قصر ميخائيل لوقا الزق بأسيوط المشطوب بقرار مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار
قصر ميخائيل لوقا الزق بأسيوط المشطوب بقرار مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار


وزير شطب الآثار.. كيف نجح العناني في تدمير وزارة كاملة؟

بوابة أخبار اليوم

الجمعة، 10 ديسمبر 2021 - 04:25 م

 

كتب: شهاب طارق

لسنوات طويلة ظل قطاع الآثار يعاني الكثير من التخبطات خاصة بعد أحداث يناير وما أعقبته من تغيير كامل للهيكل الإداري للوزارة، إذ تحولت لوزارة مستقلة بعدما كانت مجرد هيئة تابعة لوزارة الثقافة.

ظل هذا التخبط لسنوات عديدة لكن حين جاء الرئيس السيسي إلى الحكم تبنى مشروعًا وطنيًا كاملًا لاستعادة الهوية المصرية، وذلك بالتعاون والتنسيق مع جميع الوزارات في مصر، وعلى رأسها وزارة السياحة والآثار، وقد تزامن ذلك مع قدوم الدكتور خالد العناني على رأس وزارة الآثار -قبل أن يتم دمجها في وقت لاحق لتكون وزارة السياحة والآثار- وقد سخرت الدولة طوال فترة رئاسته للوزارة الكثير من مواردها المالية لإنعاش ذلك القطاع الذي تهاوى لسنوات طويلة.

وحين جاء العناني إلى الوزارة تفاءل الكثيرون، إلا أن المتخصصون في الآثار تنبهوا إلى مشكلة أكبر؛ وهي خلفية الوزير الأكاديمية، إذ إنه ليس خريجًا من كلية الآثار، بل تخرج من كلية السياحة والفنادق؛ فقد أدركوا أن قرارته غالبًا ما سوف تنعكس على تعظيم دور السياحة على حساب الآثار.

وبالفعل تبنى الوزير سياسة جديدة وهي التوسع في افتتاح المتاحف، على حساب الكثير من الآثار المسجلة ضمن عداد الآثار والتي تمثل ذاكرة حية لتاريخ الأمة، وقد حاز الوزير دعم القيادة السياسية، التي وفرت له كافة موارد الدولة، وقد سابق الوزير الزمن كي يفتتح هذه المتاحف، رغم إدراكه أن الكثير من هذه المتاحف كان يجب أن يتم وضع خطة جيدة لتسويقها جيدًا، وذلك لضمان استدامتها، وقد سارع الوزير بافتتاح العديد من المتاحف منها متحف كفر الشيخ ومتحف المركبات الملكية، في فترة زمنية قصيرة، دون تقديم دراسات كاملة لتسويقها، وهو الأمر الذي أدى في النهاية لضعف الإقبال عليها لعدم تسويقها بصورة جيدة في نهاية الأمر.

قرار شطب الحمام العثماني بقنا

 

 استمر الوزير على وتيرته تلك من خلال التوسع في الافتتاحات، وكان أخرها افتتاح طريق الكباش والذي أبهر الكثيرين لكنه في نهاية الأمر لم يحقق أي مردود سياحي في النهاية، فقد اهتم الوزير بتفاصيل الافتتاحية، أكثر من اهتمامه بتسويقها جيدًا.


 لم ينجح الوزير في نهاية الأمر في التسويق للمواقع الأثرية بطريقة جيدة، ويبدوا أنه انبهر بهذه الافتتاحات  الكثيرة، فلم يعد الرجل مهتمًا بقطاع الآثار، وترك المجال للأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والذي تبنى شطب الآثار لا تسجيلها، ومن هنا كانت مخاوف المتخصصين في محلها، فقد عانت الكثير من الآثار المسجلة في عهده، ولم يتبنى الرجل تسجيل المباني الأثرية رغم أن القانون نفسه يعطي له الحق في تسجيل المباني الأثرية التي تحمل قيمة معمارية أو تاريخية مميزة، إلا أنه قد فاجأ الكثريين خلال حديث فقال نصًا: "لو هسجل كل المباني اللي مر عليها 100 سنة يبقي هسجل نصف البلد".

 

وأعقب ذلك تصريح آخر في جريدة أخبار الأدب حين قال نصًا: "هل المفترض أن أترك بعض الحجارة لأنها مسجلة؟". وضعت هذه التصريحات الوزير في دائرة الانتقادات التي نالته من كافة وسائل الإعلام، وكذلك مجلس النواب، خاصةً وأنه  تبنى رأيًا شاذًا في تاريخ هيئة الآثار وهو رأي يكن مطروحًا من قبل فوظيفته الأساسية هي الحفاظ على الكتلة الحضارية لمصر؛ والمتمثلة في آثارها.

فهو لم يتبنى تسجيل الآثار بل في نهاية الأمر تبنى شطب المباني الأثرية المسجلة في عداد الآثار!


 فتحت جريدة أخبار الأدب قضية شطب المباني الأثرية منذ حوالي سنتين، ولا تزال حتى اليوم تفتح هذا الملف، فقد اتخذ وزير الآثار والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار عدة قرارات غريبة؛ ومنها شطب المباني الأثرية بدلًا من ترميمها، فقد أولى الرجل اهتماما بالآثار الواقعة في مناطق "حيوية" وأهمل الآثار المسجلة التي تقع في نطاقات قد لا تدر عليه دخلًا في القريب العاجل.

إذ اتخذت وزارته قرارا بشطب منزل عبد الواحد الفاسي، القابع بحارة السبع قاعات القبلية بحي الموسكي بالقاهرة والذي يعود تاريخ بنائه للقرن الـ١٦، ورغم أنه قد صرف عليه حوالي ٣٤ مليون جنيه لترميمه في سنة ٢٠٠٨ إلا أن الوزير لم يفتح تحقيقًا في هذه المخالفات التي تمت خلال عملية الترميم رغم اعتراف جميع لجان المعاينة بضرورة اتخاذ قرار بشأن هذه الترميمات التي تمت في مساحة فارغة من المنزل الأثري! وبدلًا من فتح تحقيق موسع لترميم المنزل الفريد تم اتخاذ قرار بشطبه من عداد الآثار!


 لم يكتفي الوزير بهذا القرار فقد اتخذت وزارته أيضًا قرارًا بشطب الحمام العثماني الأثري بقنا، من عداد الآثار المسجلة، وهو أحد ثلاث حمامات أثرية موجودة فقط في صعيد مصر بأكمله، ورغم توفر الكثير من الدراسات العلمية حول هذا الأثر "النادر في مصىر" من جانب الكثير من علماء الآثار، ورغم وجود تقارير أثرية وهندسية من جانب لجان المعاينة تتطالب بترميمه لا شطبه، ورغم تقديم منطقة آثار قنا لعدة اقتراحات لترميم الحمام الأثري والاستفادة منه سياحيا خاصة مع وجود معبد دندرة بالقرب من نطاقه الجغرافي؛ اتخذ الوزير في نهاية الأمر قراره بالشطب!! 


 لم تكتف وزارته بهذا الأمر بل اتخذت قرارات أخرى ومنها شطب قصر ميخائيل لوقا الزق بأسيوط من عداد الآثار، وهو القصر الذي سجله رئيس الوزراء الراحل الدكتور كمال الجنزوري ضمن عداد الآثار، نظرًا لأهميته التاريخية، ولاستخدام عناصر زخرفية عالية داخله وعلى وجهاته، فقد استعان لوقا الزق بمتخصصين في العمارة الإيطالية، لتشييد قصره على طراز الباروك المستحدث (طراز معماری ظهر مع نهاية القرن التاسع عشر كطراز إحيائي لعمارة الباروك التي كانت تنتشر في أوروبا في القرن السابع عشر وبداية القرن الثامن عشر)، و هو طراز يحمل خصائص عدة أهمها التعبير عن الحركة باستخدام الحوائط المنحنية، مع استخدام موتيفات شكلية عند خط الأفق، ووصف هذا الطراز بالمتكلف زخرفيًا دون إغفال مدى ثرائه على كافة المستويات.

ورغم رفض جميع لجان المعاينة شطبه من عداد الآثار، والتي أوصت بترميمه أيضًا، اتخذ في النهاية قرارا بشطبه من عداد الآثار!


 لم تنتهي حكاية شطب الآثار عند هذا الحد، فقد اتخذ أيضًا قرارا بشطب محطة القطار الملكية بكفر الشيخ من عداد الآثار، رغم وجود مخاطبات رسمية في وقت سابق تفيد بترميمها بمبلغ يساوي ٥٠٠ ألف جنيه، ورغم رفض جميع لجان وزارة الآثار شطبها اتخذ القرار في النهاية بالشطب في مخالفة واضحة لقانون حماية الآثار.

  
 أليس من الأجدى لوزير السياحة والآثار أن يعتذر وأن يفتح تحقيقا واسعًا لرصد تلك المخالفات؟

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة