تنكر سمير عبد القادر في شخصية بائع وكان يجر عربة يد ليلتقط صور العدوان علي مدينة بورسعيد وعاد من هناك وهو يحمل نصرا صحفيا لا يعرف بقيمته الا بعد أن نشرته صحيفة « الأخبار» ونقلته وكالات الأنباء عنها



والله عيب أن يرحل كاتب كبير مثل سمير عبد القادر في صمت بعد أن أعطي للصحافة أكثر من نصف قرن فيغيب عن جنازته زملاؤه وأبناء المهنة.. قد يكون لهم مبرر في هذا الغياب علي اعتبار أن الوفاة حدثت يوم الجمعة مع أن التليفزيون المصري أبرز الخبر في شريط الأخبار المرئي في جميع قنواته وكانت صاحبة الفضل في هذا الاعلامية الكبيرة صفاء حجازي رئيس قطاع الأخبار التي استجابت لرسالتي.. وإن كنت قد تألمت بسبب ضعف تواجد زملاء الراحل في جنازته، فقد كان عددهم لا يزيد عن خمسة في مقدمتهم الزميل احمد سامح رئيس مؤسسة أخبار اليوم الأسبق والزميل الكاتب الصحفي شريف رياض الذي تطوع مشكورا في الاتصال بزملاء وتلاميذ الفقيد منذ الصباح وشاركنا الزميل خالد جبر رئيس تحرير بوابة أخبار اليوم.. وفي شجاعة الرجال حمل ابنه « عمرو « نعش والده وأصر أن يدخل به السيارة التي سوف تحمله إلي المقابر.. ورغم غياب أبناء المهنة الا أن موكب الجنازة كان مهيبا فقد احتشد عدد كبير من أصدقاء الفقيد وقرائه ومعارف وأصدقاء ولديه « محمد وعمرو «..
- توقعت أن أجد إشارة لخبر الوفاة في الطبعة الأولي من صحيفة « أخبار اليوم « والتي كان الراحل يكتب فيها مقاله الاسبوعي « نحو النور» لكن شيئا من هذا لم يحدث مع أن تاريخه الصحفي وعطاء السنين يعطيه الحق في نشر خبر بصورته في الصفحة الأولي يوم الرحيل.. لكن للأسف الصحيفة اكتفت بنشر الخبر في الطبعة الثانية وفي صفحة داخلية مع صورة وسطور محدودة جدا عن سيرته الذاتية.. قلت في نفسي أكيد رئيس التحرير ليس موجودا لأنني أعرف أن الأستاذ السيد النجار لا يمكن أن يفوته هذا الموقف وخاصة أنه يتمتع بأخلاق القرية المصرية.. يعني الرجل نقي ويعرف معني الوفاء والوفاء عنده لا يموت بوفاة كاتب.. ولكي أكون منصفا فقد كان كاتبنا الكبير سمير عبد القادر « رحمه الله» يحظي برعاية رئيس تحرير أخبار اليوم الذي خصص لمقاله « نحو النور» مساحة متميزة في صفحتي « فكر وجدل».. وهو موقف يحسب له مع أساتذته شيوخ المهنة..
- الشيء الذي اثلج صدري تكريم جريدة « المصري اليوم « فيصدر زميلنا الكاتب الأصيل محمود مسلم رئيس التحرير تعليماته بأن تصدر الطبعة الأولي وفيها خبر الوفاة علي عمودين مع صورة الراحل الذي اثري بفكره وقلمه وعلي يديه تخرجت اجيال من الصحفيين الشبان، هذا هو محمود مسلم الانسان صاحب التكريم دائما لزملاء المهنة..
- وربما كثيرون من الذين يعملون في أخبار اليوم لا يعرفون تاريخ الراحل العظيم سمير عبد القادر.. لذلك كنت ألح علي ابني وزميلي الكاتب الكبير الأستاذ ياسر رزق الذي شرفنا به رئيسا لبيتنا الكبير أخبار اليوم.. فقد طالبته أكثر من مرة أن ينظم لقاءات مع أبناء المهنة القدامي والصحفيين الشبان ليتعرفوا منهم علي مشوار حياتهم الصحفية.. كنت أتمني أن يكونوا علي معرفة بتاريخ العمالقة الذين رحلوا عنا في السنوات الاخيرة مثل احمد رجب وانيس منصور ومصطفي حسين وسعيد اسماعيل والدكتور صلاح قبضايا.. وإن كان لصلاح قبضايا مواقف بطولية جمعت بينه وبين مصطفي شردي وسمير عبد القادر فقد صنع الثلاثة امجادا صحفية في حرب 1956 ايام العدوان الثلاثي علي بورسعيد وكانوا وقتها طلابا في الجامعة ويعملون في « الاخبار» تحت التمرين.. لقد تنكر سمير عبد القادر في شخصية بائع وكان يجر عربة يد ليلتقط صور العدوان علي مدينة بورسعيد وعاد من هناك وهو يحمل نصرا صحفيا لا يعرف بقيمته الا بعد أن نشرته صحيفة « الأخبار» ونقلته وكالات الأنباء عنها.. مؤكد أن عددا كبيرا من أبناء المهنة الحاليين لم يعاصروا تاريخ سمير عبد القادر لأن معظمهم كانوا علي أيامه صغارا في مراحل التعليم، لذلك لهم عذرهم.. مع أن تاريخه محفور علي جدران « ٦ شارع الصحافة « المبني العتيق الذي تخرج فيه عمالقة المهنة وعشت فيه احلي سنين العمر..
- لذلك مازلت أطالب الزميل ياسر رزق والزملاء أعضاء مجلس الادارة في اخبار اليوم بأن يضعوا معايير في تكريم أصحاب العطاء سواء كانوا في التحرير أو المطابع أو الادارة أو الاعلانات حسب عطاء كل منهم، لأنني أري تكريم من أعطي جهد السنين بنشر خبر وفاته مع صورته في الصفحة الاولي..إن هذه القواعد هي حق مكتسب للعاملين وليست منحة من رؤساء التحرير بعد أن تحررت المؤسسات الصحفية ولم تعد الصحف فيها عزبا لهم..
- رحم الله سمير عبد القادر الذي لبي نداء ربه.. في مطلع شهر كريم من أشهر الحج.. حيث تتقبل عائلته فيه العزاء الليلة بمسجد الحامدية الشاذلية.. فقد كان رحمه الله مدافعا عن المرأة وسندا لها في حماية بيتها واسرتها.. ولذلك كان محبوبا لدي البيت المصري..