إضاءة نبوية
إضاءة نبوية لحياة عصرية : الإيثار والتكافل من أخلاق النبوة
الخميس، 02 ديسمبر 2021 - 02:00 م
أروى حسن
فى كل مجتمع يوجد الغنى والفقير، وهذه حكمة الله فى خلقه، ولذلك فرض الله تعالى على الغنى أموالا تعطى للفقير حتى تعينه على الحياة، وهو ما يعرف بالزكاة المفروضة، وبالتوازى مع ذلك أمرنا رسول الله “صلى الله عليه وسلم” بنشر روح الإخاء والمودة والرحمة بالتكافل بين البشر، فكانت هناك الكثير من الأحاديث من بينها، ما رواه البخارى عن ابى موسى الاشعرى قال: قال رسول الله “صلى الله عليه وسلم”: “إنَّ الأشْعَرِيِّينَ إذا أرْمَلُوا فى الغَزْوِ، أوْ قَلَّ طَعامُ عِيالِهِمْ بالمَدِينَةِ جَمَعُوا ما كانَ عِنْدَهُمْ فى ثَوْبٍ واحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بيْنَهُمْ فى إناءٍ واحِدٍ بالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّى وأنا منهمْ”.
يمتدح رسول الله “صلى الله عليه وسلم” فى حديثه الشريف الاشعريين، وهم قبيلة من اهل اليمن التى ينتمى إليها الصحابى الجليل أبو موسى الاشعرى “رضى الله عنه” راوى الحديث، وهم يتميزون بالمُواساةُ والتَّكافُلُ فيما بيْنهم عِندَ الأَزماتِ وهذا مِن أَخلاقِ الأنْبياءِ، ومعنى كلمة “أرمَلُوا”، أي: فَنِيَ زادُهُم أو قلَّ، أَثناءَ خُروجِهِم لقِتالِ الأَعداءِ، أو قَلَّ طَعامُ عِيالِهِمْ بالمَدينةِ حالَ إقامتِهم؛ فهم يجمَعُون القليلَ الَّذى بَقيَ عندَ بَعضِهم فى ثَوبٍ واحِدٍ، ثمَّ اقتَسَمُوه بيْنَهُم فى إناءٍ واحِدٍ بالسَّويَّةِ، أي: يَأخُذُ كلُّ فَرْدٍ مِثلَ أخيهِ، وهذا دليل على الإيثارُ والمُواساةُ، الشيء يسميه الفقهاء شركة التناهد، من شركات الطعام، وهو اجتماع المجموعة على الطعام، أنا آتى بطعام وأنت تأتى بطعام، ثم نقسمه بيننا ونأكل كلنا منه، ولا أحد أولى بالطعام من الآخر، وقوله “صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ”: “فهُمْ مِنِّى وأنا مِنهُم”، تأكيدا على أن ما يقومون به هو من عمَلُ النبوة واتباعا لهديه وسنته “صلى الله عليه وسلم”، كما أن هذا فيه تنبيه وحث على اتباع مثل هذا العمل.
هناك الكثير من الأحاديث التى يحثنا فيها رسول الله “صلى الله عليه وسلم” على التكافل والايثار ومساعدة الآخرين، مما يدل على أهمية الأمر، لانه سبب فى نشر المودة والرحمة والإخاء بين البشر، ففى الإسلام القوى يتكفل بالضعيف، والغنى متكفل بالفقير، والقادر يعين غير القادر، وإن كنا فى زماننا هذا نرى الكثير من الجمعيات الخيرية التى تتبنى نشر التكافل بين أفراد المجتمع، إلا اننا مازلنا نحتاج إلى مزيد من الحب والإخاء، ومازال هناك الكثير من الفقراء والكثير من الاغنياء الذين لا يلقون بالا لفكرة التكافل أو الصدقة أو حتى الزكاة المفروضة، لذلك نرى الكم الهائل من الجرائم التى ترتكب بهدف الحصول على المال، كالنصب والسرقة والقتل وغيرهم، فلو طبقت القواعد الإسلامية بمفهوها الصحيح، واتبعنا سنة الرسول الكريم “صلى الله عليه وسلم” لكان المجتمع آمنا مستقراً، متحابين فيما بينهم كما كان أهل قبيلة الأشعريين.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة