محمد قناوي
محمد قناوي


محمد قناوي يكتب: بنات عبد الرحمن .. سينما حقيقية ومتعة فنية

محمد قناوي

الأحد، 28 نوفمبر 2021 - 10:46 ص

 

ما أصعب أن تصنع فيلما هاما ومتقن فنيا تمثيلا وإخراجا وكتابة ويناقش قضايا مسكوت عنها في مجتمعاتنا العربية، وفي نفس الوقت تشعر وأنت تشاهده بالمتعة، يخاطب عقلك وإحساسك ويرسم الابتسامة علي وجهة وأيضا تضبط دموعك تملأ عيونك، ولكن ذلك لم يكن صعبا علي المخرج الأردني الشاب "شار زيد أبو حمدان " في فيلمه الروائي الأول (بنات عبد الرحمن) والذي شهد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عرض العالمي الأول أمس – السبت – وسط اقبال جماهيري كبير لدرجة أن المسرح الكبير بدار الأوبرا رفع لافتة كامل العدد قبل عرض الفيلم مباشرة وقامت ببطولته الفنانة الأردنية "صبا مبارك" –

 

وهي بالمناسبة المنتج المنفذ للفيلم- وشاركها البطولة "أمل الحلو وفرح بسيسو ومريم الباشا والفنان خالد الريفي" الذي قدم دور الأب ،حيث تدور أحداث الفيلم داخل حي للطبقة المتوسطة "الفقيرة" في قلب "عمان" حيث تعيش زينب “أمل الحلو" العزباء التي فاتها قطار الزواج بسبب تفرغها لرعاية والدها المسن والمصاب بــ "الزهايمر"، وتعمل زينب خياطة وتعيش حياة كئيبة ما بين عملها في تجهيز فساتين الزفاف لفتيات أصغر منها ووالدها المسن الذي يري ابنته صدفة في ثوب زفاف لعروس من قريباتها كانت تجري عليه بروفة، فتستيقظ "زينب " لتجد والدها قدر خرج من المنزل دون أن يخبرها وهو لا يعرف العودة إليه لإصابته  بـ"الزهايمر"

 

 لتبدأ رحلة البحث عن الأب وتنضم اليها شقيقاتها الثلاثة اللاتي توافدن لمنزل الأسرة ولكل منهن حكايتها، الأولى "أمل" أو صبا مبارك التي تزوجت وهي صغيرة في السن دون رغبتها من رجل متزمت دينيا، وأجبرها علي ارتداء النقاب وتعيش حياة تعيسة، والثانية - فرح بسيسو- المتزوجة من رجل غني وتعتقد أنه يخونها مع سكرتيرته ولكنها تكتشف في النهاية أنه "شاذ"، والثالثة- مريم الباشا – الفتاة الصغير التي قمعت أسرتها قص حبها فهربت لدبي لتحقق أحلامها التي رفضتها الأم قبل وفاتها واستمر الأب في رفضها،

 

ومنذ اللقاء الأول للشقيقات الأربعة نكتشف أنه يجمع بينهن علاقة مضطربة وما يربطهن سوي صلة الدم فقط ، وتختلف كل واحة منهن عن الأخرى في طباعها وتفاصيل حياتهن، وأثناء رحل البحث عن الأب المختفي تتفجر مشكلاتهن الخاصة بهن ، ومنذ المشاهد الأولى للفيلم يصور لنا المخرج الأجواء غير المريحة التي تسود عالم الشخصيات الأربعة في مراحل عمرية مختلفة، ينقل من خلالها الفيلم الكثير من المشكلات التي تحاصر المرأة في المجتمعات العربية والتي تبأ دائما من داخل البيت وذلك من خلال كوميديا وداء تضحكك وتبكيك في نفس اللحظة وتقدم أنماط مختلفة لسيدات من المجتمع الأردني – وأي مجتمع عربي أيضا- وجوا أنفسهم مضطرين أن يعيشوا تحت سقف واحد رغم اختلافهن وعليهن أن يتحملوا اختلافهن .

"بنات عبد الرحمن" يناقش بكل جرأة المشاكل التي تعاني منها المرأة في مجتمعاتنا العربية علي اختلافها من "اضطهاد وظلم وتحرش وزواج قسري وزواج في سن مبكرة وخيانة وزواج المال، والكبت الجنسي" مشاكل وضعها مخرج الفيلم ومؤلفه في شريط واحد ، رغم ان كل مشكلة تستحق عملا بمفردة ، ولكن “شار زيد أبو حمدان" نجح أن يغزل كل هذه القضايا في عمل سينمائي ممتع بصريا ومتقن فنيا ، وقدم ممثليه في مباراة تمثيلية رائعة ، أما الفنانة صبا مبارك والتي تصدت لإنتاج هذا الفيلم كمنتج منفذ فأعرفها منذ تجربتها الاولي في السينما المصرية “بنتين من مصر" واري انها ممثلة من طراز فريد تلعب في منطقة خاصة بها بأدوار تشعر أن تكتب خصيصا لها تتفق مع إمكانياتها الفنية الكبيرة فتبدع تتألق فيها ، اما "فرح بسيسو" فهي ممثلة جبارة امسكت مفردات الشخصية التي قدمها بمهارة شديدة لدرجة تشعرك بتوحدها مع الدور وحافظت علي ادائها طوال الوقت رغم تضارب مشاعر الشخصية في اغلب الاحيان ، ورسمت البسمة علي وجوه الجمهور في اصعب المواقف في الفيلم، أما "مريم الباشا " فقدمت دور الاخت الصغرى بمنتهي السلاسة والاريحية في التعبير عن مشاعر الشخصية تجاه الاسرة والرغبة في الحرية والاستقلال .

"بنات عبد الرحمن" عمل مدهش ومتكامل يستحق تتويجه بجوائز في التمثيل والإخراج والسيناريو ولكن أري أن جائزة الجمهور التي يمكن أن يحصل عليها في ختام المهرجان ستكون الأهم بالنسبة للفيلم وصُناعة.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة