صباح أمس رحل عن عالمنا إلى جنة الله الأديب الكبير والمبدع جمال الغيطانى والحقيقة أننى قبل ١٠ سنوات مضت كنت أعرف الأستاذ جمال كقارئة لما يكتبه فى صفحة الأدب ويوميات الأخبار ثم أخبار الأدب وقت أن أسسها ورأس تحريرها وحارب من أجل استمرارها، وكان الأستاذ جمال كطبيعة الأدباء، علاقاته فى المؤسسة لمن يطلبها ويسعى لها، وجميعنا نقدر ذلك فالرجل يحتاج إلى كل لحظة لوقته من أجل إبداعه الروائى والقصصى

وغيرهما، حتى نجحت فى انتخابات الجمعية العمومية للأخبار وتم تعيين الأستاذ جمال عضوا فى الجمعية العمومية رغم أن ذلك كان قليلا جدا عليه إلا أنه قبل وهذا ما اكتشفته فيه بعد ذلك، فقد كان لديه قناعة ورضا تكفى العالم أن يعيش فى سلام، وطلبنى أستاذى الكاتب الكبير محمد بركات وكان رئيس تحرير الأخبار وقتها أنا وزملائى المنتخبين وقال إيه رأيكم جمال الغيطانى نختاره رئيس الجمعية العمومية واندهشنا وقلنا هل يوافق أن يخصص من وقت إبداعه وقتا للشكاوى والقضايا والطلبات التى لا تفرق بين منتخب ومعين؟
فقال اسألوه وذهبنا له فى مكتبه أنا وأستاذى الكاتب الصحفى محمد درويش وزميلى الكاتب الصحفى جمال حسين، ووافق الغيطانى، والأهم أن يومها جلسنا فى مكتبه قرابة الثلاث ساعات فى مناقشات أدبية وسياسية، وهكذا بدأت أعرف الأستاذ عن قرب، موسوعة من المعارف وكثير من الأفكار الجديدة والخواطر التى تأتى من المستقبل لتنير الحاضر، وهكذا فى حضرة الأستاذ جمال كان فيض المعرفة لا ينضب، وكما كان التاريخ الإسلامى سيلا من المعرفة ينهل منه الغيطانى، كان حب الوطن والإنتماء له هو الأساس والهادى.
فخاض الأستاذ معارك عديدة وقت مبارك ووقت الإخوان، كانت كلماته جريئة لا تحمل إلا معنى واحدا وهدفا واحدا، عاش رجلا مكافحا عصاميا بنى نفسه وثقافته وفكره بالحفر فى صخر الحياة
ويوم بدأت الدنيا تضحك والجوائز العالمية تنهال عليه استأذن فى الإنصراف وكأنه لا يقوى فى الحياة إلا على الكفاح ولا ينتظر الجنة إلا عند رب كريم وعظيم وقادر، اللهم اسكنه فسيح جناتك. وألهم أبناءه وزوجته الصبر.