سرقة ساعة بنصف مليون يورو
سرقوا ماركات عالمية تقدر بمئات الآلاف من اليورو
فرنسا| مافيا الساعات العالمية تؤرق شرطة باريس والدول المجاورة
الأحد، 12 ديسمبر 2021 - 02:37 م
مي السيد
احتلت فرنسا منذ عشرات السنين مركزًا متقدمًا بين دول العالم، فى صناعة وإنتاج الساعات، بل وأصبحت شركاتها رقم واحد تقريبًا على مستوى القارات السبع.. فمن كارتييه إلى ديور وشانيل، تتميز باريس بإنتاج تلك السلعة التى يرتديها تقريبا ثلاثة أرباع سكان العالم.
وتعتبر منطقة فرانش كومتيه هى المكان الذى تنطلق منه تلك الصناعة العالمية التي بدأت فيها عام 1880 ميلاديًا، حيث تنتج ما يقرب من 90% من تلك الساعات الفاخرة.
وعلى قدر أهمية تلك الصناعة وما تحققه من مكاسب مهولة سنويًا، وعلى قدر ما تمتلكه من صناع مهرة، تجد فى المقابل محتالون مهرة تخصصهم الوحيد كيفية سرقة تلك الساعات من رجال الأعمال والمحلات، والتى تقدر أسعارها بالملايين.. وهو ما حدث خلال الأيام الماضية داخل فرنسا وأصبحت مافيا سرقة الساعات تؤرق الشارع الفرنسى والمواطنين، حيث ازدادت حالات السرقة للمحلات والأفراد بصورة كبيرة، الأمر الذى رجحه البعض بظهور مافيا جديدة للساعات فى فرنسا.
مافيا
لم تكن حالات السرقة التى وقعت الأسبوعين الماضيين، مجرد سرقات عابرة تمت من بعض الهواة، وهو ما ظهر جليًا فى طريقة تنفيذ تلك العمليات، حتى الصغيرة منها، الأمر الذى جعل الشرطة الفرنسية حتى الآن، لم تتمكن من حل لغز أى من تلك الجرائم، والتى اتسم أصحابها بالذكاء الشديد.
ورغم أن الشرطة فى النهاية ستتمكن من تحديد هوية الجناه، إلا أنه يبقى أن دقة التخطيط وحكمة التنفيذ، جعلت الأمر أكثر صعوبة على رجال الشرطة الفرنسية، الذين شكلوا فرق من المباحث والأمن الداخلى من أجل حل لغز تلك القضايا، والتى ربما لم تكن الأولى خلال الأعوام الماضية.
عصابات
كما دخلت جنيف ثانى أكبر مدينة فى سويسرا على خط ارتكاب جرائم سرقات الساعات، والتى تعتبر قريبة من حيث اللغة وطريقة العيش لفرنسا، ورغم اختلاف طريقة ارتكاب الجرائم، والتى تمت على شكل مجموعات فى إحداها، وبطريقة فردية فى حادثة أخرى، إلا أنه أيضا يبقى هناك اتفاق ليس بمكتوب بين تلك العصابات الإجرامية، وهو السرعة فى العمل والدقة فى التنفيذ، ففى الجريمة الأولى التى تمت فى جنيف مازالت قوات الشرطة تحقق فيها نجد أن ارتكابها تم بطريقة متهورة نسبيًا، ولكن محكمة وسريعة فى نفس الوقت.
فقد كان الليل على وشك الانتهاء، ومع قرب بزوغ الفجر فى وسط مدينة جنيف، حيث جميع المتاجر قد أغلقت أبوابها منذ ساعات، والشارع لا تسمع فيه سوى أصوات رياح الشتاء القارس، وجميع المواطنين داخل منازلهم، ولا تسمع سوى دوريات الشرطة ما بين حين وآخر، عندما جاءت سيارة مسرعة يستقلها شخصان، يعرفان مكان توقفهما بالضبط.
وأمام متجر زينيت التابعة لمجموعة ال فى ام اش الفرنسية، توقفت السيارة، حيث ترجل منها شخصان، طبقا لروايات الشرطة، وهدفهما واحد، هو الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الساعات الثمينة الفاخرة المتواجدة داخل ذلك الفرع، والفرار دون إحداث ضجة وهو ما تم بالفعل.. وفى أقل من 10 دقائق كانت أبواب المتجر قد تم فتحها على مصراعيها، أو بمعنى أدق تم كسرها، وأصبح الجناه لا حائل بينهم وبين الساعات الثمينة، حيث شرعوا فى الاستيلاء على كل شيء أمامهم، وخلال مدة قصيرة، كانوا قد جمعوا أغراضهم وفروا بالغنيمة التى كانت معروضة داخل المتجر الشهير ومن ثم تمكنوا من تنفيذ خطتهم وعلى الفور لاذوا بالفرار.
بعد ساعات اكتشفت الشرطة الواقعة، عقب إبلاغ العاملين بالمتجر الجريمة، وتبين من خلال التحقيقات أن الجناه تمكنوا من سرقة 30 ساعة عالمية تقدر قيمتها بملايين الفرانكات السويسرية أى ما يقارب 800 ألف يورو، وهو الأمر الذى أدى إلى حدوث حالة من الاستنفار فى كافة شوارع المدينة للبحث عن الجناه بأى ثمن.
بعد ساعات من البحث والتحرى، ومراجعة كاميرات المراقبة، حددت الشرطة شكل السيارة المستخدمة فى الحادث، دون معرفة هوية الجناه، وتم البحث عن أوصافها فى جميع الشوارع والميادين وبالفعل تم العثور عليها من قبل الشرطة، ولكن بعد فوات الآوان، حيث كان الجناه قد فروا بالمضبوطات.
على إثر ذلك قامت الشرطة بتوسيع نطاق البحث داخل المدن الأخرى القريبة من المدينة، حتى أنهم وخوفًا من تسللهم خارج البلاد تم إطلاق إنذار عابر للحدود بهدف تضييق الخناق عليهم، ومنعهم من الخروج بتلك الغنيمة الثمينة خارج البلاد.. هذا الحادث كشف عن أن مصنع زينيت الأم الواقع فى منطقة لوكل في مدينة كانتون نوشاتيلن كان قد تعرض العام الماضى لمحاولة سطو أيضا، واستخدم فيها نفس الأسلوب عن طريق سيارة.
عصابة إيطالية
أما الجريمة الأخرى، التى تمت على الأراضى الفرنسية، فكان أصحابها أوفر حظًا من قرنائهم بجنيف، فكان الرصد والتتبع لشخص وليس متجرًا، وهو الأمر السائد فى فرنسا، حيث يستخدم سارقو الساعات الثمينة والفاخرة دراجات نارية وسيارات بدون لوحات تسجيل، وغالبا ما يتم استهداف من يرتدى ساعة ثمينة.
ففى تلك الواقعة كان رجل أعمال روسى يعيش فى مدينة الريفييرا الفرنسية بمنطقة كان، عائدًا إلى منزله فى ساعة متأخرة من الليل بعد الإنتهاء من قضاء سهرة عطلة الأسبوع برفقة أصدقائه.. وكان مظهره يدل على أنه رجل ثري جدا.. حيث يستقل سيارة فاخرة من طراز بنتلي.. ويضع على معصمه ساعة قيمة تقدر قيمتها بـ 550 ألف يورو.
كان أفراد العصابة المنظمة فى انتظاره مستقلين دراجات نارية، وبأسلوب المغافلة تمكنوا من انتشال الساعة، دون علمه، ولم يكتشف عدم وجود الساعة، إلا بعد عودته للمنزل حيث أبلغ الشرطة بما حدث، ولكن كانت الساعة من طراز ريتشارد ميل، وسارقوها قد اختفوا تماما.
الشرطة الفرنسية أعلنت أن تلك السرقة لم تكن الأولى من نوعها، ففى نفس الأسبوع خسر مواطن فرنسى آخر ساعة يده التى اشتراها بقيمة 70 ألف يورو.. وكشفت الشرطة أن من يقوم بتلك السرقات هم أفراد عصابة إيطالية متخصصين فى تلك الجرائم وسرقة الساعات الفاخرة والثمينة.
وكشف أحد المحققين التابعين للشرطة أن هؤلاء الجناه تمكنوا حتى الآن من الاستيلاء على ساعات بقيمة مليون يورو ومازال البحث عنهم جاريا فى مختلف أنحاء فرنسا.
ويبدو أن الأشياء الثمينة تكون محط أنظار العصابات فى فرنسا، حيث ناشدت أوركسترا الشانزليزيه، المواطنين عبر «تويتر»، قائلة؛ إن آلة كمان فقدت أثناء رحلة إلى باريس بعد حفل موسيقي فى بواتييه، وقال ديفيد رافيو، مدير الإنتاج بالأوركسترا؛ إنه عند الوصول إلى محطة مونبارناس فى باريس، لاحظ الموسيقي اختفاء آلته الموسيقية التى يمتلكها منذ 15 عاما.
اقرا ايضا| سلاح الفوضى.. هل يتمكن اليمين الفرنسي المتطرف من إسقاط الحكومة!| تقرير
وتبلغ قيمة الكمان عشرة آلاف يورو، حيث اختفت أثناء رحلة صاحبه العازف الإيطالى على متن قطار فائق السرعة فى فرنسا، وتبين أن ذلك الكمان تاريخى، فهو من صنع أوجينيو ديجانى، وهو صانع آلات وترية مخضرم فى أواخر القرن التاسع عشر.
ويبدو أن سرقة الساعات الثمينة انتشرت فى الآونة الأخيرة داخل فرنسا مما جعلت المواطنين ينتابهم الخوف والذعر من هذه العصابات وأصبحت المتاجر والمحلات تأخذ حذرها أكثر؛ فحتى الأن لم يتم القبض على الجناه لكن الشرطة تقوم بالبحث والتحريات وتضع الخطط للوصول للجناة والإمساك بهم.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة