سينما حسب الطلب
سينما حسب الطلب


مع غزو الذكاء الاصطناعى: سينما حسب الطلب لمن يهمه الأمر

أخبار النجوم

الأحد، 12 ديسمبر 2021 - 01:00 م

كتبت: ريزان العرباوى

مع غزو الذكاء الاصطناعى الذى استطاع أن يفرض نفسه وبقوة على صناعة السينما دوليا وعالميا, ومع دوران عجلة التكنولوجيا التى تمضى وبقوة فى إحداث تغيير جذرى لمفهوم مشاهدة الأفلام عبر الأجهزة المنزلية, تم ابتكار بعض التطبيقات الإلكترونية التى تتيح للمشاهد التحكم فى مسار الفيلم وابتكار نهايات جديدة بل وتغيير فى شخصيات العمل وأماكن التصوير, كما تمكنه عبر العالم الإفتراضى من مشاركة الأبطال والدخول إلى عوالم الفيلم ليصبح جزء منه، فهل تتعارض تلك التطبيقات مع حقوق الملكية الفكرية لصناع العمل الفنى, وما مدى تأثير الإبحار فى تلك الإستخدامات؟ وسؤال آخر يفرض نفسه, هل من الممكن أن تتحول الإبداعات البشرية إلى كابوس وخطر على العنصر البشرى ليحل محلة قاعدة بيانات وحزمة معلومات, لتعتمد صناعة الفن فى المستقبل على العقل الإلكترونى فى مختلف جوانبها؟.

لتحويل الأفلام السينمائية إلى أفلام تفاعلية تم ابتكار عدة تطبيقات إلكترونية, ليصبح التطبيق كما لو كان منصة للعرض حسب الطلب, وابتكر فريق بحث أمريكى تقنية تسمى “ست درجات من حرية الحركة” تم استخدامها فى أحد الأفلام العالمية, وأتاحت التقنية للمشاهد التحرك ماديا وفعليا فى عالم الفيلم ليتمكن المشاهد من خلال نظارات الواقع الافتراضى من التحكم بقدر أكبر فى أحداث الفيلم واختيار اللقطات التى يشاهدها حتى ينغمس تماما فى التجربة.

ومن التطبيقات أيضا, تطبيق يتيح للمستخدم إعادة تكوين مشاهد الأفلام التي يشاهدها لكي تحدث في المكان الذي يريده, لتتلاشى فكرة مشاهدة الفيلم الواحد في أي مكان في العالم بنفس الأحداث والمشاهد.

ونقلا عن أحد المواقع المتخصص في موضوعات التكنولوجيا, فإن المستخدم يمكنه إلتقاط صور بانورامية لمنزله أو للأماكن المحيطة به مثلا باستخدام هاتفه الذكي, ثم يستخدم التطبيق الجديد لتحويل الصور العادية إلى صور ثلاثية الأبعاد, ليتم دمجها في أحداث الفيلم, وهو ما يعني أن المستخدم سيشاهد الفيلم بطريقة مختلفة تماما عن الفيلم الأصلي.

ومنذ عامين تقريبا تعاونت “فوكس سينما” مع شركة الترفيه والتكنولوجيا “كينو إندستريز” لتقديم أول تجربة فيلم تفاعلي , “CTRL” فى المنطقة, بعنوان استهدفت تلك التجربة إتاحة الفرصة لرواد السينما من تحديد مصير الشخصية الرئيسية ومسار الفيلم باستخدام نظام تصويت بسيط على أحد التطبيقات يتم تحميله عبر “آبل” أو “آندرويد”.

ومع تطور أحداث الفيلم, تظهر إجابات متعددة على شاشة السينما وهاتف كل ضيف في وقت واحد, ليصبح أمامهم ثلاث ثوان لاتخاذ القرار بالتصويت على هواتفهم, وأخيرا يتم تحديد السيناريو الذي حصل على أعلى الأصوات.

كما طبقت التجربة أيضا شركة “نتفليكس”, إذ قدمت الشركة الأمريكية طريقة جديدة تماما لمشاهدة المحتوى, أطلقت عليها اسم “التلفزيون التفاعلي” لتغيير طريقة مشاهدة التلفزيون من خلال عرض فيلما يحدد المشاهد مسار أحداثه كما يضع نهاية الفيلم بنفسه بعدد من النقرات على اختيارات تظهر أثناء المشاهدة, وقالت شركة نيتفلكس إن الطريقة التفاعلية للفيلم تعمل على جميع أجهزة التلفاز الحديثة التى تملك تطبيق “نيتفلكس” وكذلك على أغلب أجهزة الكمبيوتر وأجهزة الألعاب مثل “البلاى ستيشن”.

تطبيق آخر أطلقته شركة صينية تحت اسم “زاو” والذى يمكن المشاهد من منافسة نجوم الأفلام العالمية ليحل محل بطل العمل, ويقوم التطبيق على تغيير فى الفديوهات مما يسمح للمستخدم بأن يصور نفسه فى صورة أى من الشخصيات والنجوم فى مقاطع من الأفلام السينمائية.

جانب إيجابى

يرى الناقد الفنى د.وليد سيف، أن ما تحدثه تلك التطبيقات الإلكتونية من تغير فى أصل العمل الفنى ليس له علاقة بالأفلام أو بالصناعة نفسها, هى مجرد ألعاب للترفيه وتسلية رواد العالم الافتراضى, ويقول: “الفكرة ليست مستحدثة فقبل 10 سنوات كان للمخرج سمير سيف تجربة فى هذا المجال ولكن المشروع لم يكتمل لظروف معينة, فهى تطبيقات متاحة فى دول الخارج، ويتم التفاعل معها بغرض التسلية فى محاولة لصنع فيلم من وجهة نظر كل مشاهد, وفى النهاية سيظل الفيلم قائما بذاته لن يتأثر بتغييرات فردية حتى ولو أتيحت فى دور العرض السينمائى, بالعكس فأنا أنظر للمسألة من جانها الإيجابى, فقد تتيح فرص للمواهب المغمورة من هواة الأفلام لإثبات موهبتهم فى حالة ابتكارهم لأفكار جديدة قد تكون أفضل من الأصل ذاته, لذلك أعتبرها بمثابة تدريب لكتاب السيناريو وتدريب لطرح أفكار إخراجية خارجة عن المألوف”.

ويضيف: “ففى مهنتنا عندما نقوم بتعليم أصول كتابة السيناريو للمتدربين نعلمهم كيفية إيجاد «فينال» جديد مختلف عن الأصل, وكيف يمكن استحداث وزراعة شخصيات إضافية, وأعتقد أن التطبيق الجديد سينقل فكرة المزج بين شخصيات الأفلام والأماكن الخاصة بالمستخدم إلى مستوى جديد من المشاهدة, على سبيل المثال فيما يخص أفلام الرعب, سيكون في مقدور المستخدم مشاهدة أبطال الفيلم الذي يحبه وهم يتحركون داخل منزله وبين غرفه, وهو ما يجعل الفيلم أكثر رعبا, فمن المؤكد أن العصر الرقمي بات يغذي شغفنا العالمي بالأفلام, فلقد أحدث الإنتقال التكنولوجى أثرا هائلا على قطاع الصناعة السينمائية, إذ أدى إلى تحسين النوعية ومكن في الوقت ذاته من خفض تكاليف الإنتاج وتقليص الوقت وتذليل العقبات التي تحول دون دخول الهواة وصانعي الأفلام من ذوي الميزانيات المحدودة إلى عالم الإنتاج”.

ويتابع: “كما أتاحت التكنولوجيا الرقمية فرصا عظيمة لإخال المؤثرات الخاصة, مما زاد من نمو أفلام الخيال العلمي والفنتازيا, وبفضل التكنولوجيا الرقمية أصبح أمام صانعي الأفلام الآن الأدوات التي تمكنهم من رسم عالم الخيال الذي تستكشفه شخصياتهم”.

وعن مدى تعارض ذلك مع حقوق الملكية الفكرية يقول: “هى مسألة تعود للصناع أنفسهم وكل فرد حر فى ذاته وقراره, ولكن المسألة بحاجة إلى تقنين وسن قوانين محددة لحفظ الحقوق فليس أسهل من توجيه الاتهامات بإفساد الأعمال وانحرافها عن مضمونها الأساسى أو استخدامها بشكل خاطئ, وبحكم كونها تطبيقات تخضع للمزاج الشخصى لذا وجب وجود قانون يحكمها”.

أما بالنسبة لمستقبل السينما فى ظل الثورة الرقمية, يقول: “ستحتفظ الأفلام بطبيعتها ورونقها وستظل تعرض على الشاشات, شأنها كشأن الراديو الذي لن يختفي من حياتنا, لكن صناعة الأفلام ستشهد تطورا لا محالة حيث ستعرض الأفلام تجارب مجسدة, تتيح للمتلقى التجول في جنباتها, والتفاعل معها في بيئة ثلاثية الأبعاد, والسينما مستقبلا لن تكون فنا بصريا فقط بل ستتحول إلى فن تفاعلى, وهذا هو الفرق بين سرد القصة, وبين معايشة تفاصيلها وتقديم تجارب خاصة مصممة وفقا لاختيارات كل مشاهد”.

انتهاك للثوابت

تختلف معه فى الرأى الناقدة الفنية ماجدة موريس, التى رفضت وبشدة فكرة التلاعب فى أصول الأعمال الفنية وتغييرها عن طريق التطبيقات الإلكترونية المختلفة, وتقول: “هى أفكار ضد الفن ومفهومه وصناعته حتى وإن كان ذلك بغرض مواكبة لغة العصر, فعند مشاهدة عمل فنى أشاهد خيال كاتب ورؤية مخرج أجتهد من أجل تطويع أفكار وقضايا معينة وترجمتها بلغة السينما والفن, وقضوا شهورا طويلة من الإعداد والتصوير للخروج بمنتج فنى يليق بالمشاهد ويحترم عقليته, ليأتى “أبليكيشن” وبضغطة زر يدمر كل هذا المجهود, فيجب تقدير ذلك وعدم انتهاك ملكيتهم الفكرية, لأنها تتعارض مع حقوق الملكية الفكرية, فمن الثوابت أن الكتابة والنص من حق المؤلف والرؤية الإخراجية من حق المخرج وحق الشركة المنتجة, وأنا أفهم أن المشاهد من المحتمل أن لا يعجب بنهاية عمل ما فيفكر مجرد تفكير بتغييره فى نطاق مخيلته الخاصة دون التنفيذ والنشر على وسائل التواصل الاجتماعى”.

وتضيف: “غالبا المستفيد هنا هو المشاهد غير المثقف وغير المحب للفن, فهى تطبيقات تستدف بعض الشباب المهووس بالتكنولوجيا, وبالرغم من تطبيق الفكرة فى سينمات بعض البلدان العربية إلا أنها لن تستمر طويلا من وجهة نظرى، ولن تلقى اقبالا جماهيريا كبيرا كما هو معتقد لدى البعض حتى مع إقبال بعض الفنانين أنفسهم وتغيير نهايات أعمالهم التى ربما فرضت عليهم من قبل الخرج ولم يعجب بها, فهى لعبة لن يكتب لها النجاح والاستمرار وفقا لثوابت الفن وطرق التعامل معه ولن تؤثر على الفن الذى سيظل محتفظا بكيانه ووظيفته كونه المتنفس للباحثين عن جرعات من الجمال والسلام الفنى والثقافى, ويمكن القول بأنها ألعاب لمن يهمه الأمر”.

وتتابع: “لا يمكن انكار فوائد التطورات التكنولوجية المتلاحة والتى فتحت أفاقا هائلة في مجال صناعة الأفلام السينمائية, فمنذ عقود مضت تنبأ البعض بظهور أفلام بتقنية الواقع الافتراضي تتيح للمشاهد الانغماس كليا في الفيلم السينمائي، وها نحن نعيش ذلك الآن, إلا أنها خطيرة لأن المخرج سيكون أقل تحكما في مجرى أحداث الفيلم مقارنة بالأفلام غير التفاعلية, لما يتيحه من حيز كبير من الحرية للمشاهد لتغيير أحداث الفيلم وقت عرضه وفقا لأهواءه”.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة