قال الشعب اليوناني كلمته في استفتاء هو الأول من نوعه علي «هل يقبل اليونانيون بشروط البنك الدولي والاتحاد الأوربي في سداد الديون أم لا ؟». وأهم هذه الشروط هو مزيد من التقشف. لا يهمني كيف وصلت اليونان إلي هذا الوضع الصعب ، ولا أخطاء حكوماتها في التعامل مع الاتحاد الاوربي وفقا لشروطه وشروط البنك الدولي. يهمني هو ماحدث من استفتاء أول معانيه هو فهم الشعب للشروط المجحفة للديون التي كانت من قبل طريقا لخروج اليونان من أزمتها فضاعفتها. ثان معانيه وأهمها أن ليس كل ما يفعله المقرضون في العالم جميل وعلي رأسهم البنك الدولي. حين سأل مهاتير محمد هل ماحدث من تقدم في ماليزيا كان له علاقة بالبنك الدولي أجاب أنه رفض كل شروطه ولم تأخذ ماليزيا منه أي مساعدة. طبعا لوقلت أن تاريخ البنك الدولي معنا في مصر أسود منذ الخمسينيات من القرن الماضي سيقول أكثر من خبير اقتصادي أنه لامفر أمام مصر غير المساعدات الأجنبية. الاستثمار الأجنبي الذي بلغ خضوع الحكومة له إلي الحد الذي جعلت له من قبل كل التسهيلات ثم زادت منها مع المؤتمر الاقتصادي الأخير فخفضت الضرائب والله أعلم ماذا قدمت أيضا والنتيجة أنه لاشئ حدث غير ما نسمعه عن توقف المفاوضات مع الإمارات حول تنفيذ العاصمة الجديدة لأن الشركات المنفذة أرادت أن تتقاضي قروضا من البنوك المصرية للتنفيذ. الآن موقف الشعب اليوناني وضع الاتحاد الأوربي بالذات في ورطة فديون اليونان وصلت إلي أكثر من ثلاثمائة مليار يورو. واليونانيون لن يدفعوها إلا بشروطهم وأهمها تخفيضها ثلاثين بالمائة ثم إعادة جدولة دفعها. يقال أنه يمكن بذلك أن تخرج اليابان من منطقة اليورو وتبحث لها عن عملة جديدة بعيدا عن الاتحاد الأوربي. يمكن أن يحدث ذلك حقا لكنه لوحدث ستخرج فيما بعد دول أخري مدينة مثل إيطاليا وأسبانيا. وهكذا ينفرط الاتحاد الأوربي سياسيا. هناك الآن مفاوضات لحل الازمة وأي نتيجة يصلون اليها ستكون في صالح اليونان وإلا فستكون العواقب وخيمة علي أوربا التي انهار فيها بعد الاستفتاء سعر اليورو أمام الدولار بشكل كبير ويزداد انهياره. الاستفتاء هنا مسألة ذكية من حكومة ألكسيس تسيبراس الاشتراكية. لقد وضع الشعب في مواجهة طمع المقرضين ، أوربا أو البنك الدولي. وهو بهذه الخطوة يعلن حربا مضمرة علي شروط المقرضين سيكون لها تأثيرها. إذن الخروج من ذل الحاجة أمر ممكن. ولقد رأيناه في مصر حين ساهم الشعب وليس أي دولة أخري في مشروع قناة السويس الجديدة وفي زمن قياسي. الفائدة التي ستعود علي الناس أهم من الفائدة التي تعود علي المقرض الأجنبي فهي في النهاية ستكون في السوق المصرية. درس اليونان ودرس قناة السويس يمكن أن يكونا مفيدين جدا لمن يريد. إطلاق يد المجتمع المدني في بناء هذا البلد هو أسلم طريق للخروج من مأزقها لأنه في النهاية يصنع مشروعاته بنصف تكلفة المشروعات الحكومية التي تقترض من أجلها ، وأفضل منها. ماحدث في اليونان لن يجعل اليونان دولة شيوعية مثلا وماحدث في قناة السويس لم يجعل مصر دولة شيوعية. كان لدينا مشروع صغير هو إضافة خمسة بالمائة ضريبة علي الأرباح التي تزيد علي مليون جنيه لمدة ثلاث سنوات ، وكان شرطه أن أصحابه لن يقدموها نقدا للدولة لكن يقيمون بها مشروعات يسلمونها للحكومة لكن الحكومة ألغته مع تخفيض الضرائب الذي حدث أيضا. الحكومة تريد أن تفعل هي كل شئ حتي لو اقترضت من البنك الدولي والدول الأجنبية. وطبعا لن يحدث في مصر استفتاء علي ذلك مثل اليونان.