أبو‭ ‬بكر‭ ‬الرازى‭
أبو‭ ‬بكر‭ ‬الرازى‭


شخصيات إسلامية

الرازى .. شمس العرب تشرق على الغرب

اللواء الإسلامي

الخميس، 02 ديسمبر 2021 - 11:39 ص

‭ ‬أحمد‭ ‬جمال

 

يعتبر‭ ‬أبو‭ ‬بكر‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زكريا‭ ‬الرازى‭ ‬واحداً‭ ‬من‭ ‬أعظم‭ ‬الأطباء‭ ‬فى‭ ‬الثقافة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وأحد‭ ‬أقدم‭ ‬الأطباء‭ ‬العرب،‭ ‬ومؤسسى‭ ‬الكيمياء‭ ‬الحديثة،‭ ‬وكان‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬جيدة‭ ‬فى‭ ‬جميع‭ ‬فروع‭ ‬المعرفة؛‭ ‬حيث‭ ‬قدّم‭ ‬مساهمات‭ ‬علمية‭ ‬كبيرة‭ ‬فى‭ ‬الطب،‭ ‬والكيمياء،‭ ‬والرياضيات،‭ ‬والأدب،‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬لعدة‭ ‬قرون،‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬كتبه‭ ‬فى‭ ‬مجال‭ ‬الطب‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬المراجع‭ ‬الرئيسية‭ ‬للمعلمين‭ ‬والطلاب‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬علماء‭ ‬المسلمين‭ ‬عند‭ ‬الغرب‭ ‬فى‭ ‬العصر‭ ‬الذهبى‭ ‬للعلوم،‭ ‬وصفته‭ ‬‮«‬سيغريد‭ ‬هونكه‮»‬‭ ‬مستشرقة‭ ‬ألمانية‭ ‬فى‭ ‬كتابها‭ ‬شمس‭ ‬العرب‭ ‬تسطع‭ ‬على‭ ‬الغرب‭ ‬‮«‬أعظم‭ ‬أطباء‭ ‬الإنسانية‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‮»‬‭.‬

نشأة‭ ‬أبو‭ ‬بكر‭ ‬الرازى‭ ‬وحياته‭

ولد‭ ‬أبو‭ ‬بكر‭ ‬الرازى‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬865م‭ ‬فى‭ ‬مدينة‭ ‬رى‭ ‬فى‭ ‬دولة‭ ‬إيران‭ ‬وقد‭ ‬بدأ‭ ‬منذ‭ ‬سنواته‭ ‬الأولى‭ ‬فى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬المعرفة،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬معروفاً‭ ‬منذ‭ ‬صغره‭ ‬بذكائه،‭ ‬وعبقريته،‭ ‬وتميزه،‭ ‬وذهب‭ ‬إلى‭ ‬بغداد‭ ‬فى‭ ‬الثلاثين‭ ‬من‭ ‬عمره،‭ ‬لدراسة‭ ‬الكيمياء،‭ ‬والفلسفة،‭ ‬والطب‭ ‬بشكلٍ‭ ‬خاص،‭ ‬وبقى‭ ‬فيها‭ ‬لفترة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬حتى‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬أفضل‭ ‬العلوم‭.‬

تعليم‭ ‬الطب

ورأى‭ ‬الرازى‭ ‬أن‭ ‬يتعلم‭ ‬الطلاب‭ ‬صناعة‭ ‬الطب‭ ‬فى‭ ‬المدن‭ ‬الكبيرة‭ ‬المزدحمة‭ ‬بالسكان،‭ ‬حيث‭ ‬يكثر‭ ‬المرضى‭ ‬ويزاول‭ ‬المهرة‭ ‬من‭ ‬الأطباء‭ ‬مهنتهم‭. ‬ولذلك‭ ‬أمضى‭ ‬ريعان‭ ‬شبابه‭ ‬فى‭ ‬مدينة‭ ‬السلام،‭ ‬فدرس‭ ‬الطب‭ ‬فى‭ ‬بغداد‭. ‬وقد‭ ‬أخطأ‭ ‬المؤرخون‭ ‬فى‭ ‬ظنهم‭ ‬أن‭ ‬الرازى‭ ‬تعلم‭ ‬الطب‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كبر‭ ‬فى‭ ‬السن‭. ‬وتوصلت‭ ‬إلى‭ ‬معرفة‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬من‭ ‬نص‭ ‬فى‭ ‬مخطوط‭ ‬بمكتبة‭ ‬بودلى‭ ‬بأكسفورد،‭ ‬وعنوانه‭ ‬‮«‬تجارب‭ ‬مما‭ ‬كتبه‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬ببغداد‭ ‬فى‭ ‬حداثته‮»‬‭.‬

زهد‭ ‬الرازى‭ ‬

ويتضح‭ ‬تواضع‭ ‬الرازى‭ ‬وتقشفه‭ ‬فى‭ ‬مجرى‭ ‬حياته‭ ‬من‭ ‬كلماته‭ ‬فى‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬السيرة‭ ‬الفلسفية‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬ولا‭ ‬ظهر‭ ‬منى‭ ‬على‭ ‬شره‭ ‬فى‭ ‬جمع‭ ‬المال‭ ‬وسرف‭ ‬فيه‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬منازعات‭ ‬الناس‭ ‬ومخاصماتهم‭ ‬وظلمهم،‭ ‬بل‭ ‬المعلوم‭ ‬منى‭ ‬ضد‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬والتجافى‭ ‬عن‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬حقوقي‭. ‬وأما‭ ‬حالتى‭ ‬فى‭ ‬مطعمى‭ ‬ومشربى‭ ‬ولهوى‭ ‬فقد‭ ‬يعلم‭ ‬من‭ ‬يكثر‭ ‬مشاهدة‭ ‬ذلك‭ ‬منى‭ ‬أنى‭ ‬لم‭ ‬أتعد‭ ‬إلى‭ ‬طرف‭ ‬الإفراط‭ ‬وكذلك‭ ‬فى‭ ‬سائر‭ ‬أحوالى‭ ‬مما‭ ‬يشاهده‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬ملبس‭ ‬أو‭ ‬مركوب‭ ‬أو‭ ‬خادم‭ ‬أو‭ ‬جارية‭ ‬يؤكد‭ ‬الرازى‭ ‬أن‭ ‬العقل‭ ‬هو‭ ‬المرجع‭ ‬الأعلى‭ ‬الذى‭ ‬نرجع‭ ‬إليه،‭ ‬‮»‬‭ ‬ولا‭ ‬نجعله،‭ ‬وهو‭ ‬الحاكم،‭ ‬محكوما‭ ‬عليه،‭ ‬ولا‭ ‬هو‭ ‬الزمام،‭ ‬مزموما‭ ‬ولا،‭ ‬وهو‭ ‬المتبوع،‭ ‬تابعا،‭ ‬بل‭ ‬نرجع‭ ‬فى‭ ‬الأمور‭ ‬إليه‭ ‬ونعتبرها‭ ‬به‭ ‬ونعتمد‭ ‬فيها‭ ‬عليه‮»‬‭.‬

الطب‭ ‬عند‭ ‬الرازى

الرازى‭ ‬مؤمن‭ ‬باستمرار‭ ‬التقدم‭ ‬فى‭ ‬البحوث‭ ‬الطبية،‭ ‬ولا‭ ‬يتم‭ ‬ذلك،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬قوله،‭ ‬إلا‭ ‬بدراسة‭ ‬كتب‭ ‬الأوائل،‭ ‬فيذكر‭ ‬فى‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬المنصورى‭ ‬فى‭ ‬الطب‮»‬‭ ‬ما‭ ‬هذا‭ ‬نصه‭: ‬‮«‬هذه‭ ‬صناعة‭ ‬لا‭ ‬تمكن‭ ‬الإنسان‭ ‬الواحد‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يحتذ‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬مثال‭ ‬من‭ ‬تقدمه‭ ‬أن‭ ‬يلحق‭ ‬فيها‭ ‬كثير‭ ‬شيء‭ ‬ولو‭ ‬أفنى‭ ‬جميع‭ ‬عمره‭ ‬فيها‭ ‬لأن‭ ‬مقدارها‭ ‬أطول‭ ‬من‭ ‬مقدار‭ ‬عمر‭ ‬الإنسان‭ ‬بكثير‭. ‬وليست‭ ‬هذه‭ ‬الصناعة‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬جل‭ ‬الصناعات‭ ‬كذلك‭. ‬وإنما‭ ‬أدرك‭ ‬من‭ ‬أدرك‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الصناعة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الغاية‭ ‬فى‭ ‬ألوف‭ ‬من‭ ‬السنين‭ ‬ألوف،‭ ‬من‭ ‬الرجال‭. ‬فإذا‭ ‬اقتدى‭ ‬المقتدى‭ ‬أثرهم‭ ‬صار‭ ‬أدركهم‭ ‬كلهم‭ ‬له‭ ‬فى‭ ‬زمان‭ ‬قصير‭. ‬وصار‭ ‬كمن‭ ‬عمر‭ ‬تلك‭ ‬السنين‭ ‬وعنى‭ ‬بتلك‭ ‬العنايات‭. ‬وضّح‭ ‬فى‭ ‬كتابه‭ ‬كيفية‭ ‬الإبصار‭ ‬آلية‭ ‬الإبصار‭ ‬فى‭ ‬العين‭ ‬اكتشف‭ ‬بعض‭ ‬العمليات‭ ‬الكيميائية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بالفصل‭ ‬والتنقية،‭ ‬كالترشيح،‭ ‬والتقطير‭. ‬اخترع‭ ‬الفتيلةالمستخدمة‭ ‬عند‭ ‬إجراء‭ ‬العمليات‭ ‬الجراحية‭. ‬اخترع‭ ‬أداة‭ ‬لغرض‭ ‬قياس‭ ‬الوزن‭ ‬النوعى‭ ‬للسوائل‭. ‬استخدم‭ ‬السكريات‭ ‬المتخمرة‭ ‬لتحضير‭ ‬الكحول‭. ‬أبدى‭ ‬اهتماماً‭ ‬فى‭ ‬عمليّة‭ ‬تشريح‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان‭. ‬أسّس‭ ‬علم‭ ‬الإسعافات‭ ‬الأولية‭ ‬التى‭ ‬تقدّم‭ ‬فى‭ ‬حالات‭ ‬الحوادث‭. ‬صنع‭ ‬مراهم‭ ‬الزئبق‭. ‬يعتبر‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬قام‭ ‬بإدخال‭ ‬المليِّنات‭ ‬فى‭ ‬علم‭ ‬الصيدلة‭. ‬يعتبر‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬أوجد‭ ‬فروقاً‭ ‬بين‭ ‬النزيف‭ ‬الشرياني،‭ ‬والنزيف‭ ‬الوريدي‭. ‬استخدم‭ ‬الربط‭ ‬حتى‭ ‬يوقف‭ ‬النزيف‭ ‬الشرياني،‭ ‬والضغط‭ ‬بالأصابع‭ ‬حتى‭ ‬يوقف‭ ‬النزف‭ ‬الوريدي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬استخدامه‭ ‬قائماً‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭. ‬يعتبر‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬ذكر‭ ‬حامض‭ ‬الكبريتيك‭ ‬الذى‭ ‬سمّى‭ ‬باسم‭ ‬الزيت‭ ‬الأخضر‭ ‬أو‭ ‬زيت‭ ‬الزاج‭. ‬قسّم‭ ‬المعادن‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬على‭ ‬حسب‭ ‬خصائصها‭. ‬حضّر‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬الحوامض‭ ‬التى‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬طرق‭ ‬تحضيرها‭ ‬متّبعة‭ ‬حتى‭ ‬وقتنا‭ ‬الحالى‭.‬

كتب‭ ‬الرازى

ألف‭ ‬كتاب‭ ‬الحاوى‭ ‬فى‭ ‬الطب،‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬يضمُّ‭ ‬كل‭ ‬المعارف‭ ‬الطبية‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬الإغريق‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬925م‭ ‬وظل‭ ‬المرجع‭ ‬الطبى‭ ‬الرئيسى‭ ‬فى‭ ‬أوروبا‭ ‬لمدة‭ ‬400‭ ‬عام‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬درس‭ ‬الرياضيات‭ ‬و‌الطب‭ ‬و‌الفلسفة‭ ‬و‌الفلك‭ ‬و‌الكيمياء‭ ‬و‌المنطق‭ ‬و‌الأدب‭ ‬و‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الرسائل‭ ‬فى‭ ‬شتى‭ ‬مجالات‭ ‬الأمراض‭ ‬وقد‭ ‬ترجم‭ ‬بعضها‭ ‬إلى‭ ‬اللاتينية‭ ‬لتستمر‭ ‬المراجع‭ ‬الرئيسية‭ ‬فى‭ ‬الطب‭ ‬حتى‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬عشر‭.‬

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة