كوارث الفهلوى
كوارث الفهلوى


كوارث الفهلوى: خبير النباتات الذي افتتح عيادة لعلاج البشر

أخبار الحوادث

الأحد، 12 ديسمبر 2021 - 10:42 ص

محمد طلعت

  كيف يستطيع شخص أن يدمر منطقة كاملة دون أن يطرف له جفن، ويتسبب في خسائر لعشرات الأشخاص نتيجة لمحاولته تشغيل دماغه بالفهلوة، مواقف كثيرة واجهتنا في حياتنا لأشخاص يتصنعون الفهم أو يحاولون عمل شيء دون أن يعوا خطورة مثل هذا الأمر، ونتيجة لذلك يمكن أن يرتكب هذا الشخص أخطاءً تصل لدرجة الكوارث القاتلة، في مواقف متضاربة بعضها يكون مضحك رغم كارثيته لكنه ضحك كالبكاء، وفي السطور التالية نحاول أن نتحدث عن الشخص الفهلوي الذي يتسبب في الالم والحزن لمعارفه والتي قد تصل حد الموت.

كل منا مر في حياته بمواقف مع أشخاص حياتهم مرتبطة بالاونطة والفهلوة سواء في عملهم أو في حياتهم الشخصية بمبدأ «احنا اللي دهنا الهوا دوكو»، يتعمدون تشغيل الدماغ واستغلال كل المواقف لصالحهم فمثلا في محافظة سوهاج خلال الأيام الماضية اكتشفوا بالصدفة خبيرا زراعيا لم ينجح في مهنته الأساسية، فأراد أن يجود ويرتقي ففتح عيادة طبيب وحول مهنته من الزراعة ومعالجة النبات لمعالجة البشر وبدل ما يكون اسمه الباشمهندس أصبح حضرة الطبيب بين يوم وليلة.

المفارقة أنه صدق نفسه، «طالما كنت قادرا على علاج النباتات والأشجار والأغصان المريضة، وجعل التربة خصبة، فما المانع في تشخيص أمراض البشر»، هكذا ببساطة اقنع نفسه، وذهب الناس إلى العيادة التي افتتحها، منهم من يريد عمل علاج طبيعي ومنهم اللي الطبيب المزيف وصف لهم طرق عديدة للتخسيس، واشتغل على اجسامهم بالإبر الصينية، وغيرهم اللي عمل لهم تقويم للعمود الفقري وغيرها وغيرها من الفهلوة، حتى أصبح ملء السمع والبصر في مركز دار السلام والحجز عنده مشغول لأيام، وفجأة في حملة تفتيش من إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة اكتشفوا أنه خريج كلية زراعة ولم يدخل كلية الطب في حياته، وما فعله أنه قرر أن ياكل عيش بالفهلوة وتشغيل الدماغ لكن في الاتجاه الخطأ ولم يفكر في العواقب فالمهم هو الحصول على المال أيًا كانت الطريقة وأيًا كان ضحاياه.

سباك بولاق!

ولأن الفهلوة ملهاش حدود فبرغم بعد المسافة بين سوهاج والجيزة والتي تصل لأكثر من ٥٠٠ كيلو متر إلا أننا شاهدنا فهلوي اخر تسبب في كارثة انهيار جزئي لمنزل وتدمير أكثر من ١٤ سيارة، الفهلوى هذه المرة كان بيشتغل سباك في بولاق الدكرور، واحد ساكن في شقة حصل عنده مشكلة في السباكة فاتصل بالسباك اللي راح علشان يصلح العطل ولأنه فهلوي فحب يجود فغير مواسير الغاز الطبيعي الموجودة في البيت بمواسير مياه، وبعدما غادر السباك غير مأسوف على وجوده، وقرر صاحب الشقة استخدام السخان فجأة حصل انفجار واشتعلت النيران وانهار البيت وسقطت البقايا على السيارات الموجودة وأصيب البعض وبقت هيصة وشغلانة كبيرة بسيارات مطافي وإسعاف والدنيا اتقلبت والسبب شخص فهلوي حب يجود خرب الدنيا وتسبب في مصيبة وخسائر مادية لناس كتيرة. في أماكن تانية بنشوف الفهلوي بيحاول يضر بنفسه زي ما شفنا في قطار المحلة الكبرى لما شفنا فيديو صوره أحد الأشخاص لشاب صغير في السن يجري فوق القطار على عكس حركته بصورة مرعبة كما بينها الفيديو الذي انتشر انتشار عالمي ووصل لصحف ووكالات عالمية عرضته لديها وهى تبين خطورة ما ارتكبه ذلك الشخص الذي تم القبض عليه وبمواجهته في التحقيق بالفيديو اعترف أنه حاول يقلد إحدى الألعاب المشهورة «Subway» أو لعبة متزلجي قطارات الأنفاق الموجودة على أنظمة تشغيل الهواتف بنظام أندرويد بسوق بلاي ونظام آي أو إس بـ اب ستور وهى لعبة تجتذب ملايين اللاعبين لكن الأمر الغريب هو أن يشارك ذلك الشخص الذي تبين أنه طالب جامعي في تقليدها بهذه الطريقة الخطرة التي كادت أن تودي بحياته أو بإصابته إصابات قاتلة لانه حاول أن يكون فهلوي.

ع الدائري!

وقد يستغل أحد الأشخاص الفرصة ليحقق مكاسب سريعة عن طريق الفهلوة وتشغيل الدماغ كما يفعل «المستريحون» مع ضحاياهم فهم يصورون لهم أن مكاسبهم من الهوا ستكون أضعاف مضاعفة دون أي مجهود ويعطوهم الطعم الذي يتمسك فيه الضحية «الطماع»، وهو يظن أنه سيصبح مليونيرًا في فردة كعب كما يقول المثل الشعبي الدارج لكن فجأة يكتشف أنه كان ضحية لنصاب استخدم فهلوته في الحصول على ما يريده وهو مال الضحية ثم اختفى وكأن الأرض انشقت وابتلعته، وقتها يجلس الضحية وهو يؤنب نفسه على ما حدث له من هذا الفهلوي لكن بعد أن يكون كل شيء انتهى وضاعت تحويشة العمر.

الفهلوي له طرق كثيرة لتحقيق ربح سريع مستغلا أزمة ما كما فعل ذلك الشخص في المرج الذي احضر سلما خشبيا اسفل الطريق الدائري حيث وضعت المحافظة أسوارًا عالية في أحد الاماكن حتى تمنع المرور العشوائي على الدائري لتقليل الحوادث التي تحدث في ذلك المكان نتيجة للأعمال الإنشائية التي مازالت مستمرة لتوسعة الطريق، ليقوم ذلك الشخص بفرض تسعريرة للصعود على الطريق أو النزول منه للأهالي الراغبين في صعود الدائري من ذلك المكان، التعريفة التي ابتدعها ذلك الشخص هى جنيه لكل من يريد الصعود ونصف جنيه لمن يريد النزول.

تلك الفهلوة اكسبت ذلك الشخص أموالا كثيرة من الهواء كل يوم أي أنه فكر واستغل الموقف جيدا وأصبح هناك مساعدون له، المفارقة أن هناك من استغل فهلوة هذا الشخص، وفتح بجانبه «فرشة» صغيرة لبيع الأشياء وتحول المكان إلى سوق عشوائي صغير بفضل ذلك الفهلوي الذي ابتدع الأمر في بدايته.

 تحليل نفسي وقانوني 

ماذا يقول الطب النفسي والقانون في هذا الشأن؟!

يجيب الدكتور امجد عبد الحميد استاذ الطب النفسي قائلا؛ الفهلوة هو مصطلح مصري صرف رغم أنه في كل مجتمع في العالم ستجد من يحاول تشغيل دماغه في الحصول على مكاسب سريعة بأي طريقه مستخدما الفهلوة لكن المصطلح نفسه مرتبط بالمصريين، وهو مثل الميكروب أو الفيروس الذي ينتشر فعندما يقوم أحد بعمل فهلوي ستجد أن هناك آخرين يريدون أن يقلدوه حتى لو كان خطأ.

ويؤكد استاذ الطب النفسي إلى أن غياب دور الأسرة والمدرسة ودور العبادة مع السرعة الكبيرة في الحياة والمجتمع أصبح الإنسان يتعلم من الحياة وما يواجهه في الشارع ويتطبع بما يراه وهو ما ساعد في انتشار الفهلوة والرغبة في الحصول على أي مكسب سواء كان بطريقة حلال أو حرام لا تفرق معه المهم هو الحصول على المال.

ويشير إلى أن الثقافة السائدة ساعدت على انتشار نظام الفهلوة في الحياة، فأصبحت كلمة فهلوي تطلق على الشاطر واللي بيلعب بالبيضة والحجر والذي لايوجد في قاموس كلماته عبارة لا أعرف فكل شيء يحاول أن يستغله من اجل مصلحته، فهو الخبير الاقتصادي التعليمي الصحي الرياضي أي شيء ستجد الفهلوي يحاول أن يستغله لصالحه لكي يجعل ضحاياه يقعون في براثنه بعد أن يثقوا في ثقته بنفسه ففي بعض الأحيان نجد أن الضحايا رغم خسارتهم يحاولون أن يجدوا لمن ضحك عليهم عذر نتيجة لغسيل الدماغ الذي فعله ذلك النصاب الفهلوي لضحيته.

أما عبد المجيد احمد المحامي بالاستئناف فيرى؛ أن كثيرًا من أفعال الفهلوي لايحاسب عليها قانونيا لكن يتم محاسبته على انتحال الصفة أو النصب مثلا وليس الفهلوة وهناك البعض مثل من احضر السلم لكي يحصل على المال في المرج كيف سأعاقبه قانونيًا وان وجدت مادة في قانون ستكون مثلا اشغال طريق وليس أكثر من ذلك، وهناك من يستخدم فهلوته في العمل مثلا كيف سيتم معاقبته فلا وجود لقانون يعاقب الفهلوي على فهلوته ولا أعتقد أنه سياتي اليوم الذي سيكون فيه قانون للفهلوة إذ أن الفهلوة مثل الهواء موجودة ولكن لانستطيع أن نمسك احد ونتهمه بجريمة الفهلوة.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة