الجمعة، 10 ديسمبر 2021 - 06:13 م

ربما تكون زيارتى لمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية هى الأولى فى حياتى، ودائما ما أشعر بالقلق عندما أزور مدينة لأول مرة ولكن عندما نزلت «جدة» لم أشعر فيها بأى غربة وقلق، مثلها مثل كل المدن القديمة العتيقة تشعرك بالحميمية والدفء بفضل مبانيها القديمة وشوارعها التى تشبه كثيراً من مبانى المدن القديمة وايضا أهلها الذين يظهر على وجوههم الروابط العائلية والأسرية التى تشعرك بالحميمية ايضا، عكس المدن الحديثة التى اشعر بأنها «زجاجية» لا روح فيها، فى «جدة» تشعر انك تسير فى شوارع القاهرة القديمة، او طرقات بغداد وعدن ودمشق والدار البيضاء.

ذهبت لـ«جدة» وفى مخيلتى صورة ذهنية عن حالة الإنغلاق الإجتماعى التى عاشتها المملكة بصفة عامة لعقود طويلة، صحيح اننى ذهبت اليها لحضور أول مهرجان سينمائى دولى يقام على أرض المملكة، وكنت اعتقد أنه مجرد حدث سينمائى سنوى يلتف حوله أهل المدينة خلال فترة انعقاده فقط، ولكننى لم أكن اتخيل حجم الانفتاح الاجتماعى المتسارع الذى يعيشه المجتمع السعودى فى جدة، هذا الانفتاح الذى بدأ قبل سنوات قليلة جدا بعد أن اطلق الامير محمد بن سلمان «رؤية 2030» للتغيير فى كافة المجالات وهو ما انعكس على التصريح باقامة الحفلات والمواسم الترفيهية والتى بدأت فى الرياض وانتقلت أمواج التغيير الى المدن الأخرى ومنها «جدة»، ففى الوقت الذى تقام فيه الحفلات الغنائية والعروض المسرحية والمهرجانات السينمائية، يسير إلى جنبها تدشين بنية تحتية لعناصر الثقافة والفنون لبناء جيل من المبدعين مؤهلين علميا لهذه الفنون، فعندما تسير على كوريش جدة يلفت نظرك حجر الاساس لبناء أول دار أوبرا بها ومعاهد لتعليم الألات الموسيقية، والذى يندرج ضمن برنامج جودة الحياة ويتضمن تحسين النمط المعيشى وتطوير قطاع السياحة الثقافية فى السعودية، ترى ايضا تدشين وبناء دور عرض سينمائي، وتسمع عن دعم مالى كبير من الدولة لشباب السينما لصناعة افلام، ترى محلات لبيع الالات الموسيقى، وادوات التصوير السينمائى والرسم والفنون .

كلمة أخيرة: الإقبال الكبير من الكبار والشباب والاطفال السعوديين من الجنسين على حضور حفلات وافلام مهرجان البحر الاحمر السينمائى يؤكد أن المواطن السعودى متفاعل مع حالة التغيير التى تحدث ومرحب بها وانه كان ينتظرها منذ سنوات طويلة.