقول إنها تزوجت فى الثامنة عشرة من عمرها وأنجبت طفلين ثم وجدت إهمالاً من زوجها وأصبحت تشعر بعدم الأمان حتى اكتشفت خيانته بعد مرور سنوات، فأصبحت تعانى ضيقاً فى التنفس وألماً بالقلب ونصحها الأطباء بتلقى العلاج عند أحد الأطباء النفسيين والحصول على بعض الجلسات التى تساعدها على التخلص من أزمتها الصحية.

ويعلّق الدكتور جمال شعبان، استشارى القلب والأوعية الدموية مدير معهد القلب السابق، قائلاً : إن كتب طب القلب الحديث توضح تأثير الانفعالات والتوتر والصدمات النفسية والعاطفية فى القلب، فالقلب ليس مجرد مضخة تضخ الدم لكل أعضاء الجسم، لكنه عضو مزود بألياف عصبية هامة تربط بين الحالة النفسية والعصبية والقلب. 

وأكد أنه عند حدوث انفعالات شديدة يحدث نشاط زائد فى العصب السمبثاوى عند بعض الأشخاص وهذا يؤدى لإفراز هرمونات الغضب المتمثلة فى الأدرينالين ومنها يحدث تسارع فى دقات القلب وارتفاع فى ضغط الدم وتجلط فى الشرايين التاجية وتبدأ أعراض الذبحة الصدرية فى الظهور وأحيانا تحدث الإصابة بمتلازمة القلوب المنكسرة.

وتعرف المتلازمة بمجموعة من الأعراض الإكلينيكية التى تحدث من أكثر من عضو فى وقت واحد والتى تبدأ بصدمة نفسية وتظهر غالباً لدى السيدات فى منتصف العمر، مما يجعل المرأة تتعرض لآلام حادة فى الصدر تتشابه مع آلام الذبحة الصدرية وتكون مستمرة ومصحوبة بعرق غزير وربما يحدث هبوط حاد فى الدورة الدموية، وعند القيام بإجراء رسم القلب يُلاحظ تشابه أعراضها مع أعراض ضعف الشريان التاجى ويتم الاضطرار للدخول لحجرة عمليات القسطرة لتصوير الشرايين التاجية بالصبغة وبعدها يتم التأكد من أن الشرايين سليمة بينما عضلة القلب هى التى تصاب بالاعتلال.

وتظهر الأشعة المخصصة على القلب بوجود ما يشبه الانكسار الحقيقى فى عضلة القلب عند التعرض للحزن، وهذا يكون بسبب انقباض فى قاعدة القلب وحدوث ضعف وتمدد وترهل فى قمة عضلة القلب، مما يجعلها تشبه جدران البالون الضعيفة المنكسرة، والتى تتسبب فى قلة قدرة القلب على ضخ الدم لبقية أعضاء الجسم مما يسبب حالة من الشلل المؤقت فى عضلة القلب كنتيجة طبيعية للتعرض لعاصفة من هرمونات الغضب والتى قد تؤدى للسكتة القلبية والموت المفاجئ.

وفى حالة التعافى من قبل ما سبق لا بد أن يتناول المريض عقاقير خاصة يصفها طبيب القلب المختص، بالإضافة لعقاقير أخرى متعلقة بأى أمراض مزمنة، مع ضرورة التوعية بكيفية تغيير نمط الحياة اليومى والغذائى وإيقاف التدخين وتجنب مجالسة المدخنين كما يفضل استشارة طبيب نفسى للتدريب على طريقة التكيف مع الغضب وضغوطات الحياة حتى لا يتحول الضغط اليومى الروتينى إلى قلق وتوتر مرضى.

وأشار شعبان إلى أن انكسار القلب يعد أحد عوامل الموت المفاجئ للشباب بالإضافة لعوامل أخرى كارتفاع ضغط الدم والتدخين وتناول الشباب للمكملات الغذائية لبناء العضلات وكذلك التاريخ الوراثى لتصلب الشرايين أو الكوليسترول.

علما بأنه فى حالة السيطرة على الغضب سريعا يمكن أن يكون التأثير أقل وقد يحدث الإصابة بذبحة مؤقتة فى جدار الشريان ثم يتم التعافى منها، لذا فإن االفضفضةب ومشاركة هموم وأحزان الآخرين لها دور كبير فى تهدئة النفس والوقاية من متلازمة القلب المنكسر.. لأن الحزن الدفين ايقصف العمرب.

من جانبه، يؤكد الدكتور محمود سعد، أخصائى الطب النفسى وعلاج الإدمان، أن الحالة النفسية تلعب دورا كبيرا فى التأثير فى بقية أعضاء الجسم سواء بالنفع أو الضرر، وعلى الإنسان ملاحظة ما يشعر به جسمه دوما، لينقذ نفسه سريعا دون أن يلحق به أى أذى.

ويتسبب الحزن فى كثير من الأعراض التى يعتقد البعض بأنها مرض عضوى مثل التشتت وعدم التركيز والرغبة فى النوم كثيرا أو الشعور بألم فى الجسم وكذلك الشعور بالدوخة وخفقان القلب.

وأشار أخصائى الطب النفسى إلى أن معظم حالات الحزن التى تعانى من اكسرةب القلب تكون نتيجة لصدمات عاطفية أو اجتماعية، وقد أثبتت الأبحاث بالفعل أن العاطفة أو الحب تؤثر فى كيمياء المخ سواء بشكل إيجابى أو سلبي.

وشدَّد على ضرورة المحاولة من التخفيف عن الشخص الحزين بشتى الطرق لإنقاذه من أى ضرر يلحق بصحته، ويمكن القيام بذلك عن طريق الاستماع جيدا له والإنصات له بصدق بعيدا عن إصدار الأحكام عليه أو القيام بدور الواعظ تجاهه حتى لا يزيد إحساسه بالذنب مع إعطائه مساحة كافية للشعور بالحزن والتعبير عنه وسؤاله عما يحتاجه للتغلب على أزمته كما يفضل توجهه لطبيب نفسى مختص لمساعدته بشكل سليم.

ونوه سعد إلى أن هناك بعض التمارين البسيطة التى يمكن القيام بها للمساعدة على السيطرة على الغضب والحزن والتخفيف من أعراضه على الجسم وذلك عن طريق التنفس بعمق لمدة 10 ثوانٍ، ومحاولة الاسترخاء والهدوء قدر الإمكان، وقطع حبل الغضب من بدايته وعدم التفكير به أو التفكير فى الذنب كثيراً، كما يفضل الاستماع جيداً للطرف الآخر لتجنب سوء الفهم واتخاذ القرار السليم وأيضاً البُعد عن النقد والسخرية وعدم العودة واسترجاع أحداث الماضي، كما يفضل مغادرة المكان والانفصال عن الموقف تماماً ولو لمدة دقيقة واحدة، وأخيراً يجب مراجعة الذات والاعتراف بالخطأ والاعتذار والتسامح.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة