د. محمد أحمد السيد
د. محمد أحمد السيد


باحث لغوي بجامعة الأزهر: دراسة لإنشاء منظمة عالمية لتعليم العربية لغير الناطقين بها

عبدالهادي عباس

الخميس، 09 ديسمبر 2021 - 06:45 م

يبذل الأزهر الشريف جهدًا كبيرًا فى تعليم الوافدين أصول الدين والفقه الإسلامى ليعودوا إلى أوطانهم هداة دعاة إلى الحق والخير والسلام، ويتركز كل هذا الجهد على خطوط أولية لتعليم اللغة العربية إلى غير أهلها، إذ اللغة هى العمود الأول الذى يرتكن إليه فهم الإسلام؛ ولهذا كان هذا الحوار مع أحد الباحثين النابهين فى المجال اللغوى بجامعة الأزهر الشريف، د. محمد أحمد السيد، المدرس المساعد بكلية التربية جامعة الأزهر، ونائب مدير مركز الشيخ زايد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين، والذى حملت رسالته للدكتوراة خطة محكمة لإنشاء منظمة عالمية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها؛ كما يتوافق مع الاحتفال السنوى الذى حددته منظمة اليونسكو للاحتفال باليوم العالمى للغة العربية فى 18 ديسمبر من كل عام: 

كيف ترى مكانة اللغة العربية الآن بين اللغات الأخرى وما السبيل لتقويتها؟

اللغة هوية الأمم، وتبذل الدول والمجتمعات كل غالٍ ونفيس من أجل نشر لغاتها، وتعد اللغة العربية أقدم اللغات التى ما زالت تتمتع بخصائص فريدة ، كما تظهر منزلة اللغة العربية وأهمية تعليمها وتعلمها من خلال كونها محورًا أساسيًا فى بناء الإنسان بكل جوانبه، ومحورًا للعملية التعليمية فى كل مراحل التعليم، ومحورًا للنشاط الإنسانى فى المجتمع، والأكثر من ذلك مكانتها الدينية.


كما تشهد اللغة العربية إقبالاً غير مسبوق على تعلمها من جميع الجنسيات ومختلف الشعوب، حيث نتج عن المبادرة اللغوية للأمن القومى الأمريكى زيادة عدد الدارسين للغة العربية فى أمريكا من خمسة آلاف إلى اثنى عشر ألفا فى 2007م، بينما وصل عددهم فى 2010 إلى خمسين ألف طالب، وهذا يدل على زيادة عدد المقبلين على تعلم اللغة العربية، ويبشر بالخير لها ولمستقبلها العالمى وترتيبها، فاللغة العربية تغير حالها وترتيبها على مدار السنوات السابقة وهذا الأمر ليس بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فقط؛ بل على مستوى العالم وخاصة الآسيوي.


ولكن هذا لا ينفى زيادة التحديات التى تواجهها اللغة العربية فى التعامل مع معطيات العصر؟

بالفعل، فإن المشكلات والتحديات التى تواجه تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها ما زالت موجودة، وذلك نظرًا لغياب الدور التنظيمى والتشاركى بين هذه المؤسسات؛ ويعد غياب الإدارة التى تعمل على حماية اللغة العربية بوجه عام، وتعليمها لغير الناطقين بوجه خاص، من خلال سن التشريعات والقوانين اللازمة التى تضمن مكانتها على جميع المستويات وتحفظ لها موقع الريادة فى الوطن، بحيث يصبح التعدى عليها جريمة فى حق الوطن، فضلا عن صيانتها من الغزو الثقافى والفكري، إذ لا سبيل إلى إزالة العراقيل من أمامها، وهى كثيرة، إلا بمنظمة عالمية قانونية، كما هو الشأن فى كثير من الدول الغربية.


تحديات معاصرة


ما أبرز التحديات التى تواجه تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها؟


تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، كما يمارس الآن، يشوبه كثيراً من القصور، ويتضح ذلك من خلال التحديات المعاصرة التى تقف حائلاً أمام انتشار اللغة العربية، وهى كثيرة لا حصر لها ومنها: حوسبة اللغة العربية، اختبار لغوى محوسب لتحديد المستوى والكفاءة اللغوية، وجود إطار مرجعى موحد نابع من كيان اللغة نفسها وليس مأخوذاً من لغات أخرى، الاعتماد المؤسسى ومعايير جودة تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، الإعداد الأكاديمى والمهنى لمعلمى اللغة العربية لغير الناطقين بها، وغيرها.


وبناء على توصيات مجموعة من الدراسات والمؤتمرات، كان لابد من تعزيز الجهود التى تعمل على إزالة الحواجز التى تعوق النهوض بتطوير تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، والقيام بالدراسات التى تكشف عن أساليب واستراتيجيات جديدة فى تعليم اللغة العربية تواكب ما استجد فى ميدان تعليم اللغات الأجنبية، وهذا التعزيز والتكاتف لا يتأتى إلا من خلال هيئة أو منظمة عالمية تكون مسئولة عن إدارة هذه المؤسسات ومراقبتها بوضع أهدافها وبرامجها ووسائل التقويم والاختبارات وسن القوانين والتشريعات الخاصة بحمايتها، واعتماد المؤسسات وغير ذلك، ولذا فإن اللغة العربية اليوم بحاجة ماسة إلى برنامج متكامل، ولا بد للجهات المعنية بقضاياها أن تجمع الجهود لتنميتها، وأن يكون ذلك تحت مظلة واحدة. 


تصور مستقبلى
إذن ما الأهداف المباشرة التى تدعو إليها فى دراستك لتعزيز تدريس اللغة العربية لغير الناطقين؟

تهدف دراستى بصورة رئيسة إلى وضع تصور مستقبلى لمنظمة عالمية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، ويتم تحقيق هذا الهدف من خلال مجموعة من الخطوات والتى تتمثل في: الكشف عن التحديات التى تواجه تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها وسبل مواجهتها، وإبراز جهود المؤسسات العالمية التى بذلت فى مجال تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من مجالس دولية أو منظمات عامة، والكشف عن دور الأزهر العالمى فى تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.


وما حدود توقعاتك إذا ما قام الأزهر الشريف والمؤسسات بتطبيق هذه الأفكار؟

على الجانب النظرى سيسهم فى إثراء المكتبة العربية بالدراسات التى تسهم فى النهوض باللغة العربية بوجه عام وبتعليمها لغير الناطقين بها بوجه خاص، كما تفتح المجال أمام دراسات أخرى يمكن أن تتم فى هذا المجال للارتقاء بتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، ومنها الدراسات السياسية للغة العربية، وتقدم هذه الدراسة إطارًا ورؤية عامة عن الكيفية التى تسير عليها مؤسسات تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، مع تحديد الإطار العام والتنظيمى المناسب لإنشاء منظمة عالمية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وإبراز أهمية المنظمات العالمية التى ينتج عنها قيمة مضافة ومستدامة للمجال، وتتطلب هذه المنظمات مهارات عدة أبرزها الجرأة، والقدرات التسويقية العالمية.


وعلى الجانب التطبيقى تسهم فى رفع المستوى الإدارى والعلمى والمهنى للمهتمين بتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وتقليل الفجوة بين مخرجات المؤسسات التعليمية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها على المستويين العربى والعالمي؛ وذلك عبر بناء جسر يربط بين هذه المخرجات من خلال وحدة الأهداف والمدخلات، وكذلك مساعدة القائمين على تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من اتخاذ القرارات المناسبة، والتى من شأنها النهوض باللغة العربية.

إقرأ أيضاً| اليوم.. الأزهر يستضيف الاجتماع السنوي الثامن للفريق الاستشاري الإسلامي

 

 

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

مشاركة