المستشار/ أسامة محمد زكى رئيس محكمة الاستئناف
المستشار/ أسامة محمد زكى رئيس محكمة الاستئناف


سيدى أبو الحجاج

أخبار اليوم

الجمعة، 03 ديسمبر 2021 - 06:23 م

 

بقلم/ المستشار أسامة محمد زكى

كان والدى أستاذا جامعيا متخصصا فى مجال الاقتصاد الزراعى، وكان محبا لبلده حتى الثمالة، وَرِث هذا الحب الخالد أبا عن جد .. وورَّثه لنا، كما ورثنيه معه وأكده فى عميق وجدانى أستاذى ومؤدبى فضيلة العلم الصوفى الكبير الإمام محمد زكى إبراهيم والذى كانت نبضات قلبه تنبض بحب مصر،  وكان مما حدثنى به والدى أنه باستقراء التاريخ وجد أن ثمة دورة للحضارات مقدرة، فالحضارات تبلغ أوج مجدها ثم تضعف وترثها حضارة أخرى ويظل الحال كذلك .. حضارة ترث حضارة، تموت تلك فتقوم الأخرى، لكن بحكم دورة الحياة - والتى قد تطول وتستغرق قرونا - تعود الحضارة الأولى لعلوها من جديد، فكنت أقول فى نفسى تُرى هل سيتيح لى القدر أن أرى مصر تتربع على قمة الدنيا من جديد وتستعيد ما كانت عليه من حضارة وأبهة وتعود كما نصفها فى أغانينا (أم الدنيا) مرة أخرى ؟؟ .. ويبدو ان الله بكرمه نظر برحمته لهذا الصغير وعطف على نية هذا القلب البرىء وأجابه ليرى بعينى رأسه بلده عروسا حسناء فى عُرس ما ابهاه، عروسا بكرا هزها الطربُ فتبخترت فرحة نشوى.

فلقد تتبعتُ بكل فخر - كأى مصرى محب لوطنه - احتفالية الأقصر الباهرة المبهرة، وأرضانى أيما رضا هذا المجهود الجلى الواضح، وفرحت بنظرة الفرح فى عين رئيسها الوطنى الغيور الصادق، لقد رأيت فى عينه سعادة الفلاح عند حصاده نتاج ما غرس وتعب وعرق،  شعرت به أثناء الاحتفال وهو يستمع لكلمات الإنجاز على لسان هذا الوزير الشاب الجاد الخلوق، شعرت به وكأنه يخاطب مصر ويتخيلها أمَّاً فى شموخها، وهذا الابن البار يرتمى فى مهدها ويقول لها: أترانى وفيت لك بعهدى وأنجزت لك وعدى، وصدقت قسمى معك أمام الله ؟ والله يا أمى لا يزال لك عندى الكثير يا أماه يا محبوبتى، فلا تحرمينى دعاءك أمى فبينك وبين ربى عمار يا مذكورته فى أعظم كتبه ، فسليه أن يوفقنى لتأخذى مكانتك وتتمكنى من ريادتك، وتستعيدى أمجادك، فربى ما خذلك يوما ولن يخذلك يا طيبة وربى على كل شيء قدير.

ثم لفت نظرى ذكر سيدى أبى الحجاج الأقصرى الحسينى نسبا والمتوفى فى ٦٤٢ هجريا، والذى فرض نفسه نجما من نجوم هذه الاحتفالية، ولعلها من كرامات الصوفية فأنا أؤمن ببركاتهم ولو بعد موتهم، فسيدى أبو الحجاج قطب صوفى مُجمع على فضله وولايته عند الصوفية وكان معاصرا لسيدى العارف بالله عبد الرحيم القنائى وسيدى أبى الحسن الشاذلى القطب الصوفى المعروف ذى الصيت المنتشر ساكن الوادى المبارك (حميثرا) فى صعيد مصر الأقصى هذا الوادى  الذى يعرفه كل صوفى وتأتيه الزوار من كل مكان لما يلتمسونه فيه من حياة روحية وفطرة خصبة لا يجدونها فى سواه.

ولقد أطربتنى لفتة (سيسوية) حينما لفت الرئيس الفَطِن نظر محدثه أثناء سيره معه وحديثه عن مسجد سيدى أبى الحجاج وكيف أنه داخل المعبد الفرعونى !!،  وجدرانه بعضٌ من جدران المعبد بزخارفها الفرعونية فقال له الرئيس (و لم يطمسها أجدادنا وصلوا أمامها لله) إشارة من الرئيس يتدبرها مَن يتدبرها .. مفادها أن الإسلام يستوعب كل الحضارات ويزكيها ويضيف عليها بصمته الخاصة، ويصبغ عليها كريم دعوته وسعة أبعاده، وقد أمرنا الله أن نسير فى الأرض ونشاهد هذا التاريخ المجسد وتلك الأثار الباقية ونحافظ عليها ونقيم أصحابها، ما أعظم ما جاء به الرسل فكلهم من شجرة واحدة تتدلى غصونها وتطيب ثمارها، وما أكرم وأجل وأكمل صاحب الكلمة السماوية الأخيرة خاتمهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  الذى ربى صحابه كراما فتحوا مصر لينقذوا أقباطها المسيحيين من ظلم الرومان لهم، فلما فتحوها وجدوا أهرامات ومعابد، بل وكنائس وأديرة فلم يهدموها، بل بنوا بجوارها أول مسجد عرفته القارة السمراء (إفريقيا) مسجد عمرو بن العاص، كل هذه المعانى بذرها الرئيس فى كلمة يسيرة أثناء سيره، أُلقيت فى قلبه الواعى المحب من إشارة هذا المسجد المبارك الذى يضم مرقد هذا الصوفى العظيم الذى يمثل فهما صحيحا لسعة هذا الدين الخاتم، ومن عجب أن مسجد شيخ أبى الحجاج وهو سيدى عبد الرزاق المجاور لمسجد النبى دنيال القريب من شارع فؤاد بالإسكندرية هو الآخر فى حضن أحد معابدها تأكيدا لهذا المعنى الكريم الذى أشار إليه الرئيس السيسى فى عبارته العابرة .. وختاما .. تحيا مصر، وحفظ الله رئيسها وشعبها ..  ومدد يا ابا الحجاج.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة