حسن هريدي
حسن هريدي


طرقات

حسن هريدي يكتب: فيلا التجمع وحفلات المذاكرة

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 09 ديسمبر 2021 - 09:15 م

قبل غروب الشمس بوقت قليل على إحدى مقاهي وسط البلد، أمارس عادتي المفضلة وهي تناول كوب شاي قبل التوجه إلى المنزل بعد يوم عمل طويل لم ينته لطبيعة المهنة التى لا ترحم.


بجواري جلست فتاتان على قدر كبير من الجمال تتراوح اعمارهما مابين العشرين والثلاثين.. في بادىء الأمر تواجدهما وحديثهما لا اهتم به.


كلمة واحدة جذبت انتباهي لهما، عندما نادت الفتاة الأولى واسمها سوزنيا ( ليس اسمهما الحقيقي)  تطلب من صديقتها "توتو" التوجه معها لفيلا صديقهما خالد  بالتجمع الخامس للاحتفال وقضاء ليلة ظريفة على حد قولها.


نظرت توتو  إلى سوزينا  وعيونها تقول فى خبث ماذا نفعل وهل سنكون وحدنا مع خالد؟ 


"سوزينا" فهمت ما ترمي له توتو  وقالت لها سوف يكون معنا فلان وفلان وفلانه اصحابنا فى الجامعة وأيام الدراسة و" هنعمل أحلي بارتي.. اللي يجي فى بالك واللي لسة مش تتخيليلة ".. ردت توتو وأخبرتها أن والدتها لن توافق.


بسرعة جاوبتها سوزينا، أنها لن تخبر والدتها بحقيقة الذهاب إلى فيلا التجمع ، وإنما سوف تخبرها أنها سوف تذهب للمذاكرة  في  فيلا سوزينا، نظرا لسفر والدها بالخارج لعقد صفقات تجارية وأنها فرصة جيدة لقضاء الليل في المذكرة.


بادرت توتو بسؤال سوزينا، عن موقف والدها ووالدتها كيف تتصرف معهما.. نظرة عميقة وتنهيدة من القلب، وكان جواب سوزينا  صادم لي وأنا اجلس استمع للحديث، عندما قالت إن والدي لا أراه فى العام عدد مرات لا تتجاوز أصابع اليد، لأنه مشغول بالسفر من دولة إلي أخرى لعقد الصفقات التجارية.


ووالدتها لا تراها لمدة يوم أو يومين، وهي توقظها من نومها، لتضع المصروف اليومي  لها، والذى يزيد عن ألف جنيه يوميا، وتذهب لزيارة اصدقائها بالنوادي، والتسوق وقضاء الوقت لغياب الزوج وولا تجد ما تفعلة وحدها بالمنزل.


وأكملت سوزينا كلامها وأنا بدوري أعوض غياب الأب والأم بالسهر في أي مكان حتي ولو كان داخل فيلا برفقة أحد الأصدقاء.


وبالفعل قامت "توتو" بالاتصال بوالدتها وأخبرتها أنها سوف تتوجه للمذاكرة مع سوزينا  وتم ما أرادت، ليكون خالد ورفاقة في انتظارها في فيلا التجمع الخامس، لاستكمال الحياه العابثة دون النظر إلي أي اعتبارات أخرى.


تلك الحقيقة أضعها أمام كل أب وأم لكي تستفيق من غفوتها، وتدرك أن الثروة الحقيقة ليس في حفنة من الجنهيات أو العقارات أو السيارات الفارهة التى يقدموها لأبنائهم، وإنما الاحتواء والقيام بالدور الحقيقي لرعاية الأبناء هو الأهم قبل فوات الأوان.


تلك واقعة واحدة من آلاف الوقائع التي تجري كل يوم على  اختلاف الأشخاص والأماكن، ولكن تبقي الجريمة واحدة.. ضياع الأسرة وضياع المجتمع، والنتيجة طفل سفاح، وإنسان مدمن أو مجرم  وأسرة تجر ذيول الضياع والهوان بعد فوات الأوان.

 
[email protected]

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة