مهما اختلفنا،..، والاختلاف وارد فى كل الاحيان، بل هو ضرورة فى بعضها،..، ففى اعتقادى ليس وارداً ان نختلف على ان هناك ثلاث نظرات متباينة، ينظر بها عموم الناس وخاصتهم للاشياء والأحوال، وكافة ما فى الدنيا من ظواهر أو أمور، يجدونها لافتة للانتباه وجديرة بأن تكون محل الاهتمام والتأمل أو التعليق.
هناك النظرة السلبية الباحثة دوماً عن النواقص فى الأشياء، والمفتشة بصفة مستمرة عن العيوب الظاهرة والمخفية، والمتوقفة دائماً أمام هذه النواقص وتلك العيوب، تركزعليها وتضخمها ولا ترى غيرها فى مجمل الصورة التى تنظر إليها،...، أى أنها لا ترى سوى الجزء الفارغ من الكوب دائماً.
هى دائماً تبحث عن الجوانب المظلمة فى الاشخاص والاشياء، ولا ترى غير المساحات المعتمة والاركان السوداء فى كل الاشياء وداخل كل النفوس، وهى فى كل الأحوال ساعية لنشر الكآبة ومروجة للاحباط وداعية لليأس، وناشرة للسواد فيما حولها وفى كل مكان تحل فيه او تصل اليه.
وفى المقابل، وعلى العكس من ذلك تماما، هناك النظرة المفرطة فى الايجابية، التى تلتفت دائما إلى الجوانب الحسنة فى الناس والاشياء، والأحداث والظواهر، وتتوقف دائما عند الجوانب المضيئة فى الحياة والشخصيات والسلوك بصفة عامة، وتحاول بصفة مستمرة أن ترى الجزء الممتلىء من الكوب وهى فى ذلك تسعى دائما لاضفاء البهجة على ما حولها، وتبعث بأشعة الأمل داخل كل النفوس، وتبذل غاية الجهد لدفع الجميع للتفاؤل بما هو قادم، وتعمل بصفة دائمة على الدفع للأمام والتبشير بالمستقبل الأفضل.
وبجوار هاتين النظرتين المختلفتين فى المنطق والمتضادتين فى الاتجاه، هناك النظرة الموضوعية المتوخية دائما للانصاف فى التقييم، والعدل فى الميزان دون تهوين أو تهويل، ودون افراط أو تفريط، فلا هى مغلولة فى ايجابيتها، ولا هى مبسوطة فى سلبيتها، لا هى سوداء مظلمة، ولا هى بيضاء من غير سوء،...، إنما هى متزنة فى حكمها على الناس والأشياء وصادقة وأمينة مع نفسها ومع الآخرين.
فمن أنت بين هؤلاء،...، وأى النظرات أنت صاحبها؟!