عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

الكتب السرية!

عمرو الديب

الأحد، 12 ديسمبر 2021 - 08:07 م

عرفته جهولًا، لا يقرأ ولا أظنه اطلع على عشرة كتب كاملة فى حياته الخالية من أى معنى،  ولكنه وياللعجب أقحم نفسه على عالم الكتابة، وتطفل على دنيا الثقافة كسبوبة للارتزاق قد تكون أكثر ربحًا من مجالات عديدة تلفظ دائمًا الدخلاء عليها، ووحدها الأوساط الثقافية أضحت نهبًا مستباحًا لكل من هب ودب، ومنهم هذا الدخيل المتطفل إياه بجهله ووضاعته، وقد تمكن صاحبنا من التسلل إلى المؤسسات الثقافية ودور النشر الكبرى، وتجرأ الموبوء بالجهل على اقتحام عالم الكتابة مؤلفًا لعدة كتب لا تضيف جديدًا، ومنذ أسابيع التقيت أحد المخدوعين فيه على الرغم من ثقافته الواسعة، وقد أخبرنى أن المدعى إياه ألف كتابًا جديدًا من شهور، وكأنه وضعه فى الظلام، وكتبه فى السر، لأنه يعرف تفاهة محتواه التى هى نتاج طبيعى لتفاهة نفسه، والحكاية أن ذلك المتطفل يريد أن يذكر فى سيرته الذاتية أنه مؤلف لعدة كتب، ويعدد عناوينها فى الصحيفة الدعائية لشخصه الوضيع، فليس المهم قيمة الكتب التى يؤلفها، بل المسألة فى العدد.. فى الكم الفارغ، وتضم سيرة الجهول عناوين أربعة كتب لا يعلق بالذهن أى منها ولا يبقى من أثرها شئ، وستسقط بلا شك من ذاكرة المكتبة العربية لأنها ليست ثمرة جهد أصيل،  أو نتاج فكر عميق أو خيال محلق بل هى أوراق مسودة بالسطور المنقولة، ومجرد تلفيقات من الصفحات، وحتى لا تسقط فى يد ناقد ذى ضمير حى قد يفضح سطحيتها، يتكتم المؤلف الزائف الجهول أمر كل كتاب جديد يصدره، فتبدو وكأنها كتب سرية يحرص مرتكبوها على إخفائها، ولأن الشئ يعرف أكثر بنقيضه، ففى الوقت الذى ذكرنى صديقى المثقف بأمر هذا المدعى انتهيت من قراءة رواية «رأس الأفعى»  لزميلنا الناقد الرياضى النابه عصام عبد الحافظ.. التى أهداها إليّ منذ نحو شهرين، ولكن للأسف لم أتمكن من قراءتها إلا مؤخرًا بسبب انشغالى بعشرات الكتب التى تجب قراءتها، وإذا بى أمام أديب متمكن من أدواته يعرف كيف ينسج عالمه ويعد مسرح أحداثه ثم يطلق الخيوط لتمتد فى سلاسة وبراعة لترسم  لوحته الختامية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة